الإرادة الحرة.. حقيـقة أم وهـــم؟

مزاج الأحد ١٥/مايو/٢٠١٦ ٢٣:٥٦ م

أندرو جريفين - ترجمة: خالد طه

الإرادة الحرة ربما تكون ضربا من الوهم الذي تنتجه عقولنا، هذا ما حاول العلماء إثباته مؤخرا.

فالبشر مقتنعون بأنهم يتخذون قرارات واعية في حياتهم. ولكن قد يكون الأمر هو فقط أن المخ يقنع نفسه بأنه مارس اختيارا حرا من بين خيارات متعددة متاحة بعد اتخاذ القرار.
وقد تم اختبار هذه الفكرة من خلال خداع الأشخاص الخاضعين للدراسة بجعلهم يصدقون أنهم اتخذوا قرارا وذلك قبل أن يستطيعوا فعليا رؤية النتائج المترتبة على هذا الاختيار. وفي هذا الاختبار، تم دفع الناس للاعتقاد بأنهم قد اتخذوا قرارا باستخدام إرادتهم الحرة، رغم أن ذلك أمر مستحيل.
لقد تم طرح فكرة أن البشر يخدعون أنفسهم بالإيمان بفكرة الإرادة الحرة في ورقة بحثية أعدها علماء النفس دان واجنر وتاليا ويتلي منذ عشرين عاما، حيث أشارا إلى أن الشعور بالرغبة في القيام بشيء ما هو أمر واقعي وحقيقي، ولكن ربما لا يكون هناك أي ارتباط بين هذا الشعور والقيام به فعليا.
وتستند الدراسة الجديدة على هذا العمل، وتقول إن المخ يعيد كتابة التاريخ عندما يقوم بعملية الاختيار، فيغير ذاكرتنا بحيث نعتقد أننا أردنا فعل شيء ما قبل أن يحدث.
وفي إحدى الدراسات التي قام بها أدم بير وبول بلوم من جامعة برينستون بالولايات المتحدة، تم عرض خمس دوائر بيضاء على شاشة الحاسوب على الأشخاص الخاضعين للاختبار، وطُلب منهم اختيار واحدة من الدوائر قبل أن تضيء إحداها باللون الأحمر.
ثم طلب من المشاركين بعد ذلك وصف هل اختاروا الدائرة الصحيحة، أم دائرة أخرى، أم أنه لم يكن لديهم الوقت الكافي لاختيار واحدة.
إحصائيا، لابد أن يختار الناس الدائرة الصحيحة بمعدل مرة واحدة كل خمس مرات. ولكنهم قالوا إنهم اختاروا الدائرة الصحيحة بنسبة أكثر كثيرا من 20 % من الوقت، وزادت النسبة عن 30 % في حالة تحول الدائرة إلى اللون الأحمر بشكل سريع جدا.
يقول العلماء إن النتائج تبين أن عقول الأشخاص الخاضعين للاختبار قامت بعملية تبديل بين ترتيب الأحداث، بحيث بدا الأمر أنهم قد اختاروا الدائرة الصحيحة حتى وإن لم يكن لديهم الوقت في الواقع لفعل ذلك.
إن فكرة الإرادة الحرة ربما تكون قد نشأت لأنها شيء مفيد يمتلكه الإنسان، حيث تعطي الناس شعورا بالسيطرة على حياتهم وتبرر معاقبة المخطئين منهم.
ولكن هذا الشعور نفسه يمكن أن ينحرف، كما ذكر العلماء في المجلة العلمية الأمريكية. قد يكون من المهم أن يشعر الناس أنهم يسيطرون على حياتهم، على سبيل المثال، ولكن التشوهات التي تحدث لتلك العملية نفسها قد تجعل الناس يشعرون أن لديهم سيطرة على عمليات خارجية مثل الطقس.
وقد حذر العلماء أن وهم الاختيار قد ينطبق فقط على الخيارات التي يتم إجراؤها بسرعة ودون كثير من التفكير، ولكنه يمكن أن يكون أيضا «منتشرا وموجودا في كل مكان يحكم جميع جوانب سلوكنا، بداية من أصغر القرارات إلى أهمها وأكثرها خطورة». كتب العلماء: «أيا كانت الحالة، فإن دراساتنا تضيف إلى قدر كبير من العمل يفترض أنه حتى أكثر معتقداتنا قوة وصلابة عن أنفسنا وتجاربنا الواعية يمكن أن تكون مخطئة».

خدمة إندبندنت -