الشبيبة - العمانية
افتُتِحت اليوم فعالياتُ مؤتمر ومعرض عُمان للطفولة في نسخته الثانية التي تنظمها جمعية الأطفال أولًا تحت عنوان: "آفاق التأهيل والتمكين لذوي الإعاقة في عصر التقنيات الناشئة"، وتهدف إلى تأهيل وتمكين الأطفال من ذوي الإعاقة من خلال ما تُتيحه التقنيات الحديثة وسُبل دمجهم في المجتمع بمركز عُمان للمؤتمرات والمعارض وتستمر ثلاثة أيام.
رعى حفل الافتتاح صاحب السُّمو السّيد حارب بن ثويني آل سعيد، مساعد الأمين العام لمجلس الوزراء للمؤتمرات.
وقالت صاحبة السُّمو السّيدة الدكتورة منى بنت فهد آل سعيد، رئيسة جمعية الأطفال أولًا في كلمة الافتتاح: "نلتقي اليوم من أجل غاية سامية تلامس شريحةً مهمة من مجتمعنا، بل ومن مجتمعات العالم كافة، وهم الأطفال بناة المستقبل، حيث تأتي النسخة الثانية من مؤتمر عُمان للطفولة هذا العام تحت عنوان: آفاق التأهيل والتمكين لذوي الإعاقة في ضوء التقنيات الناشئة".
وأضافت سُموُّها أنّ المؤتمر يأتي استكمالًا للنجاح الذي حققته النسخة الأولى، التي ركزت على الأطفال الموهوبين في سلطنة عُمان بوصفهم ثروة وطنية واستثمارًا استراتيجيًّا للمستقبل.
وأكّدت سُموُّها على أنّ المؤتمر يفتح نافذة جديدة نحو دعم فئةٍ غالية على قلوبنا جميعًا، هي فئة الأطفال ذوي الإعاقة، مستشرفين آفاق التمكين من خلال ما تتيحه التقنيات الحديثة من فرصٍ نوعية للتأهيل والدمج وتحقيق الاستقلالية.
وأعربت سُموّها عن أملها في أن يشكّل هذا المؤتمر منصةً وطنيةً ودوليةً رائدة لتبادل الخبرات واستعراض الممارسات المبتكرة في مجالات التأهيل والتمكين الأسري والمجتمعي، بما يُسهم في صياغة رؤى وتوصيات عملية تعزّز الجهود الوطنية في هذا المجال.
كما أكّدت سُموّها على أنّ الحضور الواسع للمؤتمر يعكس التزام سلطنة عُمان الراسخ بتحقيق توجهاتها الوطنية نحو دمج الأطفال ذوي الإعاقة في مختلف المجالات التعليمية والرياضية والاجتماعية، ويجسّد روح التعاون والتكامل بين القطاعات كافة من أجل مستقبلٍ أكثر شمولًا وإنصافًا لأطفالنا جميعًا.
وألقى جوبال ميترا، الخبير والمناصر الدولي لقضايا الأشخاص ذوي الإعاقة، الكلمة الرئيسة، أشار فيها إلى أهمية هذا الحدث وتركيزه على قضيةٍ جوهرية تمسّ الأطفال ذوي الإعاقة، مؤكدًا على أنّ وجودهم اليوم يجسّد وحدة الموقف والتزامًا مشتركًا بقضيةٍ عادلةٍ تتجاوز الحدود.
وقال إنّ ميثاقنا الإنساني المشترك يُحتم علينا أن نؤمن بأنّ كل طفل، بغضّ النظر عن نوع الإعاقة، له الحق في أن يُرى ويُسمع ويُمكّن مضيفًا أنّ الإحصاءات العالمية تُشير إلى أنّ واحدًا من كل عشرة أطفال يعاني من شكلٍ من أشكال الإعاقة، أي ما يعادل نحو 240 مليون طفل حول العالم، منهم 21 مليون طفل في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وأكّد على أنّ تمكين الأطفال ذوي الإعاقة ليس مسؤولية قطاعٍ بعينه، بل هو واجبٌ جماعي يقع على عاتق الحكومات والمجتمعات والأفراد، لنسهم جميعًا في صناعة مستقبلٍ يليق بكل طفل، مهما كانت قدراته، ومهما كانت تحدّياته.
وتطرّق في كلمته إلى أهمية إحداث تحوّلٍ جذري في النظرة تجاه الأطفال ذوي الإعاقة، مبيّنًا أنّ التحدي الحقيقي لا يكمن في الإعاقة ذاتها، بل في المواقف الاجتماعية والوصمة التي تعيق اندماجهم، داعيًا إلى تحويل مشاعر الخوف والحزن لدى الأسر إلى دعمٍ وأملٍ وتمكين، عبر منظومةٍ متكاملة تشمل سنّ القوانين وتنفيذ السياسات وتوفير الخدمات التي تراعي احتياجات الجميع.
