لهذه الأسباب.. النفط يلاقي دعما للارتفاع

مؤشر السبت ٢١/مايو/٢٠١٦ ١٨:٢١ م
لهذه الأسباب.. النفط يلاقي دعما للارتفاع

العمانية/ لا شك أن تراجع الدولار خلال الأشهر الأربعة الأولى من 2016 كان عاملًا هامًا، غير أنّه ليس العامل الوحيد الذي أدّى إلى حالة الانتعاش التي شهدتها في مختلف السلع هذه السنة حيث وصل مؤشر ’بلومبيرغ‘ للدولار (الذي يتعقّب أداء الدولار مقابل سلّة تضم 10 من العملات الرائدة) إلى القاع عن عام كامل في الثالث من شهر مايو الحالي ثم بدأ بالتعافي منذ ذلك الحين ليساهم في تشكيل ريح معاكسة للسلع المقوّمة بالدولار. وقال اولي هانسن رئيس قسم استراتيجيات السلع لدى "ساكسو بنك " ان قوة الدولار لم تكن كافية لمنع النفط الخام من محاولة تحقيق كسر آخر فوق مستوى 50 دولارًا للبرميل، والذي يشكل حاجزًا نفسيًا هامًا، مع العلم بأن انقطاعات الإنتاج في كندا ونيجيريا من شأنها أن تخفّف المعروض بشكل كبير مؤقتًا.

وقد ساهم هذا الواقع - بالإضافة إلى أول عملية سحب موسمية للمخزون في الولايات المتحدة والتقييم الإيجابي للطلب العالمي من قبل الوكالة الدولية للطاقة- في دعم الأسعار التي تعكس بوادر زخم إيجابي متنامٍ. واضاف في تحليل له ان السكر قد لاقى دعمًا كنتيجة للاضطرابات السياسية في البرازيل والعجز الحالي في المعروض، في حين ارتفعت القهوة بفعل الجفاف في فيتنام وتحسّن الريال البرازيلي، وقد شهد فول الصويا فورة لمدّة يوم واحد إثر الخفض الحاد للمخزون المتوقّع للسنة القادمة. وقد تأثرت المعادن الصناعية سلبًا بالفقاعة التي شهدتها السلع الصينية المتداولة في البورصة مثل فلذات الحديد والفولاذ، بالإضافة إلى المخاوف المتعلّقة بمستقبل الطلب في الصين.

وكانت العقود الآجلة لفولاذ التسليح الصيني في طليعة السلع التي شهدت ارتفاعًا في المضاربة الشهر الماضي رغم ما تعانيه من إفراط مزمن في المعروض، ثم تعرضت للانهيار بعدها. وكانت خسارتها بنسبة 12 بالمائة الاسبوع الماضي الأكبر من نوعها، وساهمت في إضعاف الإقبال على المعادن الصناعية الأخرى لتجعل من الألمنيوم والنحاس اثنين من أسوأ هذه السلع أداءً. وقد أدت فقاعة السلع الصينية- التي تشكلت عقب الإجراءات الصارمة التي اتخذتها السلطات الشهر الماضي- إلى حدوث انهيار في الفولاذ وفلذات الحديد من حيث كميات التداول والأسعار على حد سواء. ولا يزال كل من الذهب والفضّة مدعومين بشكل جيّد رغم الإيرادات التي تم تحقيقها هذا العام، والتي تزيد على 20 بالمائة. وهناك العديد من العوامل الرئيسية التي ترسم ملامح المشهد الحالي، ومنها بطء النمو، والتراجع الدائم لاحتمال أن ترتفع أسعار الفائدة الأمريكية أكثر، علاوة على انخفاض أسعار الفائدة الحالية كنتيجة لسياسات البنوك المركزية.

