أمواج تضع حجر الأساس لمركز الزوار ومصنع "عين دوكة" في محمية وادي دوكة لأشجار اللبان

مزاج السبت ١٥/نوفمبر/٢٠٢٥ ١٧:٢٨ م
أمواج تضع حجر الأساس لمركز الزوار ومصنع "عين دوكة" في محمية وادي دوكة لأشجار اللبان

صلالة - خالد عرابي

احتفلت شركة أمواج العالمية للعطور مساء أول أمس بوضع حجر الأساس لـ "مركز الزوار" و"مصنع عين دوكة" في محمية وادي دوكة لأشجار اللبان بولاية ثمريت بمحافظة ظفار - والمسجلة ضمن قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو- وذلك بموقع المحمية بالتعاون مع وزارة التراث والسياحة، ويهدف المشروع إلى إبراز مكانة سلطنة عُمان على خارطة السياحة الثقافية واستقطاب الزوار داخليا وخارجيا.

أقيم الاحتفال تحت رعاية صاحب السمو السيد مروان بن تركي آل سعيد، محافظ ظفار، وبحضور سعادة المهندس إبراهيم بن سعيد الخروصي، وكيل وزارة التراث والسياحة للتراث، والسيد خالد بن حمد البوسعيدي، رئيس مجلس إدارة أمواج، والسيد أيمن بن حمد البوسعيدي، نائب رئيس مجلس الإدارة، بالإضافة إلى عدد من أعضاء الإدارة التنفيذية.

وألقى السيد خالد بن حمد البوسعيدي، رئيس مجلس إدارة أمواج كلمة أشار فيها إلى أنّ المشروع يعكس قيم سلطنة عُمان في احترام الطبيعة ويجسد حضورها على الساحة العالمية . وأضاف السيد خالد قائلا: " يُعدّ تأسيس "عين دوكة" امتدادًا لمسيرة أمواج في صون محمية وادي دوكة والمحافظة على إرثها العريق، ونُدرك تمامًا حجم المسؤولية الملقاة على عاتقنا في إدارة موقعٍ مدرجٍ ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، وما يمثّله من قيمةٍ لعُمان وللتراث الإنساني على حدٍّ سواء. ونسعى أن يصبح هذا المشروع مرآة لقيم عُمان في احترام الطبيعة وتجسيدًا لإبداعها وحضورها على الساحة العالمية."

اللبان كرمزٍ من رموز عُمان

وبحسب البيان الصحفي: ستضم محمية وادي دوكة "مركز الزوار" ومصنع "عين دوكة"، لتكون فضاءً يجمع المشاريع والمبادرات التي تحتفي باللبان علمياً وثقافيا وفنيا. فمن علم الأحياء والآثار إلى العادات والتقاليد، ومن الفنون إلى تحديات الحاضر وتطلعات المستقبل، يُجسد هذا المكان رؤية شاملة تبرز أهمية اللبان كرمز من رموز عمان، وجسرٍ يصل بين المعرفة والتراث والإبداع. وتم تصميم عين دوكة لتأخذ الزوّار في رحلةً إلى عوالم اللبان العُماني عبر التاريخ، ليتعرّفوا من خلالها على مسيرته التي عبرت القارات، وعلى أدواره المتعدّدة في حياة الإنسان منذ القدم، من التداوي والتجارة والعلاقات بين الحضارات، إلى مكانته في فنّ العطور الذي حمل عبيره إلى العالم. كما وتضمّ التجربة قاعةً تفاعلية بطلها اللبان كأحد أقدم أشكال العطور التي عرفها الإنسان.

وأضاف البيان: سيكون مصنع "عين دوكة" بالمحمية لاستخلاص زيت اللبان من الراتنج، ليُعاد في هذا المكان إحياء الحرفة التي شكّلت عبر العصور جوهر صناعة العطور في عُمان. وقد صُمّم المصنع ليتيح للزوار مشاهدة عملية الاستخلاص عن قرب، ومتابعة كيف تتحوّل قطرات اللبان إلى الزيت العطري الذي تروي به أمواج قصصها. كما يضمّ المبنى مقهى وبوتيكًا يُكملان تجربة الزائر في رحلته إلى عالم اللبان وأمواج.

