لم يتغيّر.. ربما!

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ١١/مايو/٢٠١٦ ٠٠:٤٩ ص
لم يتغيّر.. ربما!

محمد بن سيف الرحبي
alrahby@gmail.com
www.facebook.com/msrahby

كان يتحدث بحرقة عن صاحبه الذي «تغيّر» وقد جلس على الكرسي.. لم يعد كما عهده في علاقته معه، حتى الاتصالات «لا يرد عليها» كأنما هو مجبر فقط حينما «يتجمّل» ويضغط هاتفه على الزر الأخضر، في مرات قليلة.. جدا.

«الكراسي تغيّر النفوس».. الجملة التي نكررها مع الأصدقاء الذين «تورطوا» بمناصب رسمية أعطتهم اللقب وربما المكانة الاجتماعية «العالية» حيث تقدير الناس لمعالي الوزير مختلف عن «المدير» أو «رئيس القسم»، لكن، هناك أثمان يدفعونها، فلا شيء يأتي في الحياة، وأتحدث عن تجارب أعرفها.. بدون ثمن، فقط يستطيع اللقب والجاه والمال التخفيف من وطأة تلك الأثمان المدفوعة، من الصحة والوقت والضغط النفسي العالي!

أضع هنا مقولة قد تكون صائبة، وهي فهم الأشخاص وفق السياق، أي أن نظرية السياق يمكن ضبطها على ساعة الفهم تجاه الحياة كما هو الحال مع الأشخاص، والأصدقاء على وجه التحديد.. سياق الوقت الذي نطلب التواصل معه، اتصالا أو زيارة، وسياق الضغوط الوظيفية التي تفرض انشغالاتها المستمرة بما لا يتيح لأي صديق أن يتحدث الساعات كما كان يفعل في السابق، والزيارات والرحلات وفق الاعتيادات في مرحلة ما قد تتبدل، مع تبدّل ظروف الحياة، والعمر، والصحة ربما.

سياق التغيرات طال ثلاثة أطراف.. نظرة الشخص التي وضعت الصديق «ومنصبه» تحت المجهر والملاحظة القوية التي تسير لصالح هدف محدد.. إنه تغيّر للأسوأ، بما يكفي للبحث عن المثالب والمقارنات بين ما كان وما أصبح.. والمتغير الثاني هو «الصديق» بضغط ظروفه الراهنة، المختلفة عن السابق في أغلب مساراتها، والثالث هو العلاقة الفيزيائية التي تساعد فيها ظروف معيّنة، زملاء في نفس المكان، أو اللقاء اليومي في العمل أو الحارة، مع تحوّل تلك المعطيات فإن التحفيز المستمر للحضور الوجداني المتبادل سيخفت حيث ترتبط بعض الصداقات، أو لنقل العلاقات الإنسانية الجميلة، بظروف معيّنة، كالدراسة، بخاصة في الأقسام الداخلية أو في الخارج، ثم تهبط عليها وقائع الحياة وواقع العيش، فنمضي «كل في فلك يسبحون» حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً.

في ذات السياق هل يمكننا استدعاء ثقافة «إيجاد الأعذار» للآخرين، لتستريح أنفسنا، وتمضي النفوس في بهائها، دون الشعور بوجود مشكلة في الآخر.. سببها المنصب!

من خلال تجاربي شعرت أن أحد الأصدقاء متغير بالتواصل معي، وكنت أربط حرصه السابق بمصلحة أطفأت جمر حماسته للسؤال عني مع انتهاء الحاجة إليها، وأعني المصلحة.. التقيته في مناسبة فبادرني بعتاب حارق أنني لم أسأل عنه، وكنت أخفي غضبي على موقفه من قطع التواصل بعد انقضاء مصلحته، أخبرني ذلك «الصاحب» أنه كان مريضاً لعدة أشهر، حينها أحسست بالهزيمة، أمام نفسي أولا، وبقيت تلاحقني زمناً كلما تذكرته.. كان ذلك اللقاء الأخير، ومات «صاحبي».