افغانستان : سلام متعثر وتصعيد من طالبان

الحدث الأحد ٢٢/مايو/٢٠١٦ ٠٣:٣٦ ص
افغانستان : سلام متعثر وتصعيد من طالبان

كابول – ش – وكالات

وعد مسلحو حركة طالبان الأفغانية امس السبت بالعفو عن أى شخص يتوقف عن العمل مع الحكومة الوطنية أو المنظمات الأجنبية، وتهديد أى شخص يرفض هذا العرض.
وقال بيان صادر عن الحركة :"توقفواعن العمل والتعاون مع الغزاة ونظام كابول، والإمارة الإسلامية تعدكم بتأمين حياتكم وثرواتكم .. وفي حالة عدم تنفيذ ذلك سوف يتم تقديمكم إلى العدالة بغض النظر عن المكان الذى تعملون فيه" وحدد البيان بصفة خاصة رجال الشرطة والجيش واعضاء الميليشيات المناوئة لحركة طالبان.
واشار البيان إلى أن" كل شخص فى أى موقع عمل فى الإدارة الأفغانية مدعو للإستفادة من نداء العفو المعروض من جانب الإمارة الإسلامية، لحماية نفسه وأسرته من العار والأذى".
ويعد هذا النداء أحدث المبادرات الاعلامية التى يطلقها المتطرفون لترهيب وتهديد قوات الامن وموظفى الحكومة.
في السياق ذاته قال مسؤولون إن انفجارا استهدف قافلة تابعة لحلف شمال الاطلسي (الناتو) بإقليم باروان وسط أفغانستان.
وقال قائد شرطة إقليم باروان محمد زمان ماموزاي إن "تفجيرا انتحاريا استهدف قافلة لقوات الناتو والقوات الافغانية في منطقة قلعة النسر بإقليم باجرام".
وأضاف الناتو "على الرغم من مزاعم طالبان والتقارير في وسائل الاعلام، لم يكن هناك أي إصابات لافراد قوات التحالف" مشيرا إلى أن الهجوم لم يكن انتحاريا لكن انفجار قنبلة على جانب طريق.
وأصيب بعض أفراد القوات الافغانية، طبقا لما ذكره المتحدث باسم الجيش الجنرال محمد رادمانيش.
ويوجد في باجرام أكبر قاعدة أمريكية في أفغانستان.
وأعلنت حركة طالبان مسؤوليتها عن الهجوم، حيث ذكر المتحدث ذبيح الله مجاهد أن عشرات من الجنود الامريكيين قتلوا وأصيبوا.
وفي ديسمبر، استهدفت قنبلة زرعت بدراجة نارية قافلة في نفس المنطقة مما أسفر عن مقتل ستة جنود أمريكيين.
ياتي هذا التصعيد بعد ايام قليلة من تنفيذ حكم الإعدام شنقا بحق ستة عناصر من حركة طالبان، فى أول موجة أحكام إعدام يوافق عليها الرئيس أشرف غنى منذ توليه السلطة فى 2014.
وأعلن القصر الرئاسى فى أفغانستان فى بيان "بموجب الدستور الأفغاني، وافق غنى على إعدام ستة ارهابيين نفذوا جرائم خطيرة ضد المدنيين والأمن العام". وقال مصدر حكومى أن المحكومين الستة من عناصر طالبان.

