
يتوقع أن يحضر حفل الافتتاح 40 رئيسا وملكا ورئيس حكومة ووصفه الرئيس عبد الفتاح السيسي بأنه يعكس ريادة مصر الثقافية عالمياً
يقام المتحف على مساحة 490 ألف متر مربع، ويضم 57 ألف قطعة أثرية، تمثل مساحة قاعات الملك توت عنخ آمون وحدها 7.5 آلف متر مربع
القاهرة - خالد عرابي
تترقب أنظار العالم حفل الافتتاح العالمي المرتقب للمتحف المصري الكبير يوم السبت المقبل (الأول من نوفمبر المقبل)، الذي يعد بمثابة أكبر متحف أثري في العالم ولحضارة واحدة – إنها الحضارة المصرية القديمة التي أذهلت وحيرت وعلمت العالم - ، حيث تتأهب مصر لإطلاق حدث عالمي طال انتظاره، يمثل تتويجاً لسنوات من العمل المتواصل ونقلة نوعية في أسلوب عرض وتوثيق الحضارة المصرية القديمة، ويعد هذا الحدث الأكبر في تاريخ المتاحف الحديثة، حيث يمثل تتويجا لسنوات من العمل في مشروع يهدف إلى إبراز عظمة الحضارة المصرية القديمة. وهو أكبر متحف في العالم يروي تاريخ الحضارة المصرية القديمة ويمثل افتتاحه إحدى أهم وأبرز المحطات الثقافية في تاريخ مصر الحديث.
كما أنه وبحسب ما هو معلن من الحكومة المصرية فإنه يتوقع أن يحضر حفل الافتتاح 40 رئيسا وملكا ورئيس حكومة وولي عهد في احتفالية الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير. وقد قال فخامة رئيس جمهورية مصر العربية الرئيس عبدالفتاح السيسي عن هذا المتحف وافتتاحه أنه " يعكس ريادة مصر الثقافية عالمياً".
ويمثل المتحف أهمية كبيرة بالنسبة لمصر والعالم، حيث يعرف مدى شغف العالم بالحضارة المصرية القديمة، ويقام المتحف على ستة طوابق، كما يقام على مساحة 490 ألف متر مربع، ويضم 57 ألف قطعة أثرية، وتمثل مساحة المدخل وحدها 7 آلاف متر، كما أن مساحة قاعات الملك توت عنخ آمون الأثرية الناددرة وحدها 7 آلاف وخمسمائة متر مربع، ومساحة الدرج العظيم 6 آلاف متر مربع، وتمثل مساحة 12 قاعة عرض رئيسية 18 ألف متر مربع، وتمثل مساحة متحف الطفل بداخله خمسة آلاف متر مربع.
وقال المتحدث باسم الحكومة المصرية، محمد الحمصاني، إن حفل افتتاح المتحف المصري الكبير سيشهد مشاركة غير مسبوقة من قادة العالم، متوقعا حضور أكثر من 40 رئيس دولة، وملكا، ورئيس حكومة، إلى جانب عدد كبير من الوزراء وكبار المسؤولين من دول عديدة. وأضاف المتحدث في تصريحات تليفزيونية أول أمس أن حفل الافتتاح سيكون على أعلى مستوى من التنظيم والمهنية، مشيرًا إلى أن الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية تبذل جهودًا ضخمة في الإعداد للحفل، بالتنسيق مع جميع أجهزة الدولة لضمان خروج الحدث بصورة تليق بمكانة مصر وحضارتها العريقة.
وتابع المتحدث أن الاستعدادات تجري على قدم وساق داخل المتحف والمنطقة المحيطة به، بالإضافة إلى تنظيم محاور مرورية جديدة لتسهيل الحركة، لافتًا إلى أن الحفل سيأتي بمستوى يفوق تنظيم موكب المومياوات الملكية الذي أبهر العالم، في أبريل 2021.
وتجري مصر استعدادات على قدم وساق لتنظيم حفل افتتاح المتحف المصري الكبير، السبت المقبل، وقال محافظ الجيزة، عادل النجار، في تصريحات سابقة إن الأجهزة التنفيذية بالمحافظة كثّفت أعمال التطوير والتجميل للطرق والمحاور المحيطة بالمتحف، بما في ذلك رفع كفاءة وتخطيط شوارع المنصورية والنيل ومراد والبحر الأعظم ضمن خطة متكاملة لتحسين المشهد الحضاري.