وأشار إلى أنّ تحقيق الدمج الفعّال يتطلب خطواتٍ عملية، أبرزها مكافحة الوصم والتمييز، وتوفير بيئاتٍ ميسّرة منذ مرحلة التصميم، وتطوير التعليم الدامج، وبناء قواعد بيانات دقيقة للكشف المبكر والتدخل السريع.
وأضاف أنّ تجارب دولٍ مثل فنلندا وكندا واليابان أثبتت أنّ الشمول والتميّز يمكن أن يسيرا معًا، لافتًا إلى أنّ جهود سلطنة عُمان في الإتاحة الرقمية وتطوير المدن الذكية تمثل نموذجًا إقليميًّا رائدًا في هذا المجال.
ويتناول مؤتمر ومعرض عُمان للطفولة في محاوره عددًا من القضايا المحورية أبرزها السياسات والتشريعات الداعمة للدمج والتمكين الأسري، وموضوعات التشخيص والعلاج، والخصوصية المزدوجة التي تجمع بين الموهبة والإعاقة، إلى جانب دور الرياضة والفنون في التعبير والتمكين الإنساني، والاستثمار في التقنيات الحديثة لتعزيز إسهام الأسرة والمجتمع في بناء الهُوية والجدارات الحياتية للأطفال ذوي الإعاقة.
ويشهد المؤتمر تقديم 33 ورقة عمل و11 حلقة عمل تدريبية، تشارك فيها نخبة من الأكاديميين والخبراء والمختصين من داخل سلطنة عُمان وخارجها، للتركيز على أحدث الاتجاهات العلمية والتطبيقية، ووضع خارطة طريق تقنية لتبني الحلول الرقمية في مجالات التعليم والرعاية والتأهيل.
ويستهدف المؤتمر الأطفال ذوي الإعاقة وأسرهم، والباحثين والأكاديميين والمختصين في مجالات التربية الخاصة والصحة والعلاج الطبيعي وعلم النفس، إلى جانب صنّاع القرار ومؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الدولية ذات العلاقة.
ويهدف مؤتمر ومعرض عُمان للطفولة في نسخته الثانية إلى نشر الوعي المجتمعي بحقوق الأطفال ذوي الإعاقة، وتقديم تصوراتٍ علميةٍ وعمليةٍ حول سُبل دمجهم في المجتمع، ودراسة أبرز التحدّيات التي يواجهونها، مع التركيز على جهود المؤسسات الحكومية والخاصة ومؤسسات التعليم العالي في هذا المجال.
ويتضمن المؤتمر حلقات عملٍ تدريبية موجهة للأطفال وذويهم والعاملين في مجالات التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية، إلى جانب استعراض أحدث الابتكارات التقنية المساعدة لتمكين الأطفال ذوي الإعاقة.
وصاحب المؤتمر معرضٌ شامل يُعدّ الأول من نوعه في سلطنة عُمان، يجمع تحت سقفٍ واحد جميع المؤسسات والشركات والمراكز المعنية بشؤون الطفولة، ومن بينها المتاجر والمراكز الطبية والتعليمية ومؤسسات التأهيل والاستشارات التربوية والنفسية، إضافةً إلى فعالياتٍ ترفيهيةٍ وعروضٍ مسرحية تُقدَّم للأطفال.
ويحظى المؤتمر والمعرض بمشاركة عددٍ من الجهات الحكومية والدولية، منها: وزارة الإعلام، ووزارة التنمية الاجتماعية، ووزارة التربية والتعليم، ووزارة الصحة، وجامعة السلطان قابوس، واللجنة العُمانية لحقوق الإنسان، ومنظمة اليونيسف، إلى جانب عددٍ من الجمعيات الأهلية ومراكز التأهيل ومؤسسات المجتمع المدني.
وتستهدف فعاليات المعرض شريحةً واسعة من المجتمع تشمل الأطفال وأسرهم، وطلبة المدارس ورياض الأطفال، ومؤسسات التعليم العالي، والشركات المتخصّصة بمنتجات الطفولة، ومراكز التدريب والترفيه، إضافةً إلى المؤسسات البيئية والتقنية والمصارف والمتاجر الإلكترونية وأصحاب المشروعات الناشئة.
يُذكر أنّ جمعية الأطفال أولًا تسعى من خلال مؤتمر ومعرض عُمان للطفولة إلى تمكين الأطفال ذوي الإعاقة والمعنيين بهم عبر تعزيز الشراكات، وتبادل الخبرات، واستعراض أفضل الممارسات والتقنيات الداعمة، بما يُسهم في تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية الشاملة