منتدى الأعمال العُماني ـ الروسي يؤكد على فتح آفاق جديدة للشراكة الاقتصادية بين البلدين

مؤشر الخميس ١٣/نوفمبر/٢٠٢٥ ١٨:٣٥ م
منتدى الأعمال العُماني ـ الروسي يؤكد على فتح آفاق جديدة للشراكة الاقتصادية بين البلدين

مسقط - خالد عرابي

عقد اليوم الخميس الموافق 13 نوفمبر 2025 بفندق جي دبليو ماريوت منتدى الأعمال العُماني ـ الروسي الذي نظمته غرفة تجارة وصناعة عُمان بالتعاون مع ووزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار ومؤسسة روسكونغرس الروسية، بحضور معالي قيس بن محمد اليوسف اليوسف وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، ومعالي مارات خوسنولين نائب رئيس وزراء روسيا الاتحادية، وسعادة الشيخ فيصل بن عبدالله الرواس رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عُمان، ورشيد تمريزوف  رئيس جمهورية قراتشاي ـ شركيس، وبمشاركة واسعة من كبار المسؤولين وأصحاب الأعمال والمستثمرين من كلا البلدين، حيث أكد المنتدى على فتح آفاق جديدة للشراكات الاقتصادية بين البلدين خاصة في قطاعات الطاقة والتكنولوجيا والاتصالات والبنوك والتمويل والتعليم والصحةوالصناعات الدوائية، بالإضافة إلى صناعة الطيران والفضاء، والتجارة والخدمات الاستشارية.

وأشار معالي قيس بن محمد اليوسف وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار إلى أن المنتدى يجسد عمق العلاقات الأخوية والتاريخية التي تربط بين سلطنة عُمان وروسيا الاتحادية، ويمثل فرصة لتعزيز التعاون المشترك وتبادل الخبرات، وبحث آفاق جديدة لدعم وترسيخ العلاقات الثنائية والشراكة في مختلف المجالات التي تسهم في تحقيق التنمية المستدامة، كما أن المنتدى يأتي في توقيت مميز بمناسبة مرور أربعين عامًا على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين سلطنة عُمان وروسيا الاتحادية.

وأضاف معاليه: "لقد شهدت علاقاتنا الثنائية نموًا مستمرًا، إذ بلغ إجمالي حجم التبادل التجاري بين البلدين مع نهاية عام 2024 نحو 340 مليون دولار أمريكي مرتفعًا بنسبة 62.3% خلال الفترة من 2020 - 2024، حيث أرتفعت بنسبة 44.1% في العام 2020 مقارنةً بالعام 2019، كما ارتفع عدد الشركات المسجلة باستثمارات روسية في سلطنة عُمان إلى 197 شركة بنهاية عام 2024 مقارنة بـ 90 شركة فقط في عام 2023، أي بزيادة تقارب 119%، وهذه الأرقام تؤكد ما يشهده التعاون الاقتصادي من ثقة متبادلة بين مجتمعَي الأعمال في البلدين ورغبة مشتركة في توسيع الشراكات المستقبلية".

وأضاف: "ارتفعت الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنهاية الربع الثاني من هذا العام بنسبة 12.8% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، حيث سجلت زيادات في حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في قطاعات النفط والغاز بنسبة 17%، والصناعات التحويلية بنسبة 12.5%، وقطاع الإنشاءات بنسبة 8.6%.، وبلغت نسبة النمو في حجم الاستثمار الأجنبي المباشر خلال الفترة من 2020 - حتى الربع الثاني من العام 2025م، 111.9%، وهي مؤشرات إيجابية تعكس متانة الاقتصاد العُماني وجاذبيته للمستثمرين الدوليين".

 

 

وقال سعادة الشيخ فيصل بن عبدالله الرواس رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عمان إن المنتدى يأتي في إطار السعي الدؤوب من قبل غرفة تجارة وصناعة عمان لتعزيز التعاون الدولي، وتوسيع قاعدة الشراكات الاقتصادية مع مختلف دول العالم، ويأتي هذا اللقاء ليجسد عمق العلاقات التاريخية بين البلدينالصديقين، ويؤكد التطلع المشترك نحو بناء مستقبل أكثر ازدهارا وتكاملا، يقوم على الاحترام المتبادل والمصالح الاقتصادية المستدامة.

