أوبرا "سندباد: البحار العماني" باللغة العربية .. تعكس بامتياز ثراء التراث والثقافة العمانية

مزاج السبت ٠٤/أكتوبر/٢٠٢٥ ١٨:٥٤ م
أوبرا "سندباد: البحار العماني" باللغة العربية .. تعكس بامتياز ثراء التراث والثقافة العمانية

مسقط - خالد عرابي – تصوير: خالد البوسعيدي

قدمت دار الأوبرا السلطانية مسقط مساء أول أمس الجمعة عرضها وإنتاجها العالمي الأول "سندباد: البحار العماني " كأول أوبرا باللغة العربية، وذلك على مسرحها الرئيسي، والذي نجح في أن يعكس ثراء وتنوع وتفرد وخصوصية التراث والثقافة العمانية، حيث تميز العرض بالتفرد والخصوصية والثراء من حيث القصة والموسيقى والملابس والديكور وزادها حسا وزينة عبق عطر "السندباد" من دار أمواج للعطور ليشكل الجميع مزيجا يجمع بين جميع الحواس في آن واحد.

تأتي أوبرا "سندباد: البحار العماني " بالاشتراك مع قصر الفنون ببودابست "موبا"، وهي أوبرا مكونة من فصلين، عن قصة من تأليف وموسيقى المايسترو هشام جبر، وقصة وحوار نادر صلاح الدين، وأداء أوركسترا الإذاعة السيمفونية المجرية، والفرقة الشرقية، بقيادة الموسيقار هشام جبر، وبمشاركة كورال القاهرة السيمفوني، وفريق الإنشاد الأوبرالي العماني بقيادة مينا نبيل، وبمشاركة باليه جيوري، وفرقة الأجيال الشعبية التقليدية من ولاية صور. وكان من أبرز ما ميّز العرض المزج ما بين الموسيقى الشرقية والغربية، حيث المزج ما بين فرقة شرقية والأوركسترا، حيث دمجت بعض الآلات التقليدية كالعود والقانون فخلقت مزيجا موسيقيا فريدا جمع بين الشرق والغرب. كما ميز هذا العرض العالمي الرائع تصاميم الديكور والأزياء المستوحاة من العمارة والأزياء التقليدية والمناظر الطبيعية العمانية الخلابة، فتمازجت جميع هذه الأشياء لتشكل مشاهد عمانية خالصة ترسم صورة حية لجمال عمان بجبالها المهيبة وصحاريها ذات الرمال الذهبية، وسواحلها الممتدة الخلابة ليترجل على جنباتها السندباد العماني مشكلا الشخصية العمانية الفريدة.

قصة العرض

البداية من القصة نجح المؤلف منذ بداية العرض أن يبرز التراث والثقافة العمانية بثراءها وتنوعها فجاءت في ثوب عماني خالص، حيث نجح المؤلف الموسيقى الموسيقار هشام جبر في الدمج بين الموسيقى العمانية والشرقية والغربية، حين استهل العرض بدخول فرقة الأجيال الشعبية من ولاية صور - وهي عاصمة التراث البحري العماني - ليظهر أعضاءها على المسرح وهم يعزفون ويرقصون على قرع الطبول وآلة " مزمار القربة" العمانية الأصيلة التي تعكس التراث البحري العماني، وخاصة " الصوري" نسبة إلى ولاية صور التي لطالما مثلت أهمية كبيرة في التراث والتاريخ البحري العماني، فكانت وما زالت مهد صناعة السفن التقليدية العمانية-، ثم تبعها بدخول بالكورال العماني في منظر مهيب يدعمه ويظهر جمال وتفرد وخصوصية وقوة التراث العماني الأصيل منظر السفينة العمانية والملابس التقليدية العمانية، فتشعر بمزيج من الفخر والهيبة حينما تسمع الكورال يردد: "في البحر أمضينا سنين.. لكننا بعد العناء.. بعد المشقة والصعاب" فتشعر وكأنك في مشهد حقيقي أو كأنك واحد من هؤلاء الذين يقومون يؤدون الدور ولكن مع الشعور وكأنك في جولة سندباد حقيقية.

