"ملتقى الأعمال التجارية وحقوق الإنسان" يناقش تعزيز ثقافة حقوق الإنسان ضمن السياسات والممارسات التجارية

مؤشر الثلاثاء ٠٨/يوليو/٢٠٢٥ ١٦:٥٨ م
"ملتقى الأعمال التجارية وحقوق الإنسان" يناقش تعزيز ثقافة حقوق الإنسان ضمن السياسات والممارسات التجارية

مسقط - خالد عرابي

انطلقت صباح أمس أعمال ملتقى الأعمال التجارية وحقوق الإنسان، الذي تنظمه اللجنة العُمانية لحقوق الإنسان، بالتعاون مع فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالأعمال التجارية وحقوق الإنسان، وتستمر أعماله حتى غدا الأربعاء، وبمشاركة واسعة من ممثلي الجهات الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني، إلى جانب عدد من المنظمات الأممية والمؤسسات الأكاديمية، ونخبة من الخبراء والباحثين والأكاديميين المتخصصين في قضايا حقوق الإنسان والحوكمة المؤسسية، والمهتمين بالأعمال التجارية وحقوق الإنسان. وذلك تحت رعاية معالي قيس بن محمد اليوسف، وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، وبحضور الدكتور داميلولا أولاووي، عضو فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالأعمال التجارية وحقوق الإنسان.

ويأتي تنظيم هذا الملتقى في سياق الجهود الوطنية الرامية إلى ترسيخ مبادئ العدالة والشفافية في بيئة العمل، وتعزيز ثقافة حقوق الإنسان ضمن السياسات والممارسات التجارية، انسجامًا مع المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان، وبما يتوافق مع توجهات رؤية عُمان 2040 التي تولي أهمية متزايدة لبناء اقتصاد مستدام قائم على التمكين والمشاركة والمسؤولية.

يسعى الملتقى إلى تعزيز الحوار المتعدد الأطراف بين المعنيين ببيئة الأعمال، وتوسيع نطاق الوعي بالمبادئ الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وتبادل أفضل الممارسات الوطنية والإقليمية في هذا المجال، إلى جانب مناقشة التحديات الناشئة التي تواجه دمج حقوق الإنسان في السياسات التجارية، واستعراض التجارب المؤسسية الناجحة، واقتراح السبل الفاعلة لمعالجة التحديات ومواءمة التشريعات المحلية مع المعايير الدولية. كما يهدف الملتقى إلى تسليط الضوء على دور المؤسسات القضائية، والمبادرات التشريعية، ومبادرات مؤسسات المجتمع المدني في دعم هذا التوجه.

5 جلسات و 16 ورقة عمل

وتتوزع أعمال الملتقى على خمس جلسات رئيسية تُعقد على مدى يومين، وتُعرض خلالها ستة عشرة ورقة عمل علمية تتناول محاور متنوعة تشمل التشريعات الوطنية، ودور القضاء، وسياسات المؤسسات التجارية، والتجارب الميدانية لعدد من الشركات والمؤسسات الأكاديمية. ويشارك في تقديم هذه الأوراق ممثلون عن المجلس الأعلى للقضاء، ووزارة العمل، وغرفة تجارة وصناعة عُمان، وهيئة حماية المستهلك، وجامعة السلطان قابوس، وشركة أوريدو، وشركة عمانتل، ومجموعة أوكيو، والكلية الحديثة للتجارة والعلوم، والاتحاد العام لعمال سلطنة عُمان، واللجنة العُمانية لحقوق الإنسان.

وقد شهد حفل الافتتاح إطلاق المبادرة الوطنية لتوظيف عدد من الأشخاص ذوي الإعاقة في القطاع الخاص؛ حيث تسعى المبادرة إلى تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من النفاذ إلى فرص العمل في مؤسسات القطاع الخاص، وترسيخ مبدأ تكافؤ الفرص وعدم التمييز في التوظيف، بما يعزز إدماجهم في بيئات العمل بصورة عادلة ومنصفة. كما تسعى المبادرة إلى ربط مخرجات الملتقى بتوجهات عملية تسهم في دعم حقوق ذوي الإعاقة داخل سوق العمل، وتساعد في تحقيق النسبة الوطنية المستهدفة لإشراك الأشخاص ذوي الإعاقة في التوظيف.

النظام الأساسي لصون حقوق الإنسان

وقال الدكتور راشد بن حمد البلوشي، رئيس اللجنة العمانية لحقوق الإنسان في كلمته: " في عالمٍ يشهد تسارعًا لافتًا في التحولات الاقتصادية والتكنولوجية، لم تعد الممارسات التجارية بمعزل عن المسؤوليات الحقوقية، ولم يعد من الممكن فصل النشاط الاقتصادي عن القيم التي تحفظ كرامة الإنسان وتصون حقوقه الأساسية. فمن دون منظومة حقوقية واضحة، تتصدع العلاقة بين رأس المال والمجتمع، ويتحول النمو الاقتصادي إلى مسار منفصل عن مبادئ حقوق الإنسان."