أول متحف أخضر في إفريقيا والشرق الأوسط
وأكد المركز الإعلامي لمجلس الوزراء أن المتحف المصري الكبير سجل فى خطوة غير مسبوقة اسمه في التاريخ كأول متحف أخضر في إفريقيا والشرق الأوسط، بعد حصوله على شهادة EDGE Advanced للمباني الخضراء لعام 2024. وأوضح المركز الإعلامي لمجلس الوزراء في انفوجراف نشره على صفحته الرسمية أن المتحف المصري الكبير بحصوله على هذه الشهادة أكد ريادته في تعزيز الاستدامة وحماية البيئة. وتعد شهادة EDGE Advanced إحدى شهادات المباني الخضراء العالمية التي طورتها مؤسسة التمويل الدولية (IFC) التابعة للبنك الدولي، وتهدف إلى تشجيع تصميم وبناء منشآت تحقق كفاءة عالية في استهلاك الطاقة والمياه ومواد البناء. ويمنح مستوى Advanced للمباني التي تحقق خفضًا لا يقل عن 40% في استهلاك الطاقة، مقارنة بالمباني التقليدية، ما يجعلها نموذجًا للاستدامة وتقليل الانبعاثات الكربونية. ويؤكد حصول المتحف المصري الكبير على هذه الشهادة التزامه بتحقيق معايير بيئية عالمية ليصبح واحدًا من أوائل المتاحف الصديقة للبيئة في المنطقة.
نظرًا لوقوع المتحف أمام أهرام الجيزة، تم تصميم الواجهة على شكل مثلثات تنقسم إلى مثلثات أصغر في إطار رمزي للأهرام، وذلك طبقا لنظرية رياضية لعالم بولندي تتحدث عن التقسيم اللانهائي لشكل المثلث. و تتجاوز مساحة المتحف المصرى الكبير نصف مليون متر مربع، ويستقبل حوالى 5 ملايين زائر سنويًا. ويضم المتحف المصرى الكبير نحو مئة ألف قطعة أثرية مميزة، من أبرزها الكنوز الذهبية للملك توت عنخ آمون، وعددها حوالى 5,340 قطعة، والتى ستُعرض لأول مرة كاملة منذ اكتشاف مقبرته عام 1922.
كما يضم المتحف مجموعة الملكة حتب حرس، والدة الملك خوفو صاحب الهرم الأكبر، بالإضافة إلى مراكب الملك خوفو، وتمثال مزدوج للآلهة آمون وموت، وعمود من الجرانيت الوردى للملك رمسيس الثانى، وتمثال من الحجر الجيرى للمعبودة إيزيس وهى تحمل طفلها حورس، ولوحة كبيرة من الحجر الجيرى للملك أمنمحات الأول.
وتقع مباني المتحف على مساحة 100 ألف متر مربع، من ضمنها 45 ألف متر للعرض المتحفي، كما يضم المتحف حديقة غنية بأشجار كانت معروفة لدى المصريين القدماء، بالإضافة إلى مكتبة متخصصة فى علم المصريات ومركز أبحاث ومركزًا للمؤتمرات، و وقاعات عرض مؤقتة، كما يحتوى على أماكن للأنشطة الثقافية والفعاليات، مثل متحف للأطفال، إلى جانب مناطق تجارية وحدائق ومتنزهات، وأسواق وسينما ثلاثية الأبعاد، وأماكن مخصصة لخدمة الزائرين مثل المطاعم، ومحال بيع المستنسخات والهدايا، ومواقف انتظار السيارات، كما يضم فندق يضم حوالى 30 غرفة.
ويضم المتحف معامل للترميم، وتبلغ مساحة معامل الترميم بالمتحف المصرى الكبير نحو 22 ألف متر مربع، وتشمل معامل متخصصة مثل: معمل الخزف والزجاج والمعادن لترميم الأوانى والتماثيل. ومعمل الأخشاب لترميم التوابيت والتماثيل والأثاث الجنائزي. ومعمل الأحجار لترميم القطع الحجرية الكبيرة. والمعمل الميكروبيولوجى الذى يحدد أنواع الكائنات الحية المسببة لتلف الآثار ويجهّز المواد الكيميائية اللازمة لوقف نموها. ومعمل المومياوات الذى يهتم بترميم مومياوات الطيور، وخاصة طيور أبو منجل، التى كانت من المعبودات لدى الفراعنة.