محادثات متعثرة
من جانبه قال وكيل وزارة الخارجية الباكستانية إنه يجب على الجيش الأفغاني أن يحد من المكاسب العسكرية لحركة طالبان وأن يعرض حوافز على المتشددين لإحياء مساعي السلام المتعثرة بعدما لم تسفر أحدث جولة من المحادثات عن تقدم يذكر.
وتسيطر حركة طالبان أو تخوض معارك للسيطرة على مساحات من الأراضي أكبر من أي وقت منذ أطاح الغزو الذي قادته الولايات المتحدة بحكمها في عام 2001.
ولم يشارك المتشددون في محادثات يوم الأربعاء التي أجريت في العاصمة الباكستانية إسلام أباد وشملت أيضا الصين والولايات المتحدة.
ورفضت كابول إرسال وفد كامل إلى إسلام أباد احتجاجا على ما وصفته بعدم رغبة باكستان في أن تبذل المزيد من الجهد للضغط على قيادة طالبان -ومن بينهم القادة المقيمون في باكستان- لحضور المحادثات.
وقال وكيل الوزارة إعزاز أحمد تشودري إن مساعي إقناع طالبان بالتحدث مباشرة مع حكومة كابول لن تجدي ما لم يحرم الجيش الأفغاني طالبان من أن تكون صاحبة اليد العليا.
وقال تشودري "نعتقد أنه ينبغي أن يكون هناك تحرك فعال من قوات الأمن الوطني الأفغانية لضمان ألا تحقق طالبان أي مكاسب عسكرية."
وتابع قوله إن طالبان "بحاجة لأن تدرك أنها ستحقق مكاسب أكبر على طاولة المفاوضات مما ستحققه في ميدان القتال."

صعوبة الاحتواء
وتجد قوات الأمن الأفغانية صعوبة في احتواء طالبان منذ أن أنهت القوات التي يقودها حلف الأطلسي عملياتها القتالية في 2014.
ووفقا للمفتش الأمريكي العام لإعادة اعمار أفغانستان فقد استعرت المعارك وقتل أكثر من 6600 جندي وشرطي أفغاني العام الماضي.
لكن رغم سيطرة المتشددين على مدينة قندوز الشمالية لفترة قصيرة العام الماضي فإنهم لم يستطيعوا أن يسيطروا على أي عاصمة إقليمية.
وقال تشودري إن المسؤولين في محادثات إسلام أباد أبلغوه بأن المكاسب التي حققتها طالبان في هجوم هذا العام لم تكن كبيرة كما كان يأمل المتشددون.
وانهارت أول محادثات رسمية مع حركة طالبان في 2015 بعد الإعلان عن وفاة مؤسس الحركة الملا محمد عمر قبل عامين الأمر الذي فجر انقسامات داخل الحركة بشأن ملفات بينها المشاركة في المحادثات.
وتتهم أفغانستان باكستان بإيواء متشددين يسعون للإطاحة بالحكومة الأفغانية من بينهم شبكة حقاني التي تلقى عليها مسؤولية هجمات كبيرة في كابول.
وتنفي باكستان هذا لكن الولايات المتحدة حثت أيضا الباكستانيين على بذل المزيد لاحتواء المتشددين على أراضيها.