ويأتي هذا المشروع ليُضيف بعدًا جديدًا لسلطنة عُمان ولمحافظة ظفار، من خلال إبراز مكانتها على خارطة السياحة الثقافية واستقطاب الزوّار من داخل المنطقة وخارجها. كما يمنح عُمان نافذةً تُطلّ منها على العالم لتروي حكاية اللبان العُماني، هذا المكوّن الذي شكّل عبر العصور جزءًا من هوية البلاد وإرثها الإنساني. ومع عين دوكة، سيغدو وادي دوكة وجهةً يلتقي فيها الجمال الطبيعي بالإبداع المعماري، ويجتمع فيها عبق الماضي بنبض الحاضر، في تجربةٍ تعبّر عن روح المكان ومعناه.

عمق العلاقة بين الأرض والعطر

وقال رينو سالمون، المدير الإبداعي في أمواج: "كانت رؤيتنا لعين دوكة واضحة منذ البداية. أردناه مكاناً يعكس جمال البساطة وعمق العلاقة بين الأرض والعطر. فالتصميم يبدو وكأنه ينمو من طبيعة المكان ويتناغم معها، ليجمع بين الأصالة وروح المعاصرة في شكل هادئ يحمل جوهر عُمان. ولذا، راعينا توفير مساحات مفتوحة لتضفي شعوراً خاصاً وتترك طابعاً يعبر عن شخصية الدار وطبيعة الأرض وتتيح للحرفة العُمانية أن تكون جزءاً أساسياً من التجربة؛ حيث يرى الزائر كيف يتحوّل اللبان من مادته الطبيعية إلى عطر بنغمات دافئة ومميّزة. أما مركز الزوار، فقد صُمم ليكون واحة للتأمل، يتباطؤ فيها الإيقاع، ليمنح كل زائر فرصة لعيش التجربة والتقرّب أكثر من عالم اللبان."

وأوضح سالمون أن مصنع عين دوكة سيعمل على استخلاص زيت اللبان من "الراتنج" إذ صُمّم المصنع ليتيح للزوار مشاهدة عملية الاستخلاص عن قرب، ومتابعة كيف تتحوّل قطرات اللبان إلى الزيت العطري.

وأشار إلى أن تصميم المبنى استُلهم من طبيعة الوادي ليبدو امتدادًا له، لا بناءً قائمًا فيه. وقد تولّى تصميمه استوديو جيو فورما من ميلانو، مستعينين بتضاريس ظفار وألوانها ولغة صخورها ليصوغوا منها معمارًا ينسجم مع الأرض ويُعبّر عنه.

محمية وادي دوكة

تُعدّ محمية وادي دوكة الطبيعية واحدة من أربعة مواقع في محافظة ظفار تُشكّل معًا ما يُعرف بـأرض اللبان المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو. ومنذ عام 2022، تتولّى أمواج، دار العطور العالمية الفاخرة والمستقلة، رعاية وادي دوكة بموجب اتفاقيةٍ مع وزارة التراث والسياحة تُعنى بحماية الموقع وتطويره بأسلوبٍ يحترم طبيعته ويصون إرثه. ومن خلال هذه الشراكة، تعمل أمواج على تأسيس منظومةٍ مسؤولةٍ ومستدامةٍ لاستخلاص اللبان، وتحويل الوادي إلى وجهةٍ تضمن حماية هذا الموروث ودراسته والاحتفاء به.

في محمية وادي دوكة، يتجلّى المعمار كامتدادٍ للأرض التي تحتضنه؛ تتماهى ألوانه وتفاصيله مع طبيعة الوادي المدرج على قائمة التراث العالمي لليونسكو، فيبدو من بعيد كصخرةٍ ناعمةٍ صاغها الزمن وتركها لتروي حكاية الأرض. ومع الاقتراب، تظهر هندسته الدائرية المستوحاة من التواصل بين الإنسان والطبيعة، شُيّد بتربةٍ مضغوطةٍ وحجرٍ جاف، وتكسوه ألوانٌ صحراويةٌ دافئة تمتد نحو آفاق جبال القرى. ومن الأعلى، تتجلّى "عين دوكة" كعينٍ حيّةٍ ترنو إلى الوادي وتحرسه، شاهدةً على المكان والزمان.