وأكد سعادته أن سلطنة عُمان وروسيا الاتحادية تجمعهما علاقات راسخة الجذور تقوم على الاحترام المتبادل والتفاهم البناء، وقد شهدت هذه العلاقات تطورا ملحوظا في العقود الأخيرة في مختلف المجالات الاقتصادية مما يعكس حرص القيادتين في البلدين على الارتقاء بمستوى التعاون إلى آفاق أوسع، مبينا أن هذه العلاقات قد شهدت دفعة قوية بالزيارة التي قام بها مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم – حفظه الله ورعاه – إلى موسكو في أبريل الماضي، ومباحثاته مع فخامة الرئيس فلاديمير بوتين التي أسهمت في تعزيز مسار التعاون الثنائي، كما يتزامنمع الذكرى الأربعين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وهي محطة مهمة تؤكد عمق الروابط التاريخية التي تعود إلى قرون من التفاعل التجاري والحضاري بين الشعبين.

وبين الرواس أن المنتدى يأتي في توقيت استراتيجي يمثل فرصة عملية لتعزيز الشراكات القائمة واستكشاف مجالات جديدة للتعاون، من خلال برنامج ثري يتضمن سلسلة من جلسات النقاش وحوارات الأعمال، حيث تطرح الرؤى حول آفاق التعاون الاقتصادي والتجاري في مختلف القطاعات الواعدة، بالإضافة إلى اللقاءات الثنائية المباشرة التي تتيح للمستثمرين والمسؤولين بناء تفاهمات وشراكات عملية من شأنها أن تترجم إلى مشروعات حقيقية على أرض الواقع.

وقال سعادته إن سلطنة عُمان تعد وجهة استثمارية واعدة تجمع بين الموقع الاستراتيجي الذي يربط الشرق بالغرب، والبنية الأساسية الحديثة، والتشريعات الداعمة، والمناطق الحرة والاقتصادية في الدقم وصحار وصلالة، والتي تمثل محركات نمو إقليمي وبوابات للأسواق العالمية، كما أن الموانئ العُمانية تشكل جسرا تجاريا حيويا يتيح للمنتجات الروسية الوصول إلى الأسواق في آسيا وأفريقيا عبر ممرات بحرية آمنة ومهيأة، تعكس دفء العلاقات بين بلدينا الصديقين.

وقال الرواس: "إن الغرفة تعمل على تهيئة بيئة داعمة للاستثمار، وتسهيل قنوات التواصل بين أصحاب الأعمال العُمانيين ونظرائهم في روسيا، بما يسهم في بناء شراكات مستدامة قائمة على المصالح المتبادلة، وتبادل الخبرات، وتوسيع مجالات التعاون في قطاعات التكنولوجيا والطاقة المتجددة والصناعة والخدمات اللوجستية والسياحة والتعليم".

من ناحيته أكد أليكسي فالكوف نائب الرئيس التنفيذي لمؤسسة روسكونغرس ومدير منتدى سانت بطرسبرج الاقتصادي على أهمية المنتدى كمحطة عملية لتعزيز الحوار الاقتصادي المباشر بين مجتمعي الأعمال في البلدين وإطلاق شراكات جديدة في مجالات التجارة والاستثمار والتقنية والطاقة، مبينا أن هذا اللقاء يمثل خطوة جديدة في مسار التعاون الاقتصادي والاستثماري بين البلدين وفرصة لتعزيز الحوار المباشر بين مؤسسات الأعمال والقطاعين العام والخاص.

