مغامرون عمانيون يتحدون عواصف آيسلندا

7 أيام الجمعة ١٣/مايو/٢٠١٦ ٠٨:٥١ ص

فيصل الرئيسي، أحد أعضاء المجموعة قال: «كنا 13 عمانيا وانضم إلينا أربعة آخرون من الإمارات العربية المتحدة. وعندما وصلنا إلى آيسلندا وكنا نستعد للرحلة المثيرة التي أمامنا، أعطونا عرضا تقديميا حول قواعد القيادة في الثلج وبعض التفاصيل الأخرى ذات الصلة». ولكن في اليوم الذي كان مفترضا أن يتوجهوا فيه إلى البراري، صدر تحذير من عاصفة ثلجية شديدة، وقامت معظم مجموعات التزلج ومشاهدة المعالم الطبيعية بإلغاء الرحلات لذلك اليوم.

وأضاف فيصل: «في هذا الموقف، نصحنا المرشد أن نوقف نحن أيضا رحلتنا الطموحة حتى تهدأ العاصفة، ولكننا كنا قد قطعنا مسافة أكثر من 10,000 كيلومترا بالطائرة وكنا شغوفين بشدة بتجربة مغامرة القيادة في الطرق الجليدية الوعرة، ولذلك اتخذنا القرار المحفوف بالمخاطر وقلنا سنذهب».
وأضاف: «وهناك شيء مثير للاهتمام لاحظته وهو أنه في آيسلندا غير مسموح لأي مجموعة بأخذ سياراتهم الخاصة على الطرق الوعرة إلا إن كانت الإطارات معدلة ومرتفعة لتلائم متطلبات الطريق، وإلا فإنك ستعرض سيارتك للخطر لأنها ربما تعلق في الثلوج».
وكانت المجموعة قد تعاقدت مع شركة «Arctic Trucks»، وهي شركة لتعديل المركبات متخصصة في تنفيذ الحملات في المنطقة القطبية الشمالية والمنطقة القطبية الجنوبية لتجهيزها وإرشادها. وبين سياراتهم التي تم تعديلها وتجهيزيها وخبرتهم البالغة 18 عاما في التغلب على الكثبان الرملية في صحراء الخليج العربي، لم يكن هناك من سبيل لأن تعيق عاصفة ثلجية صغيرة رحلتهم أو تحد من حماسهم.

بياض يغطي المكان

انطلقوا إلى داخل الدوامة البيضاء، التي تحولت سريعا إلى جدار أبيض. وعندما توجهوا إلى مسار الثلوج على الطريق الوعرة، لاحظوا أن كل شيء حولهم كان أبيض اللون، ولم تكن هناك أي معالم في الأفق. وقد أعطاهم ذلك شعورا غريبا بأنه بغض النظر عن مقدار المسافة التي ساروها فإن كل شيء حولهم كأنه ساكن لا يتحرك. ولكن الأسوأ لم يأت بعد.

يقول هاني الزبير، مغامر آخر كان مع المجموعة: «فجأة، وبعد القيادة لمسافة 20 كيلومترا، أصبحنا في وسط عاصفة ولم نستطع أن نرى شيئا أبعد من متر واحد أمامنا، كان كل شيء أبيض، وكانت الثلوج المتكسرة من الأرض تطير في كل مكان حولنا تصحبها رياح قوية. عندئذ قررنا القيادة بحيث لا نكاد نترك مسافة بين السيارات حتى نحافظ على مسار توجهنا ونظل معا لا يتخلف أحد. وقد كانت الرؤية سيئة للغاية.» هدأت العاصفة، ووجدت المجموعة نفسها أمام نهر هائج، لم يكن هناك أي طريق حوله. كان عليهم عبور هذا النهر.