لم تكن رؤية هذا المشروع وليدة اللحظة، بل رافقت أمواج منذ بدايات التخطيط لفكرته، موجِّهةً جهود المعماريين والفِرق الإبداعية في رسم ملامحه. واليوم، تتوَّج هذه المسيرة بحفل وضع حجر الأساس لمركز الزوار ومصنع عين دوكة.

توازنٍ دقيق بين المعمار والطبيعة

وعن فلسفة المشروع وعلاقته بالمكان، قال معماريّو جيو فورما: "جاء تصميم مبنى عين دوكة ليعبّر عن توازنٍ دقيق بين المعمار والطبيعة، فبُني على شكل دائرةٍ تحتضن في قلبها حديقةً لشجر اللبان، كرمزٍ للاستدامة واستمرارية الحياة. وتنفتح واجهات المبنى بإطلالاتٍ خلابة، بينما ينحدر منه درجٌ حجريٌّ منحوتٌ في الصخر ليربط الزائر بالوادي. وقد استُخدمت في إنشاء عين دوكة موادّ محليّة وعناصر مستدامة لصوغ ملمسٍ يحمل طابع الأرض، فيما استُلهمت بعض تفاصيله من راتنج اللبان ليمنح الزائر تجربةً حسّيةً هادئة، تنبع من صميم الوادي وخصوصيّته."

تمتدّ علاقة أمواج بمحمية وادي دوكة لأبعد من حدود المشروع، فهي التزامٌ طويل الأمد بالحفاظ على هذا الإرث الطبيعي وتنميته بأسلوبٍ مستدامٍ وأخلاقي يضمن له الاستمرار والتجدّد. وعن هذا، قال ماثيو رايت، رئيس مشروع وادي دوكة: "سعينا إلى بناء وجهةٍ استثنائية تعبّر بذوقٍ وشغفٍ عن جمال وادي دوكة، وعن الإنسان الذي عاش فيه قرونًا، وعن دوره التاريخي كمصدرٍ للّبان منذ العصور القديمة. وفي الوقت نفسه، صُمّم المركز ليجسّد خبرة عُمان العريقة في فنون العطور، وليبقى شاهدًا على هذا الإرث لعقودٍ قادمة. نأمل أن يترك هذا المشروع بصمته في نفوس الزوّار من عُمان والعالم، بما يعكس مكانة الوادي وجماله الفريد."

رؤيةٍ تقودها أمواج للحفاظ على هذا الإرث الطبيعي

يشهد وادي دوكة اليوم تقدّمًا ملموسًا في مسيرة تطويره ضمن رؤيةٍ شاملة تقودها أمواج للحفاظ على هذا الإرث الطبيعي وإدارته بأسلوبٍ حديثٍ ومستدام. فقد جرى تحديد مواقع ما يقارب خمسة آلاف شجرة لبان باستخدام تقنية التتبّع الجغرافي، ليُصبح وادي دوكة أول غابة ذكية في منطقة الخليج. وفي مارس 2025، تم تشكيل مجلسٍ علميٍّ استشاريٍّ يضم نخبةً من الخبراء، يتولّى متابعة أعمال التطوير وتقديم التوجيه لضمان توافقها مع أعلى معايير الاستدامة. وفي أغسطس من العام نفسه، نال الموقع شهادة اعتمادٍ دولية من مؤسسة فيروايلد تأكيدًا على التزام أمواج بممارسات الحصاد الأخلاقي والمسؤول، ليُصبح بذلك أول موقعٍ في شبه الجزيرة العربية يحظى بهذا الاعتراف الدولي، في إنجازٍ يُمهّد الطريق لمبادراتٍ مستقبليةٍ مماثلة في المنطقة.

وتعكس هذه الخطوات مجتمعةً التزام أمواج ببناء نموذجٍ يُحتذى به في الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية، يجمع بين الأصالة والابتكار ويحافظ على روح المكان ومعناه. ومن المقرّر أن تُفتح أبواب عين دوكة في ربيع عام 2027، لتقدّم للزوّار من داخل السلطنة وخارجها تجربةً متكاملة تجمع بين المعرفة والحسّ، وتُتيح لهم استكشاف عالم اللبان في موطنه الأصيل.