الحمراء : طالب بن علي الخياري
تزخر ولاية الحمراء بمعالم تاريخية وتراثية تروي قصة الماضي التليد، ومن تلك المعالم جامع الامام الزاهد ابي سعيد الكدمي، حيث يقع الجامع في بلدة عارض بني عدي بولاية الحمراء والذي تم ترميمه من قبل وزارة التراث والثقافة، ويعتبر أحد أهم المعالم التاريخية القديمة، ومن أقدم الجوامع في محافظة الداخلية.
كما شهد الجامع من قبل عدة أعمال ترميم، حيث تشير بعض الروايات إلى أن الجامع بني على فترات عدة ولم يتم بناؤه جملة واحدة حسب الوضع الحالي، ومما يدلل على ذلك عدم تناسق صفوف الأعمدة والأروقة بصورة متشابهة متناسقة بشكل هندسي موحد، كما أن الأعمدة بعض منها مربعة الشكل والبعض اسطواني الشكل، إضافة إلى الجدران فإنها غير مترابطة ببعضها البعض إذ أن بعض الجدران قد تم تدعيمها بجدار آخر ملاصق له يليها دعامات بنائية.
وعن تلك الفترة قال رئيس قسم التراث بدائرة التراث والثقافة بمحافظة الداخلية والمشرف على عملية الترميم علي بن سعيد بن محمد العدوي بأن جهود الترميم لجامع أبي سعيد الكدمي والتي قامت بها وزارة التراث والثقافة جاءت ضمن خطة ترميم القلاع والحصون والجوامع والمساجد وغيرها، حفاظا على العناصر المعمارية العمانية وإيمانا بالمحافظة على هذا الإرث الحضاري، وتأكيدا على أن هذا الصرح المعماري ما هو إلا نموذج يعكس الحركة الفكرية والدينية بالسلطنة، إذ أنه ليس بمثابة مسجد تقام فيه الصلوات الخمس بل أنه هو ملتقى للعلماء ومدرسة يتلقى فيها الطلابُ العلمَ. فشملت خطة مشروع ترميم الجامع ترميم الجدار المحيط بصرح الجامع، ثم انتقلت أعمال الترميم إلى غرفة الصلاة تخللتها تقوية الأساسات والربط والتدعيم وأعمال التمديدات الكهربائية الأولية.
كما شملت خطة ترميم الجامع تسقيف الجامع بالمواد التقليدية، وتغطية الجدران بطبقة البلاستر وعمل دورات مياه ومخزن صغير، وتغطية أرضية صرح الجامع بالحجارة المسطحة وعمل درجات صاعدة إلى صرح الجامع، كما تم تركيب أبواب خشبية تحمل الطابع التراثي للجامع وهي في جملتها ستة أبواب. كما تم تسقيف الجامع بجذوع وسعف النخيل، واستخدم خشب العلعلان كدعامات خشبية للسقف.
الطابع التراثي والعمراني
وأشار علي العدوي إلى أن ترميم جامع الإمام أحمد بن سعيد الكدمي تضمن كذلك تنظيف الموقع من الأشجار التي كانت تؤثر على أساسات وجدران الجامع، وإعداد المخططات الهندسية وأخذ الصور الكافية عن الوضع الذي آل إليه الجامع، وإخراج الأتربة والأخشاب من قاعة الصلاة بعدما كانت تملأ المساحة ما بين الأروقة، والتنسيق مع وزارة الأوقاف والشؤون الدينية حتى يتم التأكد من اتجاه القبلة، وتقوية الجدران وأساسات الأعمدة بالحجارة والصاروج، وتقشير الأجزاء التالفة بالجدران واستبدالها بمادة الصاروج مع إضافة الرمل الناعم، وغرس الحجارة على الجدران مقدار 4 سم ورشها بالصاروج وذلك حتى يتم التصاق القديم والحديث في المبنى، ومعالجة أخشاب التسقيف بمواد ضد النمل الأبيض وذلك حتى يعطي الأخشاب عمرا طاول، وتغطية سقف الجامع بمواد عازلة على مرحلتين؛ الأولى تسبق عملية صب خلطة الرمل والاسمنت والثانية بعد الصبية وذلك لمنع تغلغل مياه الأمطار في حالة وجود شقوق أو تصدعات، ووضع إنارة مناسبة تتوافق مع الطابع التراثي والعمراني للجامع وتعطي إنارة مناسبة للقراءة، وتغطية صرح الجامع بالحجارة المسطحة، إقامة دورات مياه للمصلين بحيث تتوافق مع الشكل المعماري التراثي للجامع فقد وضعت أسفل الصرح، لذلك فانه ليس بالملاحظ رؤية دورات المياه، واستخدم في الجدار المحيط بالجامع حجارة مشذبة تحمل طابع التراث القديم في صف الحجارة.
كما تم تهيئة الجامع للصلاة بفرش أرضية غرفة الصلاة بالسجاد وتهيئته بأجهزة التكييف وأدوات الإنارة من الداخل والخارج والتجهيزات الكهربائية الأخرى.
5 أروقة و21 عقدا
واختتم العدوي قوله ان الجامع مبني على مدماك حجري مرتفع يصل إلى المترين حتى لا يؤثر الوادي المنساب من الجبل على أساسات الجامع أثناء ارتفاع منسوب المياه في حالة الأمطار الغزيرة، وهو يتسع لأكثر من 200 مصل، ويوجد به 5 أروقة، وبه 14 عموداً أسطوانيا بالإضافة إلى 3 أعمدة مربعة الشكل، وتتكون أعمدة الجامع من 21 عقدا، ذات أربعة صفوف أعمدة، بالإضافة إلى دعامات خارجية ملاصقة بالجدران من جهة الخارج حتى تعطي دعامة ومتانة للبناء. ويبلغ طول غرفة الصلاة 16.30متر وعرضها 15.20 متر. أما بالنسبة للمحاريب في هذا الجامع فإنه يتكون من محرابين أحدهما في الداخل والثاني في صرح الجامع.
وهذا يدل على وجود تراكم بشري هائل في هذه المنطقة الصغيرة خلال تلك القرون الماضية، ويصل سمك جدار الجامع ما بين 70 – 1.30 سم. كما يضم الجامع ستة أبواب بعضها ذات مساحة ضيقة وبعضها ذات مساحة واسعة. ففي بعض الأبواب يصل سمك الجدار عندها إلى 1.30متر. أما طول قطر الأسطوانة فإنها تتراوح ما بين 1.40 إلى 1.20متر. ونجد العقود منفتحة وهذا هو الأغلب، والبعض الآخر ضيقا. ويتوسط الجامع بساتين النخيل، يحده من جهة الغرب وادي شعما ومن جهة الشرق فلج سحراء.