وأضاف هاني: «كنا متحمسين جدا لعبور النهر لأنه كان النهر الوحيد في هذه المنطقة، ولكن في ظل الزيادة الكبيرة بسبب تراكم الثلوج على جانبي النهر، سقطت سياراتنا إلى حد ما داخل النهر؛ فكان ذلك سبب مرح كبير لنا».
عبر الأنهار والتلال وجبال الجليد، وصلت المجموعة إلى وجهتها: كوخ صغير محاط بينابيع طبيعية ساخنة. وخاض العديد من أفراد المجموعة في الينابيع الساخنة، ولكن البعض الآخر ظل في الكوخ خوفا من أنهم بمجرد خروجهم من الماء الساخن المريح إلى درجة الحرارة التي تبلغ 3 تحت الصفر قد يتجمدوا.

تراكم الثلوج
وقال هاني: «بقينا في دفء الكوخ طوال الليل والعاصفة الثلجية تهدر بالخارج، وفي الصباح كان علينا أن نحفر في الثلج لكي نفتح الباب، لأن ارتفاع الكوخ كان سبعة أمتار والثلج المتراكم بلغ ارتفاعه أربعة أمتار. وسريعا بعد ذلك، طُلب منا مغادرة المنطقة لأن عاصفة أخرى كانت متوقعة.

بدأت المجموعة قيادة السيارات عائدة نحو قاعدتها الساعة التاسعة صباحا، ولكن بعد مرور ساعة، رجعوا، حيث إن الطريق كان قد أصبح خطرا للغاية ولم يستطع القائد أن يجد ممرا آمنا. واتفقوا على المحاولة مرة أخرى بعد الخامسة مساء.

لا يكتمل عبور الصحراء بدون البرياني العربي، ومع وجود الوقت الطويل والحقيبة المليئة بالتوابل التي جلبها معه من عمان، توجه طاهي المجموعة إلى المطبخ وخرج بطبق كبير من البرياني الساخن يكفي لإطعام جميع من في الكوخ. وقد علم المرشد القلق أن هناك عاصفة أخرى في طريقها؛ ولن يكون الطريق سوى أكثر خطورة. لذلك، في تمام الرابعة عصرا، تحركوا خارجين مرة أخرى، متوجهين في طريق عودتهم إلى النهر الهائج. ولكن عندما وصلوا هناك، كان النهر قد اختفى تحت طبقة سميكة من الثلوج.

وقال خالد الوهيبي، عضو آخر بالمجموعة: «واجهنا مواقف مشابهة في الصحراء عدة مرات ولذلك لم يكن الأمر يمثل مشكلة كبيرة بالنسبة لنا – أخرجنا مجارفنا وبدأنا في الحفر. استخدمنا سياراتنا لعمل مسار خلال الثلج. وقد استغرق هذا منا ثلاث ساعات، ولكنها كانت تجربة مثيرة».

وقد عاد المغامرون قبل أن تضرب العاصفة الثانية، وعلى مدى الأيام التي تلت ذلك أمضوا وقتهم يستكشفون عجائب طبيعية أخرى، من ينابيع الماء البركانية الساخنة في البحيرة الزرقاء إلى مشاهدة الشفق القطبي. ولكن الغرض الرئيسي من رحلتهم، وهو اختبار أنفسهم كسائقين في البيئة الثلجية، لم يغب عن أذهانهم أبدا.

كانت هناك تحديات تواجه القيادة خلال الكثبان الثلجية، ولكن في نهاية رحلتهم، اتفقوا جميعا أن الصحراء قد أعدتهم جيدا، وكانت أكثر متعة قليلا من الطرق الثلجية الرطبة الزلقة. قال الوهيبي: «القيادة في الثلج صعبة بسبب البرد، وهي أيضا مملة بسبب أن السطح مستوي خلافا للصحراء، وزلق أيضا. تحدي الكثبات الرملية أكثر مرحا، حيث يمكنك فعلا اختبار مهاراتك في الكثبان الرملية». وقد استخدموا المهارات التي تعلموها في صحاري بلدانهم القاسية في هذه الأرض البعيدة ذات الثلوج العنيفة الباردة. وعندما تم الانتهاء من كل شيء: جاؤوا وشاهدوا وحققوا الانتصارات.