وبين فالكوف أن روسيا الاتحادية عبر مؤسسة روسكونغرس ومنتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي تفتح أبوابها للشركاء من مختلف دول العالم لتعزيز التكامل الاقتصادي وتبادل الخبرات والفرص، حيث إن منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي لم يعد مجرد حدث سنوي، بل أصبح ملتقى عالمي يجمع القادة والمستثمرين وصناع القرار من أكثر من 140 دولة، ونؤمن بأن مشاركة سلطنة عُمان في هذا المنتدى يمثل قيمة مضافة مهمة، ليس فقط في تطوير علاقاتنا الثنائية، بل أيضا في بناء شراكات استراتيجية تعود بالنفع على الجانبين.

وقال فالكوف نحن اليوم أمام فرص حقيقية للتعاون في مجالات اقتصادية متعددة، ومؤسسة روسكونغرس على أتم الاستعداد لدعم التواصل بين مؤسسات الأعمال في البلدين، وتسهيل تبادل الوفود والمعلومات، وتنظيم فعاليات مشتركة تعزز هذا الزخم الإيجابي،كما أن  بناء الثقة وتبادل المعرفة هما الأساس لأي شراكة ناجحة.

من ناحيته قال الدكتور حمد الذهب رئيس الجانب العُماني في مجلس الأعمال العُماني الروسي إن المنتدى يعد محطة جديدة في مسار الشراكة المتنامية بين البلدين الصديقين، مبينا أن تأسيس مجلس الأعمال العُماني الروسي جاء ليكون جسرا فاعلا للتواصل بين القطاعين الخاصين في كلا البلدين، ورافدا لتعزيز التعاون التجاري والاستثماري في مختلف المجالات ذات الاهتمام المشترك، ومنذ انطلاق أعماله حرص المجلس على ترجمة التوجهات المشتركة إلى مبادرات واقعية ومشروعات تعاون تخدم مصالح الطرفين، سواء من خلال تبادل الوفود التجارية، أو تنظيم اللقاءات الثنائية، أو بحث فرص الاستثمار في مختلف القطاعات، وقد أسهمت هذه الجهود في فتح آفاق جديدة للتعاون الاقتصادي، وتيسير التواصل المباشر بين أصحاب الأعمال، وتعزيز التفاهم حول البيئة الاستثمارية والإطار التشريعي في كلا البلدين، بما يسهم في زيادة حجم التبادل التجاري وتطوير الشراكات القائمة.

وأوضح الذهب أن المنتدى يشكل محطة استراتيجية لتعميق التفاهم الاقتصادي بين سلطنة عُمان وروسيا الاتحادية، وفرصة لمناقشة سبل الارتقاء بالعلاقات الاقتصادية إلى مستويات أكثر شمولا وتوازنا، بما يتوافق مع الأولويات الوطنية والرؤى التنموية في البلدين، وعلى رأسها رؤية "عُمان 2040"، مبينا أن مجلس الأعمال العُماني الروسي يؤمن بأن المرحلة المقبلة تحمل فرصا واعدة للتكامل في مختلف المجالات التي يمكن أن تشكل قاعدة متينة لعلاقات اقتصادية مستدامة قائمة على المصالح المشتركة والمنفعة المتبادلة.

 

جلسات حوارية

شهد المنتدى عددا من جلسات العمل حيث جاءت الجلسة الأولى بعنوان "عُمان وروسيا: إطلاق العنان لإمكانات التعاون التجاري والاقتصادي والاستثماري"، والتي ناقشت تطور العلاقات الثنائية في ظل التحولات الاقتصادية الإقليمية والعالمية، مؤكدة على الفرص التي يوفرها الموقع الجغرافي الاستراتيجي للسلطنة كبوابة لوجستية تربط بين آسيا وإفريقيا وأوروبا، وإمكانية  الاستفادة من الممر الدولي للنقل الشمالي ـ الجنوبي لتعزيز حركة التجارة، وأكد المتحدثون على أن المرحلة المقبلة تتطلب تحفيز الاستثمارات المشتركة في مجالات الخدمات اللوجستية، والسياحة، والتقنيات الحديثة، والطاقة النظيفة، والاقتصاد الإبداعي، إضافة إلى توسيع التعاون الإقليمي بين المحافظات العُمانية والأقاليم الروسية.