جهود باكستانية
وقال تشودري إن غالبية قادة طالبان يعيشون في أفغانستان وإن إسلام أباد تستخدم كل ما تملك من نفوذ وتأثير لحملهم على المشاركة في المفاوضات.
وتابع "نفعل كل ما في وسعنا لإقناع قيادة طالبان وحقاني وكل من نستطيع الاتصال بهم." وأضاف "نعتقد أنه يجب أيضا على الحكومة الأفغانية أن... تبذل جهدا مماثلا."
وحث تشودري كابول على توفير "حوافز" واتخاذ إجراءات لبناء الثقة لإقناع طالبان بجديتها في عملية السلام.
وقال تشودري "ينبغي أن نحافظ على تفاؤلنا. المؤشرات التي تصلنا هي أن طالبان لم توافق على المحادثات لكنها لم ترفضها أيضا."
يذكر ان أفغانستان وقعت في وقت سابق مسودة اتفاق مع جماعة الحزب الإسلامي المتشددة بزعامة قلب الدين حكمتيار في خطوة تأمل الحكومة أن تقود إلى اتفاق سلام كامل مع أحد الفصائل المتشددة.
ويعد حكمتيار من المحاربين المخضرمين في الحروب الأفغانية على مدى عقود واتهمت جماعات مدافعة عن حقوق الإنسان جماعته بارتكاب انتهاكات واسعة النطاق خاصة خلال الحرب الأهلية في أوائل تسعينات القرن الماضي عندما تولى لفترة وجيزة منصب رئيس الوزراء.
وربطت الولايات المتحدة بين هذه الجماعة المتشددة وبين تنظيم القاعدة وحركة طالبان ووضعت حكمتيار على قائمة الإرهاب.
ولم يلعب الحزب الإسلامي دورا كبيرا في التمرد الذي تقوده حركة طالبان في السنوات الأخيرة ومن غير المرجح أن يكون للاتفاق أي تأثير عملي على المستوى الأمني الآن.
لكن مع عدم وجود مؤشرات قوية لاستعداد طالبان للانضمام إلى محادثات السلام يمنح الاتفاق حكومة الرئيس أشرف عبد الغني إشارة قوية بأنها تحقق تقدما إزاء إبعاد الفصائل المتشددة عن أرض المعارك ودفعها نحو العملية السياسية.
وقال محمد خان نائب الرئيس التنفيذي للحكومة عبد الله عبد الله إن مسودة الاتفاق ستوقع من جانب وفد من الحزب الإسلامي ومسؤولين من مجلس السلام الأعلى لكن مزيدا من العمل سيكون مطلوبا لإنجاز اتفاق نهائي.
وأضاف خان للصحفيين في كابول "نحن متفائلون إزاء هذا الاتفاق وندعمه بشدة ... ولا يعني ذلك أنه (اتفاق) نهائي".
ويتزامن الإعلان مع جولة جديدة من الاجتماعات في باكستان لمسؤولين من باكستان والولايات المتحدة والصين وأفغانستان بهدف وضع الأسس لمحادثات سلام مع طالبان التي رفضت الانضمام للمحادثات.
وانتقدت الجماعات الحقوقية السعي لعقد اتفاق مع الحزب الإسلامي المتهم بارتكاب انتهاكات واسعة النطاق لكن يبدو أن الضغوط على الحكومة رجحت كفة السعي للسلام في مقابل مخاوف الجماعات الحقوقية.
وقال جون كيربي المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن الولايات المتحدة ترحب بالخطوات التي تهدف إلى الدخول في محادثات مع الحزب الإسلامي رغم أن حكمتيار لا يزال مدرجا على قائمة الإرهاب.
وأضاف في إفادة صحفية معتادة "نأمل بالتأكيد أن يؤدي ذلك إلى نتيجة أفضل وأقل عنفا للشعب الأفغاني."
وفي عام 2003 ضمت وزارة الخارجية الأمريكية حكمتيار إلى قائمتها الخاصة بالإرهاب واتهمته بالمشاركة في الأعمال الإرهابية للقاعدة وطالبان.
وفي الآونة الأخيرة وجهت اتهامات إلى الحزب الإسلامي بتنفيذ هجوم انتحاري في كابول في 2013 قتل فيه جنديان أمريكيان وأربعة متعاقدين مدنيين أمريكيين إضافة إلى ثمانية أفغان.
وبموجب مشروع الاتفاق سيمنح أعضاء الحزب الإسلامي عفوا شبيها بالعفو الذي منح في عام 2007 لقادة الفصائل الذين اتهموا بارتكاب جرائم حرب إلى جانب إطلاق سراح سجناء الحزب الذين تحتجزهم السلطات الأفغانية.
كما ستعمل الحكومة الأفغانية على رفع اسم الحزب الإسلامي من القائمة السوداء للأمم المتحدة.
ولن ينضم أعضاء الحزب الإسلامي الذي ارتبط بعلاقات وثيقة على مدى أعوام مع باكستان إلى الحكومة. لكن سيتم الاعتراف بالحزب ككيان سياسي وسيسمح له بالمشاركة في اتخاذ القرارات السياسية الكبرى.