معرض "في الظل في الشمس"..إلهام وتفرد يجمع تجربتين مختلفتين

مزاج الثلاثاء ٠٣/مايو/٢٠١٦ ٢٣:٣٠ م
معرض "في الظل في الشمس"..إلهام وتفرد يجمع تجربتين مختلفتين

مسقط – ش
على الرغم من الفارق الزمني الكبير بين الفنانين، إلا أن الإلهام والتفرد والتقنيات والنظرة العميقة هو ما جمع بين الفنان التشكيلي الشاب محمد المعمري والفنان الإيطالي المخضرم أتيليو فارجيولي (83 عاما) في معرض واحد يحكي قصة الحضارة والتقاليد والثقافة العريقة التي يتميز بها كلا البلدين.
استضافته جمعية الفنون التشكيلية بمركز السلطان قابوس العالي للثقافة والفنون بديوان البلاط السلطاني وذلك بالتعاون مع السفارة الايطالية بمسقط و برعاية سعادة السفير ناصر بن محمد البوسعيدي رئيس دائرة المراسم بوزارة الخارجية وحشد كبير من الفنانين والضيوف ومتذوقي الفن.
ضم المعرض ثلاثون عملا مناصفة بين المعمري وفارجيولي، وهو ليس المعرض الأول الذي يجمع بينهما. إذ سبق وأن جمع بينهما معرضا يحمل نفس الاسم "في الظل في الشمس" في عام 2015 في معرض أقيم في ميلانو بالتعاون بين وزارة السياحة العمانية ومتحف "لا بيرماننت" على هامش مشاركة السلطنة في فعاليات أكسبو ميلان 2015.

لعبة الظل
اللعب بالظلال واستحضار الذكريات المبهمة التي بقيت عالقة في الذاكرة هي لعبة الفنان التشكيلي الإيطالي "أتيليو فارجيولي" الذي يعد من الشخصيات الفريدة في عالم التشكيل الإيطالي، فعلى مدى أكثر من 60 عاما من العمل الفني نجح فارجيولي بإثارة الدهشة والإعجاب معرضا بعد آخر حتى أصبح يعرف باسم رسام الوقت والتأمل والصور العتيقة وبالتأكيد رسام الظلال والرموز، فهو رسام مرتبط بالواقع وتظهر في أعماله مواضيع العنف والخوف الذي دفعته حرب فيتنام لرسم رموزها ولكن تُسيطر المناظر الطبيعية على انعكاسه العاطفي بشكل جلي وواضح.
في أعماله التي ضمها المعرض يأخذنا فارجيولي عميقا في ذكرياته إلى أيام معسكرات الاعتقال، فعندما كان طفلا كان دائما ما يشاهد سيارات الشحن التي تنقل السجناء وتسلك طريقا في الطبيعة الخلابة، وكان يرى الأشخاص وهم يرمون بقطع ورق صغيرة كتبوا عليها أسماءهم حتى يخبروا أصدقائهم ومع من تربطهم أي علاقات آخر كلماتهم في الطريق إلى مصيرهم المحتوم وهكذا تأتي الظلال في لوحات فارجيولي لتعبرعن الخوف والقسوة والأبراج والعالم الفاسد وتأتي النغمات اللونية باهتة بالرمادي والأصفر الداكن وأحيانا البرتقالي وكل ذلك من خلال انعكاسات الطبيعة المميز في أعمال فارجيولي أننها ليست مبهمة فبإمكان الناظر لها ان يلتقط مباشرة الأشكال والظلال التي يعبر عنها فافريقيا التي قدمها من خلال بعض اللوحات التي تظهر فيها ظلال لأذني الفيل وخرطومه وطيور وطواطم، وصورة الرمان المشطور إلى نصفين والذي أراد من خلاله الإيحاء بجسد نازف في معسكرات الاعتقال، ثم تأتي مجموعة من الأعمال تحمل اسم "ريزيدنس" وهي الشرفة التي كان يتكشف منها الرسام على حصانه تغير الفصول التي تزهر بالخضرة والألوان المشرقة.
وُلد الفنان التشكيلي أتيليو فارجيولي في سالو بإيطاليا عام 1933، ودرس الفنون في أكاديمية بريرا في ميلانو حيث تتلمذ على يد فيوتي وريججاني.عرض أتيليو فارجيولي في عام 1956 أولى لوحاته ورسوماته في معرض غاليريا البرتي في بريشيا. وكان اهتمامه كبيرًا بفان جوخ وبيور كلور.افتتح معرضة الفردي الأول للرسومات في جاليريا سبوتورنو عام 1961 كما افتتح عام 1962 معرضه الفردي الأول للوحات في فيديلي في ميلان،وأصبح بعدئذ لديه العديد من المعارض الجماعية.وقد حدثت العملية التصويرية فارجيولي نظرًا لتعمق وثقل الأسباب العاطفية والوسائل الرسمية.
في الشمس
أما الفنان محمد المعمري تُعد الروابط الاسرية أهم ما يشغل باله وفي منزله حوّل غرفته إلى استديو رسام مجهز بالكامل بهدف تعزيز استكشاف محمد الأول في المشهد الفني الذي ما زال فعالًا حتى هذا اليوم. فقد بدأ عمله وهو لا يدرك أسلوبه الفني شأنه في ذلك شأن غيره من الفنانين ولكنه اهتم كثيرًا برسم الصور الواقعية في سن مبكر. وبدأت حياته المهنية كرسام تشكيلي متبعًا جانب سريالي في أسلوبه رغم اعتماده على الحرية في التعبير عن الأفكار والمشاعر الداخلية في موضوعاته.بدأ محمد بعدئذ بالتركيز أكثر على رسم الواقع وألا يشتمل إلا على القليل من التأثيرات السيرالية.هذا وواصل محمد تصوير أعمال حول المواضيع العُمانية وتقاليد الشرق الأوسط التي انبثقت من العوامل المظلمة والشبيه بالحلم في الحياة. وواصل مشاركته في العديد من المعارض المحلية والدولية.
المعمري يحمل شهادة جامعية في الاقتصاد وهو عضو في الجمعية العمانية للفنون التشكيلية ومرسم الشباب منذ العام 1997، قدم خلال مشواره الفني مجموعة من المعارض المشتركة التي لاقت النجاح. وللمعمري عشرات المشاركات و المعارض المشتركة محلياً ودولياً، منها مشاركته في المعرض الفني العماني الطائر الذي جاب دولا عدة، وهو حاصل أيضا على العديد من الجوائز.
آخر معارضه حمل اسم "قطرات" وقدم فيه بعضا من أعماله المشابهةلما قدمه اليوم و التي يستقيها من المجتمع العماني بشكل خاص، عبر تجسيد بعض العادات والتقاليد المميزة في لوحاته، مع التركيز على بعض القيم الخاصة بالإنسان العماني وعلاقته مع المفردات المحيطة به، مثل علاقته مع الطبيعة وحيواناته وزينته وأسلحته وغيرها من مفردات البيئة العمانية الفريدة.