الشيخ سالم العريمي يترجل.. رحيل الأب الروحي للعروبة ورمز الرياضة العمانية

الجماهير الجمعة ٠٣/أكتوبر/٢٠٢٥ ٢١:٤٠ م
الشيخ سالم العريمي يترجل.. رحيل الأب الروحي للعروبة ورمز الرياضة العمانية

بقلم: سالم الحبسي 

بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، ودّعت عُمان اليوم واحدًا من رجالها الكبار، وأعمدتها الوطنية، الشيخ سالم بن سعيد آل فنه العريمي، الذي وافته المنية بعد مسيرة حافلة بالعطاء، امتدت لما يقارب تسعة عقود، كان فيها رمزًا رياضيًا، واقتصاديًا، وأكاديميًا، وثقافيًا فريدًا، واسمًا محفورًا في ذاكرة ولاية صور والوطن بأكمله.

الأب الروحي للعروبة.. وقائد “الاتحاد الحديدي”

ارتبط اسم الشيخ سالم العريمي بنادي العروبة الرياضي، الذي شكّل له أكثر من مجرد نادٍ؛ كان مشروعًا وطنيًا وصوتًا شبابيًا، رعاه كأبٍ قبل أن يكون رئيسًا. وخلال سنوات قيادته، حقق النادي إنجازات بارزة، وأصبح من الأندية العمانية الرائدة.

كما تولى رئاسة الاتحاد العماني لكرة القدم في مرحلة وُصفت بأنها “الحديدية”، نظرًا للحزم والتنظيم الذي ميّز تلك الحقبة، ليُعرف بـ”الاتحاد الحديدي”، وهي تسمية لم تأتِ من فراغ، بل من إدارته الصارمة والمبنية على رؤية واضحة لتطوير اللعبة محليًا.

رجل الاقتصاد والمبادرة الوطنية..

لم يكن الشيخ سالم مجرد رجل رياضة؛ بل كان رائدًا اقتصاديًا من الطراز الأول، أسّس في السبعينات شركة جلفار، والتي تحوّلت لاحقًا إلى إحدى أكبر الشركات العمانية وأكثرها تأثيرًا في بيئة الأعمال.

مؤسس الجامعة الوطنية.. ورائد التعليم..

ومن بوابة المسؤولية الاجتماعية والوطنية، أسّس الشيخ سالم الجامعة الوطنية، التي تضم اليوم خمس كليات، في خطوة عكست إيمانه العميق بأن التعليم هو الاستثمار الحقيقي في الإنسان العُماني.

قارئ ومثقف..وشخصية عُمانية  ضاربة في الجذور..

كان الشيخ سالم قارئًا نهمًا، مثقفًا واسع الأفق، يتمتع بحس وطني مرهف وشخصية متزنة. لم يُغادر “صور” معنويًا أبدًا، وظل مخلصًا لها، حيث أسّس فيها مجلس العوام، شامخًا على ضفاف خور صور، بجانب متحف السفن العمانية التي خلّد التاريخ رحلاتها إلى الهند والسند والصين، في صورة تجسّد ارتباطه العميق بالإرث العُماني البحري والحضاري.

العمامة الصُورية.. والتاريخ الذي لم يتخلَّ عنه

لم يتخلّ الشيخ سالم يومًا عن عمامته الصُورية العتيقة، رمز انتمائه واعتزازه بموروثه العُماني الأصيل. وحتى في مكتبه بـ”جلفار”، الذي شهد محطات مهمّة من حياته، ظل مُتمسكًا بهويته، رجلًا من جيل الروّاد الذين آمنوا بأن الحداثة لا تعني التفريط بالجذور.

كلمة وداع..

يرحل الشيخ سالم العريمي، لكن أثره باقٍ في كل حجر في “صور”، في كل شاب تعلّم من مشاريعه، في كل هدف سُجّل تحت راية العروبة، وفي كل طالب نهل من كليات الجامعة الوطنية.

رحم الله الشيخ سالم بن سعيد آل فنه العريمي، وأسكنه فسيح جناته.

إنا لله وإنا إليه راجعون.