وزارة العمل دعت المؤسسات وشركات القطاع الخاص والتي أكملت سنة من تاريخ تأسيس السجل التجاري بأهمية تعيين مواطن واحد على الأقل خلال شهر من هذا التوجيه والذي أثار الكثير من التساؤلات وعبر منصات التواصل الاجتماعي خاصة مجموعات الواتسب والتي ناقشت هذا الموضوع بستفاضة والبعض أبدى استغرابه من هذا القرار الغير مدروس ونتائجه قد تكون عكسية.
وقد سارعت وزارة العمل الى اصدار توضيح حول فحوى ذلك القرار وأسبابه والرد على ما يتم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي حول تعيين عماني واحد لكل سجل تجاري أكمل سنة حيث اكدت الوزارة بأن القرار جاء ضماناً للتوازن بين استدامة الأعمال وتوطين الوظائف، لذا أعتمدت حزمة من الضوابط والحوافز المتكاملة لتطبيق قرار تعيين مواطن عماني واحد على الأقل في المؤسسات والشركات التي أكملت عاماً من تاريخ تأسيسها وساقت في بيانها بعض الأرقام والمؤشرات الخاصة بعدد المنشأت وعدد الوافدين العاملين بها ونسب التعمين في كل فئة طبعا البعض حتى يشكك في دقة هذه الارقام والتي تظهر تفاوت كبير في نسب التعمين بين مؤسسات القطاع الخاص.
أبرز ما ذكره البيان هو ان هناك أكثر من 245 ألف منشأة لا تضم أي مواطن عماني ضمن قواها العاملة، بينما توظف ما يزيد على مليون و 100 ألف وافد بنسبة تعمين (0%) ، طبعا هذا المؤشر ليس مبررا لاتخاذ مثل هذا القرار لعدة أسباب اهمها إن اغلب هذه المؤسسات يعمل فيها وافدون في أنشطة لا يقبل عليها العماني وهذا ما اكده معالي رئيس جهاز الاستثمار العماني في منتدى -معا نتقدم -والذي عقد مؤخرا هذه الانشطة تتمثل في محلات الحلاقة ومحلات غسيل وكي الملابس وغسيل السيارات والمخابز والمقاهي الصغيرة وغيرها واغلب هذه المحلات لاتدر دخلا كبيرا والواقع يقول بأنه في تجارب سابقة لم تستطع الوزراة تعمين قطاعات ربما أفضل من تلك الأنشطة مثل بيع المواد الغذائية وبيع الهواتف كما ذكرنا في المقال السابق .
الشي الاخر بأن هذا القرار لم يمر على مجلس الشورى ولم يطرح على جهات الاختصاص في غرفة تجارة وصناعة عمان والتي هي بيت التجار ولم يستأنس برأي هيئة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتي هي مسئولة عن هذه المؤسسات التي يخصها هذا التوجيه ،البيان التوضيحي ايضا اشار الى حوافز ومزايا تقدم الى المؤسسات التي تستجيب في تنفيذ القرار الا انها لم توضح ماهي تلك المزايا وكيف يتم تطبيقها..
ثانيا كان ينبغي على وزارة العمل ان تفند هذا الرقم وتحدد منذ البداية ماهي الانشطة التي تمارس ضمن هذه السجلات وهل هذه المؤسسات فعلا عاملة ونشطة ام انها اعتمدت في بياناتها على عدد السجلات التجارية التي قد تكون قديمة وغير مفعلة ، من هنا نقول بأن ملف تعمين الوظائف ينبغي ان لايخضع للتجارب والمحاولات الغير مدروسة ولا الى الإجتهادت الشخصية فلابد ان تكون هناك خطة واضحة وخارطة طريق يشارك فيها جميع أطراف الانتاج من القطاعين العام والخاص واصحاب العلاقة وأن تبداء من القمة وليس من القاعدة وتحدد ببرنامج زمني ملزم للجميع.
الموضوع لا يحتاج الى عقد مؤتمرات ولا ندوات والتي ثبت عدم جدواها وانما تشكيل فريق متخصص يعطى صلاحيات محددة لوقت محدد يدرس كل الجوانب ولابد ان تكون هناك تضحيات وتعاون من الجميع على توضع المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار، وعدد الباحثين عن عمل ليس كبيرا ابدا وهناك وظائف مهمة جدا لازال الوافد يحتكرها مثلا في قطاع الصحة وفي قطاع التعليم وفي محلات الصرافة وفي محلات بيع واصلاح الهواتف النقالة في قطاع بيع مواد البناء وفي قطاع الكهرباء وغيرها.
وحسب بيان المركزالوطني للإحصاء والمعلومات فإن إجمالي الوافدين الذين يعملون بوظيفة مديري الادارة العامة والاعمال بنهاية مارس الماضي بلغ عددهم 96 الف بزيادة 20% عن العام السابق فلماذا لا نبداء بتعمين هذه الوظائف ولو بالتدريج قبل ان ننتقل الى الوظائف الدنيا ؟، ويبنغي التركيز على القطاعات الواعدة والتي تتوافق مع قدرات الشباب وتنسجم مع سوق العمل ،الا انه قبل ذلك لابد من تمكينهم وتدريبهم وتحفيزهم وحمايتهم خلال فترة محددة حتى يستطيعوا الوقوف على أرجلهم .
وأخيرا نقول يبدو ان المشكلة تكمن في طريقة إدارة هذه الازمة وفي عدم اتخاذ قررات حاسمه بشأنها لذا ينبغي أن نتعلم من تجارب ودروس الماضي فيما يخص قضية التعمين نظرا لحساسيتها وقبل اتخاذ أي قرار لابد من دراسة تباعته وأثاره المحتملة على ان نبدا بالكبار والشركات الكبيرة و تصفية السوق من التجارة المستترة والتي كتبنا عنها سابقا.