رحلة عبدالله الملحم إلى مدغشقر .. اكتشاف الحياة على جزيرةٍ تبدو من عالمٍ آخر

لايف ستايل الأحد ٢٨/سبتمبر/٢٠٢٥ ٠٩:٢٧ ص
رحلة عبدالله الملحم إلى مدغشقر .. اكتشاف الحياة على جزيرةٍ تبدو من عالمٍ آخر

الرياض - الشبيبة 

في إحدى حلقات بودكاست «فنجان»، جلس الرحّالة عبدالله الملحم يتحدث بهدوءٍ عن تجربته التي وصفها بأنها “الأكثر غرابة ودهشة” في حياته — رحلة إلى مدغشقر، الجزيرة التي بدت له كأنها خرجت من كوكبٍ آخر.

قال الملحم وهو يبتسم: "لم أشعر أنني أسافر إلى جزيرة، بل إلى زمنٍ مختلف… إلى مكانٍ نجا من فكرة التطور التي نعرفها."


كانت البداية من السماء، عندما ظهرت له مدغشقر ككتلةٍ خضراء وسط المحيط الهندي، تحيط بها الغيوم من كل الجهات.

لكن ما إن حطت الطائرة، حتى اكتشف أن ما يراه من الأعلى لا يُشبه شيئًا مما ينتظره على الأرض.

الطبيعة التي لا تكرر نفسها

منذ اللحظة الأولى، جذبته غابة الباوباب — ذلك المشهد الذي بدا كأنه خيال علمي.

الأشجار ضخمة، صامتة، وأ rootsها متجهة إلى السماء، كأنها تعكس قوانين الطبيعة.

يقول عبدالله:"كانت الغابة تشبه متحفًا مفتوحًا… كل شجرة تحمل حكاية قرية كاملة."

أهل مدغشقر يتعاملون مع الأشجار كما يتعاملون مع أجدادهم؛ بالاحترام والهدوء. لا أحد يقطعها إلا لأجل ضرورة قصوى، فكل شجرة عندهم تُعتبر ذاكرة حية.

مخلوقات لا تعرف العالم الخارجي

بعد أيامٍ في الشمال، سافر الملحم إلى الغابات المطيرة في الشرق، حيث يعيش الليمور، الحيوان الذي لا يوجد في أي مكان آخر على الكوكب.

لم يكن المشهد مجرّد لقاءٍ مع كائنٍ غريب، بل اكتشافًا لطريقة تواصل مختلفة.

"الليمور لا يخاف من الإنسان، بل يراقبه بفضول.

حين يرفع ذيله فهو يُحذّر، وحين يقفز كأنه يرسم خريطة للطريق."

السكان المحليون يتعاملون معه كجارٍ قديم، لا ككائنٍ بري.

تلك العلاقة بين الإنسان والطبيعة هي ما جعل الملحم يشعر أن مدغشقر "تعلمنا ما ننساه في المدن: التوازن".

البساطة التي تحكم الحياة

لم تكن تجربة عبدالله في مدغشقر مجرد مغامرة بيئية؛ كانت درسًا في إيقاع الحياة.

في القرى، الحياة تمضي ببطءٍ يشبه نبض الأرض.

يقول: "لم أرَ أحدًا مستعجلًا هناك. كل شيء يُفعل بهدوء وكأنه صلاة."

الطعام يُطهى ببطء احترامًا للمكونات، والضحك هناك له طقوسه الخاصة، والحديث يُدار دون مقاطعة.

حتى الصمت عندهم له معنى.

"في مدغشقر، الاستماع ليس أدبًا فقط… إنه احترامٌ للحياة."

حين يصبح الصمت معلّمًا

أكثر اللحظات التي يتذكرها الملحم كانت في الجنوب، في صحراءٍ حمراء تمتد بلا نهاية.

توقف هناك، وضع الكاميرا جانبًا، وظل ينظر حوله في سكونٍ كامل.

"لم أسمع شيئًا… لا ريح، لا طيور، فقط صمتٌ يجعل أفكارك ترتب نفسها دون جهد."

في تلك اللحظة، فهم أن السفر لا يعني دائمًا اكتشاف أماكن جديدة،

بل أن تسمح للمكان أن يكتشفك أنت.

مدغشقر… حالة وليست وجهة

حين عاد، قال عبدالله في ختام الحلقة: "مدغشقر علّمتني أن العالم ليس مكانًا واحدًا، بل عوالم كثيرة تنتظر من يفهمها لا من يمرّ بها سريعًا."

فهناك، لا شيء يحدث بالصدفة.

كل حركة للطبيعة متزنة، وكل عادة بشرية جزء من منظومةٍ عميقة.

الطبيعة ليست منظرًا،

الحيوان ليس غريبًا،

والعادات ليست غرابة.

بل انسجام كامل بين كل ما هو حي.

يختم الملحم حديثه قائلاً: “السفر الحقيقي لا يضيف لك صورًا جديدة… بل يضيف لك طريقة مختلفة لرؤية الحياة.”