وبما أنّه من المستبعد أن تتلاشى معظم العوامل المشار إليها أعلاه عمّا قريب، فإن المستثمرين من مؤسسات وأفراد يواصلون البحث عن ملاذات استثمارية بديلة مثل الذهب. وقد أسهم هذا الطلب "الورقي" في التعويض بشكل أكثر من المطلوب عن التباطؤ الذي شهده الطلب على المجوهرات، والذي يتسم بكونه أكثر حساسية للأسعار والنمو. ونما الطلب على الذهب عبر المنتجات المتداولة في البورصة والعقود الآجلة بمقدار يفوق 1000 طن منذ بداية العام وحتى الآن؛ وقد رفعت صناديق التحوّط الأسبوع الماضي رهاناتها على العقود المستقبلية بمعدّل 27 بالمائة لتصل إلى مستويات شبه قياسية. وتراجع الذهب والفضة هذا الأسبوع مع انتعاش الدولار، غير أن التوجّه الصاعد لا يزال مستقرًا، إذ لا يزال أي تراجع يلاقي مزيدًا من الطلب على الشراء. وفي حين قد تشكّل القوة الصاعدة للدولار نوعًا من الريح المعاكسة، غير أنّ هناك حالة واضحة من عدم اليقين حيال استمرار الدعم، نظرًا للقوة المضادة التي يمثلّها التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وتقلبات أسواق الأسهم. . وأسسّ الذهب نطاقًا واسعًا بين /1225/ دولارًا امريكيًا إلى /1310/ دولارات امريكية للأونصة، مع وجود دعم عند /1257/ دولارًا امريكيًا للأونصة.

وشهد كلٌ من خام برنت وخام غرب تكساس محاولات جديدة لتحقيق كسور إلى مستويات أعلى الأسبوع قبل الماضي، حيث إن انقطاعات المعروض في أماكن عديدة من العالم ومستوى الطلب العالي ساهما في دعم الزخم الصاعد القوي الذي نشأ منذ الوصول إلى القيعان التي تم تسجيلها سابقًا خلال العام الجاري. وقد أدّت حالات انقطاع المعروض التي شهدتها فنزويلا وكندا في الآونة الأخيرة إلى تخليص السوق من جزء كبير من المعروض اليومي المفرط. وساهمت هذه التطورات- إلى جانب أول سحب موسمي من المخزون الأمريكي والتقييم الإيجابي للطلب العالمي من قبل وكالة الطاقة الدولية- في دعم الأسعار التي تبدي زخمًا إيجابيًا بشكل متنامٍ. وقد تراجع النفط الخام بفئتيه - برنت وغرب تكساس- عن بعض المكاسب التي تم تحقيقها هذا الأسبوع بعد تسجيل قمة مزدوجة. . ولا تزال الصلة وثيقة بين النفط الخام والدولار، لاسيما وأن القوة التي أبداها الدولار نهاية الاسبوع قبل الماضي من شأنها تحفيز حركة لجني بعض الأرباح، فضلًا عن التقارير التي تشير إلى أن إنتاج ’أوبك‘ وصل إلى القمة عن سنين عديدة خلال أبريل الماضي. وفيما تواصل /أوبك/ زيادة إنتاجها (في حركة تعزى إلى إيران بالدرجة الأولى)، فإنها تغدو أكثر اعتمادًا على خفض كميّة المعروض من قبل الجهات المنتجة الأخرى بهدف الحفاظ على استقرار الأسعار الحالية. واوضح اولي هانسن ان عودة الخام الإيراني إلى الساحة بعد رفع العقوبات عن إيران تشكل أحد أهم العوامل التي تؤثر على السوق في 2016. ولا يزال التباطؤ في الإنتاج الأمريكي حساسًا للأسعار، وبما أن تداول خام غرب تكساس يتم عند مستويات قريبة للغاية من 50 دولارًا للبرميل، فإن احتمال حدوث تباطؤ في الإنتاج قد يؤدي إلى إضعاف التوقّعات الحالية بعودة التوازن إلى السوق.