المجموعة النادرة لتوت عنخ آمون
ومن أهم الأشياء التي تميز المتحف المصري الكبير المجموعة الكاملة والنادرة لمقتنيات الفرعون الذهبي توت عنخ آمون والتي استقرت مؤخرا لتكون ضمن مقتنيات "المتحف المصري الكبير"، وذلك لأول مرة في التاريخ منذ اكتشاف مقبرة الفرعون الذهبي في 4 نوفمبر 1922، أي ما يقرب من 103 سنة. واستقر القناع الذهبي للملك توت عنخ آمون بالمتحف المصري الكبير، وتم نقل باقي مقتنيات الفرعون الشاب التي كانت متواجدة في المتحف المصري وعلى رأسها القناع الذهبي والتابوت وتمثال الكا، وذلك عقب غلق قاعات الملك داخل المتحف المصري بالتحرير.
ويعد الفرعون توت عنخ آمون هو "بطل المتحف المصري الكبير" حيث من المقرر أن تعرض مقتنياته كاملة لأول مرة داخل قاعتين مساحتهما 7500 متر، وسيتم الكشف عنها مع الافتتاح الرسمي للمتحف ويعد عرض مجموعة الملك توت عنخ آمون كاملة لأول مرة في قاعة واحدة بالمتحف المصري الكبير حدثًا استثنائيًا في تاريخ علم الآثار والمتاحف عالميًا، حيث ستتاح الفرصة للزائرين من مصر والعالم لمشاهدة أكثر من خمسة آلاف قطعة أثرية في سياق عرض متكامل يعكس ثراء مقتنيات الملك الشاب.فللمرة الأولى يتم عرض كنوز الملك الذهبي توت عنخ آمون بالكامل في مكان واحد، بعد نقلها من متحف التحرير ومتحف الأقصر والبر الغربي والمتحف الحربي، لتُعرض جميعها في مساحة ضخمة تبلغ 7500 متر مربع، بعد أن كانت تُعرض في المتحف المصري بالتحرير على مساحة 700 متر فقط.
تم تجهيز القاعتين بأحدث تقنيات العرض الحديثة، باستخدام الوسائط المتعددة والجرافيك والشاشات التفاعلية، مع محاكاة رائعة لمقبرة الملك. و تتألف المجموعة من 5537 قطعة أثرية، وذلك بعد الفحص الدقيق الذي كشف عن زيادة عدد القطع عن التقديرات السابقة التي كانت تشير إلى نحو 5398قطعة. وتتميز المجموعة بتنوع المواد المصنوعة منها، حيث تضم قطعاً مصنوعة من الذهب، والخشب، والحجر، والمعادن، والنسيج، وغيرها من المواد العضوية وغير العضوية. وقد خضعت جميع القطع لعمليات ترميم دقيقة على أعلى مستوى من الكفاءة، داخل معامل متخصصة تراعي طبيعة كل مادة أثرية لضمان أفضل مستوى من الحفظ والعرض.
تمثال رمسيس الثاني
الدرج العظيم أو البهو الرئيسي هو أول مستقبل لزوار المتحف، سيشتمل الدرج على تمثال الملك رمسيس الثاني، وتمثالي الملك سنوسرت المعروض بحديقة متحف التحرير، ورأس بسماتيك الأول، وتماثيل أخرى.
ويعد من القطع الأثرية النادرة التي ستميز المصري الكبير " تمثال رمسيس الثاني" صاحب أشهر المعارك الحربية وأبرز ملوك الحضارة المصرية القديمة والذي يقف شامخا في بهو المتحف في الجهة المقابلة تماما لأهرامات الجيزة كشاهد على مهارة الفنان المصري القديم الذي نحت هذا التمثال قبل أكثر من ثلاثة آلاف عام. وينتمي رمسيس الثاني للأسرة الـ 19 ، وحكم مصر نحو 66 عاما ( خلال الفترة من 1279 إلى 1213 قبل الميلاد) خلفا لوالده سيتي الأول، وترك كما هائلا من الآثار التي سجل عليها معاركه وحملاته العسكرية وكذلك مجموعة من التماثيل الضخمة له منها التمثال الموجود في المتحف المصري الكبير.
