أسطول الصمود وثقافة الصمود لن أبالغ إذا قلت: إن أمة المليار مسلم تواجه تحديات جمّة في عالم مليء بالتحديات والصراعات، تواجه ثقافة الاستسلام وثقافة الصمود الأولى، تمثل العجز والقبول بالواقع، حيث تكتفي المجتمعات بالجلوس والنظر إلى ما يحدث في فلسطين. إن قضية فلسطين قضية غير مجدية ، كم منّا يتجنّب الخوض في هذه المسألة ؟ وكم منّا لا يرغب بسماع أي خطاب حول فلسطين في وقت نصرف أوقاتاً في الاهتمام بقضايا في البلدان أخرى، ولكن لا نفعل شيئاً من ذلك عندما يتعلق الأمر بفلسطين والفلسطينيين،
وفي الثانية تبرز ثقافة الصمود كفلسفة حياة تعتمد على الفعل الواعي، إنها ثقافة تدعو إلى مواجهة التحديات بشجاعة، وتعزيز روح التضامن والتعاون بين الأفراد . وهذا التعاون والتضامن تجلى في أسطول الصمود الذي انطلق في لحظة صفاء ترعاه عناية الله، إن هذا الأسطول عبّر عن إرادة الشعوب في النضال من أجل حقوقها وكرامتها وقد مثلت قيمة ثقافة اللاعنف، وهذا ما شاهدناه كيف مثلت إمامة اللواتية وغيرها الثبات والصمود أمام التحديات التي واجهوها عندما حاصرتهم القوة البحرية الإسرائيلية وهم يرددون: "الحرية لفلسطين".
إن هذا الإيمان العميق بأن التغيير ممكن ولو في أحلك الظروف، إن هذه العبارات ليست ردّة فعل على الأزمات، بل هي فلسفة الحياة تتضمن مجموعة من القيم والممارسات التي تهدف إلى الوعي الجمعي، وتحفز الآخرين على اتخاذ خطوات فعالة، وأن كل فرد يستطيع أن يمارس ثقافة اللاعنف وفي أشدّ الظروف قسوة في شدّ الروابط الاجتماعية، وتحقيق أهداف تصب في مصلحة قضية فلسطين .
إن أسطول الصمود نسخة متطورة من ثقافة المقاومة بصيغته اللاعنفية ، هناك رسالة في سياق الصمود أن روح التعاون والعمل الجماعي في دعم القضية الفلسطينية يعتبر خطوة أساسية نحو تغيير إيجابي يعزّز كرامة الإنسان ويعيد الأمل. إن النصر آتٍ آتٍ وأن لا أحد يستطيع الوقوف أمام إرداة الشعوب، وأن الأمة الإسلامية تستطيع أن تُعيد مكانتها وتتحرر من الهزائم النفسية.
إن أسطول الصمود أوضح في رسالته أن ثقافة الصمود باللاعنف ليس عجزاً أو ضعفاً أو هروباً من النزاع وتجاهله، بل الهدف منه إبراز ظلم المحتل الصهيوني من جهة، وتأليب الرأي العام على هذا الظالم الذي أراد بالقوة التدميرية إلحاق الأذى بالشعب الفلسطيني وتقويض روح الصمود من جهة ثانية.
من هنا يجب أن ندرك أن رسالة أسطول الصمود أعادت الأمل في تحقيق التغيير وفي بناء مجتمع قوي قادر على مواجهة التحديات من أجل مستقبل أفضل.