وقال ان عودة التوازن لا تزال مرتبطة بالأسعار بشكل كبير في الوقت الراهن؛ حيث نعزو هذا إلى التباطؤ غير المقصود في إنتاج النفط خارج إطار /أوبك/ (مثل النفط الصخري في الولايات المتحدة)، إلى جانب الانقطاعات العديدة في الإنتاج، والتي يتسم أغلبها بطبيعتها المؤقتة. ومن المحتمل أن نشهد عودة للسعر إلى 50 دولارًا للبرميل خلال الربع الحالي، غير أن كل العوامل تشير إلى احتمال حدوث مزيد من الهبوط. وستبدأ المخزونات الأمريكية هبوطها السنوي، وخلال الأسابيع القادمة ستكون الانخفاضات الإضافية مدعومة بتراجع الواردات من كندا التي تعمل ببطء على استعادة كامل قدراتها بعد الحرائق التي التهمت مساحات شاسعة من غاباتها وبدأت مخزونات النفط الخام الأمريكية هبوطها الموسمي بعد وصولها إلى قمّة عن 80 عامًا، في حين لا تزال مخزونات البنزين مرتفعةً للغاية. والآن مع تباطؤ نمو المخزونات، فإن الأنظار ستتجّه إلى المصافي وقوة الطلب على تصفية النفط الخام. ويبقى الطلب على البنزين في حال جيّدة عند مستوى يفوق مستوى العام الماضي بمعدّل 325 ألف برميل، ولكن بالمقابل لدينا مخزونات راكدة تزيد بمقدار 14 مليون برميل عن الفترة ذاتها من العام الماضي (علما أن هوامش المصافي تعتبر أدنى من هذا المستوى بمعدّل 15 بالمائة عن الفترة ذاتها من السنة الفائتة).

ويجري تداول خام غرب تكساس حاليا ضمن نطاق بين 43 إلى 47 دولارًا للبرميل، في حين يتحرّك خام برنت بين 43إلى 48 دولارًا للبرميل، وليس هناك من شيء مؤكد في هذه الصورة سوى أن الأسواق مقبلة على الكثير من التقلّبات في هذه المرحلة. وما من شكّ أن أسعار النفط ستتعافى في نهاية المطاف لاجتذاب استثمارات جديدة وتنشيط عمليات التنقيب والاستخراج، غير أنّه ما زال من المجهول حتّى الآن متى ستبلغ السوق نوعًا من التوازن بين الطلب والمعروض، وهو ما سيضمن حدوث الكثير من التقلّبات على مدى الأشهر القادمة في حين لا يزال خام غرب تكساس وخام برنت محكومين بمنحييهما الصاعدين، غير أنهما يواجهان بعض المصاعب حاليًا. وتلقت سوق الحبوب، ولاسيما فول الصويا، دفعة قوية إثر تقرير "التقديرات العالمية للعرض والطلب الزراعي" خلال أبريل الماضي حيث كان هذا التقرير أول منشور شهري يقدّم تقديرات حيال انتهاء المخزونات للسنة التسويقية 2016-2017.

ومن هنا، فقد وصلت العقود الآجلة لفول الصويا إلى قمّة عن 17 شهراً مع بلوغ العديد من العقود للحد الأقصى اليومي المسموح به، وذلك بعد صدور التقرير الذي يشير إلى احتمال تراجع المخزونات العالمية - ولاسيما الأمريكية- لمستويات دون ما هو متوقّع وقد تراجعت المخزونات العالمية إلى القاع عن ثلاث سنوات، مع بلوغها مستوى أدنى بـ5 ملايين طن من المستوى المتوقع عند 2ر68 مليون طن. ولم تشكّل المخزونات الأمريكية استثناءً لهذه الحالة، حيث كانت أقل بـ100 مليون بوشل من الحجم المتوقع عند 305 بوشل. وثمّة مخاوف حيال استدامة الصعود الأخير بعد الارتفاع الذي شهدته دفعة شهر نوفمبر من فول الصويا خلال ربع واحد هذا العام. وهناك احتمال بأن تتعرض الأسعار لنكسة كنتيجة للارتفاع المحتمل الذي قد يطرأ على المخزون إذا لم تشهد الولايات المتحدة جفافًا هذا الصيف. وقفز فول الصويا أولا بمقدار 5 بالمائة بعد التقرير الإيجابي حول العرض والطلب على السلع الزراعية، ولكنّه يشهد منذ ذلك الحين نشاطاً لجني الأرباح إثر المستويات المخيّبة للآمال لمبيعات الصادرات.