وقد مر هذا التمثال منذ اكتشافه في عام 1820م، وحتى وصوله إلى المتحف المصري الكبير، بعدة مراحل كثيرة، فقد عثر على هذا التمثال المستكشف الإيطالي جيوفاني باتيستا كافيليا على تمثال الملك رمسيس الثاني مدفونا تحت الرمال أمام معبد الإله بتاح في قرية ميت رهينة التابعة لمركز البدرشين بمحافظة الجيزة عام 1820. وعثر على التمثال في 6 أجزاء منفصلة ويبلغ طوله 11.35 متر ووزنه 83 طنا. وظل التمثال المصنوع من الجرانيت الوردي المستجلب من محاجر أسوان في أقصى الجنوب المصري في موقعه بقرية ميت رهينة لأكثر من 135 عاما حتى قررت السلطات المصرية نقله إلى ميدان باب الحديد في القاهرة عام 1955 ليحل مكان تمثال نهضة مصر الذي كان قابعا هناك، ثم جرى نقل التمثال من موقع اكتشافه إلى القاهرة راقدا فوق عربات ضخمة قبل أن تبدأ عمليات جمع وترميم أجزائه واستكمال بعض القطع المفقودة إضافة إلى ترميم التاج الملكي لينصب التمثال في وضع الوقوف خارج محطة قطارات سكك حديد مصر. ثم تغير اسم الميدان من "باب الحديد" إلى ميدان رمسيس بعد أن نصب التمثال فوق قاعدة ضخمة وبُنيت أمامه نافورة متدفقة ليصبح حينها المعلم الأشهر لكل زائر للقاهرة وتتصدر صورته البطاقات البريدية.
وبمرور السنين بدأت تتزايد مخاوف خبراء الآثار من تأثير التلوث في وسط القاهرة على بنية التمثال ونقوشه إضافة إلى الاهتزازات الأرضية الناجمة عن الحركة اليومية للقطارات وتشغيل مترو الأنفاق فبدأت دراسات لنقله في عام 2004 ووضعه بموقع مؤقت بهدف ترميمه وحفظه استعدادا لضمه إلى مقتنيات المتحف المصري الكبير الذي كان قيد التشييد آنذاك.
مساحة المباني
وتم تخصيص المنطقة الواقعة بين المتحف والأهرام، لتكون ممشى سياحي، وذلك عن طريق إزالة نادي الرماية وكل الأماكن التي تعيق الممشى، وكذلك إنشاء كوبري علوي فوق طريق الفيوم، وهي أعمال سيتم تنفيذها خلال المرحلة الأخيرة من إنشاء المتحف. وسوف يستخدم الممشى لنقل السائحين من زائري المتحف إلى منطقة الأهرام إما عن طريق سيارات «الطفطف» أو مترجلين.
كما يضم المتحف مركز الترميم، ويقع على مساحة 32 ألف متر، وهو موجود تحت مستوى سطح الأرض بـ10 أمتار تقريبًا، وتم إنشاء نفق ما بين مركز الترميم والمتحف يتم من خلاله نقل الآثار بشكل آمن بطوله 300 متر تقريباً. يضم مركز الترميم 19 معملًا يتم فيها ترميم مختلف أنواع الآثار وإعادتها لشكلها الطبيعي، منها:
معمل الخزف والزجاج والمعادن: الخاص بترميم الأواني والتماثيل المصنوعة من المواد غير العضوية.
معمل الأخشاب: الخاص بترميم القطع الأثرية المصنوعة من الأخشاب مثل التوابيت والتماثيل بأنواعها والأثاث الجنائزي والنماذج الخشبية والمراكب والأدوات والنواويس الخشبية «دواليب حفظ الآلهة».
معمل الأحجار: الخاص بالقطع الأثرية الحجرية الكبيرة لعملية الترميم.
معمل الميكروبيولوجي: الخاص بتحديد أنواع الكائنات الحية المسببة لتلف الآثر مما يسهل تحضير المواد الكيميائية اللازمة لوقف نمو هذه الكائنات.
معمل الميكروسكوب الإلكتروني الماسح: الخاص بوسائل تجهيز العينات والمكونات الكيميائية قبل إرسالها لمعمل الميكروبيولوجي.
معمل المومياوات «البقايا الآدمية»: الخاص بترميم المومياوات من الطيور خاصة طيور أبو منجل «الإله حورس» والذي يعد أحد معبودات الفراعنة.