ثم تبع ذلك بدخول بعض الآلات الموسيقية العربية وظهور السندباد العماني "قام بالدور رجاء الدين" بصوته الأوبرالي المميز لتبدأ الحكاية من ميناء يعج بالحركة حيث يعود البحارة بعد سنوات طوبلة في عرض البحر، وتعلو الأهازيج وتنشر البهجة مع استقبال الأهالي لأحبتهم، وبينهم يظهر السندباد منتصرا، وهو يشدو بأغنية عن الحب والانتماء، ولكن سرعان ما ينقطع احتفاله حين يستدعيه مندوب صارم من القصر على وجه السرعة.

ويخيم الحزن في قصر الحاكم إذ لا يزال الحاكم ينوح على اختفاء ابنته الصغرى الأميرة سر الحياة الغامض، يستغل الوزير الماكر سمعان "قام بالدور أشرف سويلم" الموقف، ويقترح بخبث إرسال السندباد للبحث عن سر الحياة، وذلك حتى يبعد السندباد عن الأميرة وخطيبته "فيروز" ورغم تردده يوافق الحاكم مدركا أن السندباد مخطوب لأبنته الكبرى فيروز "قامت بالدور ديما بواب" . ومما يميز هذا المشهد دخول آلة العود كآلة عربية أصيلة ليعزف الفنان العماني الموهوب "نبراس الملاهي" مقطوعات شرقية أصيلة تعكس العمق والثراء الموسيقى العماني الشرقي. وأكمل تلك اللوحة الثراء من حيث الأزياء العمانية التقليدية بتطريزها الفريد وألوانها الزاهية ، ويكملها مشهد عماني خالص عز أن تراه إلا في عمان حيث برز الحاكم "قام بالدور رضا الوكيل" وخلفه "سمعان" وهما يرتديان الملابس العمانية "الدشداشة والبيشت وزين وسطهما بالخنجر العماني، مع إبراز الديكور المنبثق من التراث والعمارة العمانية والعربية الأصيلة.

لحظة رومانسية خفية

وتستمر القصة والمشاهد فيلتقي السندباد فيروز سرا، ويتبادلان وعود الحب في لحظة رومانسية خفية، إلا أن سعادتهما لا تدوم، إذ يستشيط الحاكم المستاء غضبا من فرحتهما وسط المأساة، ويصدر قرارا بألا يتزوج السندباد فيروز إلا إذا عاد بالأميرة المفقودة، وإلا فسينفى بعيدا عن وطنه.. وفي الوقت نفسه يتواطأ سمعان الخائن مع ساحرة شريرة منفية خارج البلاد، فيحيكان سويا مؤامرة شريرة للقضاء على السندباد، وأثناء استعداده - أي السندباد- للرحيل، يلتقي شيخا غامضا يلمح خاتما في أصبعه فيحذره من الشر الذي سيواجهه، ويهديه سيفا يقال أنه لعنترة بن شداد، وأنه سيف لا يخذل صاحبه أبدا.

ينطلق السندباد في رحلته البحرية للبحث عن الأميرة المفقودة سر الحياة " قامت بالدور دانة البلوشية"، بينما تتسلل "فيروز" متخفية في زي بحار، وتحمل معها مخطوطة نادرة يعتقد أنها مفتاح الوصول إلى الأميرة، ولكن سرعان ما يتبدد الأمل عندما تطلق الساحرة عاصفة هوجاء تغرق السفينة، ووسط العاصفة العاتية يبتلع البحر الطاقم واحدا تلو الآخر لينسدل الستار على الفضل الأول من العرض في لحظة هزيمة مروعة. وهنا يعلو صوت الخونة من الساحرة الشريرة وسمعان وتسمع هتاف : " نحن اقطاب الفاسد نحن أوتادالشرور .. نحن مقصد كل فاسد، ينبغي ضر الأمور" .