وأضاف قائلا: " لقد أدركت سلطنة عُمان مبكرا هذا الترابط العميق، فجاء النظام الأساسي للدولة ليؤكد على صون حقوق الإنسان، وضمان الحريات، وتحقيق العدالة، في إطار من التوازن بين حرية ممارسة النشاط الاقتصادي والمسؤولية الاجتماعية. كما رسّخت رؤية عُمان 2040 هذا التوجّه من خلال تركيزها على بناء اقتصاد تنافسي، مرن، يقوم على مبادئ الحوكمة، والمسؤولية، والاستدامة، و احترام حقوق الإنسان."

وأكد الدكتور البلوشي أن انعقاد هذا الملتقى يأتي ترجمةً عملية لاختصاصات اللجنة العُمانية لحقوق الإنسان في مجال نشر التوعية، والتثقيف، وتقديم المشورة، ومتابعة تنفيذ الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، كما يأتي في إطار ترسيخ ثقافة حقوق الإنسان في بيئة الأعمال، وفتح نوافذ الحوار البنّاء بين القطاعين العام والخاص، ومؤسسات المجتمع المدني، والجهات الأكاديمية، والمنظمات الأممية.

وأردف قائلا: لقد تم تصميم محاور هذا الملتقى بعناية لتغطي مختلف الجوانب المتعلقة بالعلاقة بين الأعمال التجارية وحقوق الإنسان، بدءًا من المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة (UNGPs)، مرورًا بالإطار التشريعي والرقابي الوطني، ووصولاً إلى استعراض تجارب وطنية رائدة لمؤسسات وشركات تبنّت التغيير، وحققت توازنًا بين الربح والمسؤولية.

حقوق الإنسان في بيئة العمل ضرورة استراتيجية

البلوشي قال: تؤمن اللجنة العُمانية لحقوق الإنسان بأن تعزيز حضور حقوق الإنسان في بيئة العمل ضرورة استراتيجية تسهم في استدامة التنمية، وتعزيز الثقة بين المستثمر والمستهلك، وبين العامل وصاحب العمل، وبين المؤسسة والمجتمع، كما يهدف هذا الملتقى إلى تعزيز وضع سلطنة عمان لدى الفريق المعني بالأعمال التجارية وحقوق الإنسان في الأمم المتحدة واقتراح استراتيجيات تعني بمناقشة التحديات في مجال الأعمال التجارية وحقو ق الإنسان واستعراض التقدم الذي أحرزته سلطنة عمان في ذلك . وأضاف: لقد لمسنا نماذج مشرقة سواء على مستوى سياسات التوظيف، أو المبادرات المؤسسية لدعم الفئات الأولى بالرعاية، أو تبنّي ممارسات تضمن حقوق الإنسان في بيئة العمل. بالإضافة إلى دمج المعايير الحقوقية في استراتيجيات الحوكمة المؤسسية، واعتماد معايير الشفافية والمساءلة في سلاسل التوريد والإنتاج، إلى جانب الحرص على تطوير الكفاءات الوطنية في مجالات الامتثال الحقوقي والممارسات التجارية المسؤولة.

وأكد قائلا: نتطلّع من خلال هذا الملتقى إلى الخروج بمقترحات وتوصيات، وخطط عمل واضحة، تسهم في مواءمة السياسات والإجراءات المتبعة في الأعمال التجارية مع المعايير الوطنية والدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، والدفع نحو شراكات فعالة تستند إلى الشفافية والمساءلة والاحترام المتبادل.

وأختتم الدكتور راشد البلوشي كلمته قائلا: " ختاما أتقدم باسم اللجنة العمانية لحقوق الإنسان، بخالص الشكر والتقدير إلى معالي قيس بن محمد اليوسف، وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، راعي حفل افتتاح أعمال الملتقى، و وإلى الدكتور داميلولا أولاووي، عضو الأمم المتحدة العامل المعني بالأعمال التجارية وحقوق الإنسان، ولجميع مقدمي أوراق العمل، ورؤساء الجلسات، والمشاركين، ووسائل الإعلام، و لكل من أسهم في الإعداد لهذا الملتقى، ولكل من لبّى الدعوة للحضور والمشاركة.

الريادة العُمانية في مجال المناخ

وقال الدكتور داميولاس.اولاوي عضو فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالأعمال التجارية وحقوق الإنسان أنه منذ عام 2011، أطلقت أكثر من 30 دولة حول العالم خطط عمل وطنية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان، موضحةً ما يجب على الشركات المسؤولة القيام به لدعم جهود الحكومات في تحقيق التنمية المستدامة واقتصاد المعرفة، معربًا عن تثمين المجموعة لمبادرة سلطنة عُمان -من خلال هذا المنتدى- في البدء بحوار مهم في هذا الصدد.

وأردف اولاوي في كلمته قائلا: نظرًا للريادة العُمانية في مجال المناخ وكونها من أوائل الدول في المنطقة العربية التي صادقت على اتفاقية باريس، ومن أوائل الدول التي اعتمدت استراتيجية الحياد الصفري، فضلًا عن كونها مركزًا استراتيجيًا لريادة الأعمال والتكنولوجيا والابتكار، فإن مجموعة العمل التابعة للأمم المتحدة المعنيّة بالأعمال التجارية وحقوق الإنسان على اقتناع بأنه إذا قادت سلطنة عُمان المسيرة في هذا المجال، فستستفيد دول المنطقة وغيرها من تجربتها وتتبع خطاها.