وشهدت الجلسة الثانية نقاشا بعنوان  "آفاق تعميق الحوار العُماني ـ الروسي في قطاعي الطاقة والتعدين"، ركز النقاش على إمكانات إقامة مشروعات مشتركة في مجالات التنقيب الجيولوجي، وتكرير المشتقات النفطية، وتطوير الصناعات المعدنية، إضافة إلى بحث فرص التعاون في مجالات الطاقة المتجددة والطاقة النووية السلمية وتقنيات ترشيد الاستهلاك، وأكد المتحدثون أن التوجه العالمي نحو الحياد الكربوني يفرض على الدول تنويع شراكاتها وتبني حلول تكنولوجية مبتكرة، مشيرين إلى أن رؤية عُمان 2040 تمثل إطارا مثاليا لتطوير شراكات طويلة المدى مع الشركات الروسية ذات الخبرة في مجالات الاستكشاف والتصنيع والتقنيات المستدامة.

كذلك ناقش أصحاب الأعمال والخبراء خلال جلسة "موسكو ـ عُمان: التحول الرقمي للمدن وآفاق جديدة للشراكة التكنولوجية"فرص التعاون في المدن الذكية، والبنية الأساسية الرقمية، والحوكمة الإلكترونية، وأكد المشاركون على أهمية التعاون في مجال التحول الرقمي باعتباره محركا رئيسيا للتنمية المستدامة، ومجالا  حيويا لجذب الاستثمارات في الابتكار والتقنيات الحديثة.

كذلك خصص المنتدى جلسة نقاشية بعنوان "لماذا يجب على نساء العالم العمل معًا من أجل تحسين الصحة والرفاهية" بمشاركة عدد من القيادات النسائية من الجانبين، وسلطت الجلسة الضوء على دور المرأة في تعزيز الصحة العامة وريادة الأعمال الطبية وكيف يمكن للتعاون الدولي بين رائدات الأعمال العمانيات والروسيات أن يسهم في تطوير الصناعات الدوائية والتقنيات الصحية المبتكرة.

وجاءت الجلسة الختامية بعنوان "عُمان وروسيا: نظرة إلى المستقبل"  بمشاركة نخبة من كبار القادة والمسؤولين، بينهم معالي قيس بن محمد اليوسف اليوسف وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، ومعالي مارات خوسنولين نائب رئيس وزراء روسيا الاتحادية، وسعادة الشيخ فيصل بن عبدالله الرواس رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عُمان، ورشيد تمريزوف  رئيس جمهورية قراتشاي ـ شركيس.

وأكد المتحدثون على أن العلاقات العُمانية ـ الروسية تدخل مرحلة جديدة من التكامل الاقتصادي مع التركيز على تنويع التعاون في مجالات الصناعة، والتقنيات، والتعليم، والسياحة، والطاقة، مشددين على أهمية الربط بين القطاع  الخاص في البلدين وتطوير أطر للتعاون الإقليمي بين الشركات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

 

واختتم المنتدى بفعالية تواصل موسعة بين الشركات العُمانية والروسية، شملت لقاءات عمل ثنائية وجلسات متخصصة للتعاون بين المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص مما أتاح فرصا عملية لتأسيس شراكات في مجالات الاستثمار والتقنية والتصنيع والخدمات اللوجستية، ويأتي المنتدى كتعبير عملي عن تنامي العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، ويعكس حرص القيادتين في البلدين على الانتقال بالتعاون الاقتصادي إلى مستوى أكثر شمولا وابتكارا، في وقت تتقاطع فيه أولويات البلدين في مجالات الأمن الغذائي والطاقة المتجددة والتحول الرقمي والتنمية المستدامة، ويمثل المنتدى خطوة متقدمة نحو تعزيز الحضور العُماني في الأسواق الروسية وتوسيع قاعدة الاستثمارات الروسية في السلطنة، بما يسهم في تحقيق أهداف التنويع الاقتصادي لرؤية عُمان 2040، وترسيخ موقع سلطنة عُمان كمركز إقليمي للتجارة والاستثمار..