الفصل الثاني

يبدأ الفصل الثاني بمشهد للسندباد على جزيرة مهجورة وقد تصاعدت الرياح والموج وهاج البحر، يصحو السندباد بعد غرق السفينة ليجد طاقمه ضائعا بين الموت والفقدان، بلينما غابت فيروز عن الأنظار، ويتسائل عما جري ولماذا هم في هذه الجزيرة المعزولة، وفي غمرة من اليأس يلتقي السندباد ببعض البحارة الناجين الذين يروون له أهوال الوحوش المرعبة والجزيرة الملعونة، ويخرج عليه بعض الكائنات المخيفة التي تهاجمهم ولكن سيف عنتره يخلصه ممن ثاروا ضده، كما ينقذهم أيضا قرصان غامض يستخدم نايا سحريا لطرد الشر والأشرار . يروي القرصان أن لعنة الساحرة كبلته طوبلا، ثم يطلب من السندباد أن يكون حليفه في مواجهة قوتها الغاشمة. يستعيد السندباد عزيمته ويجمع رجاله استعدادا للمواجهة.

وفي كهف الساحرة تظهر فيروز سجينة لدى الوزير سمعان الذي خان والدها، وسلمها للساحرة طمعا في السلطة. يعقد سمعان إتفاقا مع الساحرة، غارقين في متعة الشر الذي يجمعهما، بيتما ينطلق السندباد والقرصان ورجالهما إلى معركة حاسمة، وبفضل قوة الناي، يتهاوى سحر الساحرة، ويقضى عليها، بينما يثور سمعان غاضبا، إلا أنه يهزم في النهاية.

 تتحرر فيروز ، و يكتشف الثلاثة عطر الحياة وهو العلاج الأسطوري الذي سينقذ الأميرى المفقودة "أخت فيروز" الصغرى ، و يعودون جميعا إلى الوطن ، حيث خيم اليأس ، وهنا يبزغ الأمل مع إطلالة الأميرة الصغيرة على متن السفينة ، فتغمر الفرحة الجميع، و يحتفى بالحب والوحدة والتضحية وقد انتصرت على قوى الشر والظلام، لتعود سر الحياة ويولد الأمل من جديد.

 عطر الحياة .. تجربة متعددة الحواس

وفي لفتةٍ فريدةٍ غير مسبوقة، تعاونت دار الأوبرا السلطانية مسقط مع دار العطور العُمانية العالمية أمواج، حيث تم إطلاق عطر خاص بعنوان: "سندباد". وقد استلهم العطر من أسطورة " العطر السحري " في الأوبرا، وقد صُنع بنفحاتٍ من العسل والشاي الأسود والمانجو والفانيليا، مع قاعدة من خشب الصندل المعتّق الذي تم تخزينه لمدة 6 أشهر في براميل خشبية خاصة لمنحها عبقاً دافئاً وزمناً خالداً، ليقدّم العطر رحلة عطرية موازية لمغامرة العرض الأوبرالي.

وشهد الجمهور تجربة فريدة، إذا تم عقب تدشين العطور بحضور صاحب السمو السيد الدكتور كامل فهد آل سعيد، عضو مجلس إدارة دار الأوبرا السلطانية مسقط، والسيد خالد بن حمد البوسعيدي، رئيس مجلس إدارة دار أمواج للعطور، تم نتشر العطر برقّة في القاعة خلال لحظات رئيسية من العرض، مما أتاح للجمهور تجربة حسية متكاملة، ليس فقط من خلال الموسيقى، والإخراج، بل من خلال الرائحة العطرية. وحول هذا العنصر المتعدّد الحواس دار الأوبرا السلطانية مسقط إلى تجربة ثقافية غامرة بكلّ معنى الكلمة..

وبحسب دار أمواج للعطور، سيتوفر هذا العطر الفريد بكميات محدودة في متاجر " أمواج " المختارة داخل السلطنة، بما في ذلك: مول عمان، مصنع أمواج ومركز التصنيع والزوار، وفندق ماندارين أورينتال، ومركز سابكو، إضافة إلى متجر دار الأوبرا السلطانية مسقط.