ثقافة العمل

مزاج الأحد ١٥/مايو/٢٠١٦ ٠٠:١٩ ص

مسقط -

يرتبط تقدم الدول عموماً بإنتاجية سكانها وثقافة العمل لدى أهلها، حيث تتقدم تلك التي تؤمن بأهمية العمل والإنتاج كطريق وحيد نحو التنمية والازدهار، فيما تتراجع تلك ذات الإنتاجية الضعيفة والتي تفضل الراحة والاسترخاء، إلا أن ثقافة العمل تلك لا ترتبط كما يعتقد الغالبية بعدد الساعات التي يقضيها الشخص في مقر العمل، بل إن المعيار الوحيد هنا هو حجم الإنتاجية خلال هذه الساعات، فكلنا نذكر خلال مسيرتنا المهنية أشخاصاً يقضون أكثر من ثمان ساعات في عملهم، إلا أن إنتاجيتهم ربما لا تتجاوز دقائق معدودة في آخر اليوم، وآخرون تصل إنتاجيتهم لمستويات متقدمة رغم عدم قضائهم للوقت نفسه خلف مكاتبهم أو آلاتهم.

بل إذا نظرنا لدول العالم الأول، سنكتشف أن عدد ساعات العمل يتناسب عكسياً مع الإنتاجية، حيث يرتبط تقدم هذه الدول بانخفاض في عدد ساعات العمل، مقابل إنتاجية مرتفعة للعامل في الساعة، حيث يتراوح معدل ساعات العمل الأسبوعية في هذه الدول بين 26 ساعة في النرويج على سبيل المثال، إلى 30 ساعة تقريباً في فرنسا، مقابل 40 - 50 ساعة أسبوعياً في دول أخرى لا تصنف للأسف ضمن الدول الأكثر نجاحاً، مع استثناء وحيد ربما في الحالة اليابانية التي ارتبطت فيها زيادة عدد ساعات العمل «60 ساعة أسبوعياً» بارتفاع في الإنتاجية، إلا أنه ارتبط أيضاً وللأسف بتزايد كبير في مشاعر الاكتئاب وحالات الانتحار بين العاملين، وهو الأمر الذي حدا بالحكومات الأخيرة إلى مطالبة موظفيها بتخفيض عدد ساعات عملهم وأخذ إجازات أكثر للحفاظ على توازنهم النفسي.
بعد هذه المقدمة الطويلة نسبياً، هل لنا أن نطرح بعض الأسئلة للمعنيين بالتخطيط لمستقبل هذا البلد الكريم في مختلف الجهات، أسئلة مثل: ما هي ثقافة العمل لدينا؟ وما هو حجم الإنتاجية الفعلي؟ وبالتالي، كم هي سرعة التقدم والبناء؟ هل نحن بحاجة إلى إعادة تعريف لهذه الثقافة؟ هل هناك ضرورة لإدخال هذا المفهوم في المناهج الدراسية ربما؟ أسئلة كثيرة تنتظر البحث والتمحيص بهدف إيجاد الإجابة المناسبة التي ربما تختصر الكثير من الوقت والجهد لبناء مستقبل أفضل لنا جميعاً.