النقاش يتواصل في المنطقة حول الجيل الخامس وشبكات الوصول اللاسلكي المفتوحة O-RAN

تكنولوجيا الاثنين ٢٥/أبريل/٢٠٢٢ ١٧:٣٥ م
النقاش يتواصل في المنطقة حول الجيل الخامس وشبكات الوصول اللاسلكي المفتوحة O-RAN

بقلم: طارق البرواني

في وقت سابق من الشهر الحالي، وقّع العديد من مشغلي الاتصالات في المنطقة بمن فيهم شركة البحرين للاتصالات السلكية واللاسلكية "بتلكو" ومجموعة اتصالات وشركة الاتصالات السعودية "إس تي سي" ومجموعة زين وشركة "موبايلي" وشركة "دو" وشركة الإمارات للاتصالات المتكاملة (EITC) وعُمانتل، مذكرات تفاهم لاستكشاف دور شبكات الوصول اللاسلكي المفتوحة (Open RAN) في تطوير أنظمة الجيل الخامس في المستقبل في المؤتمر العالمي للهاتف المحمول (MWC) 2022، الحدث الأبرز في قطاع الاتصال. وتأتي هذه الاتفاقيات في ظل جهود شركات الاتصالات العالمية لاستكشاف المزيد من حالات استخدام الجيل الخامس للشركات والمستهلكين بالإضافة إلى التحقق من ملاءمة تصميم الشبكات للمتطلبات المستقبلية وفي ظل النقاش الذي ما زال متواصلاً بشأن إمكانية تنفيذ شبكات الاتصال اللاسلكي المفتوحة بشكل عملي في المستقبل القريب.

وتتصل الأجهزة اللاسلكية سواء أجهزة الكمبيوتر أو الهواتف المحمولة أو الأجهزة اللوحية وغيرها بشبكة الهاتف المحمول من خلال نظام الوصول اللاسلكي. ويتم توفير تجهيزات شبكات الوصول اللاسلكي وبرمجياتها من قِبل مورد واحد باعتبارها حلاً متكاملاً وكامل الملكية ومدمجاً في التجهيزات. ويعتمد معظم مشغلي الاتصالات في الوقت الحالي على شبكات الوصول اللاسلكي لإدارة الأجهزة اللاسلكية المتصلة بشبكتهم الأساسية، وبالتالي فإن تحديث الشبكة أو تنفيذ أي تغييرات فيها يتطلب استبدال التجهيزات في كامل الشبكة وهو أمر مكلف للغاية. كما أن مشغلي الاتصالات في هذه الحالة يعتمدون على مورد واحد فقط لتنفيذ أي تغييرات، ولكن شبكات الوصول اللاسلكي المفتوحة تَعِدُ بالتغلب على التحديات التي تواجهها شبكات الوصول اللاسلكي التقليدية من خلال فصل التجهيزات عن البرمجيات، مما يجعلها شبكات مفتوحة وقابلة للتشغيل المشترك أي أنه يمكن لبقية الموردين المشاركة في ابتكارات الشبكة وتوفير الدعم لها.

ما معنى O-RAN؟ هو اختصار لشبكة الوصول اللاسلكي المفتوحة، وهو نظام مبتكر يَعِدُ بتنفيذ الجيل الخامس في وقت قصير وتحسين أداء الشبكات ويتيح الجمع بين مختلف التجهيزات والبرمجيات التي ينتجها موردون مختلفون في واجهات الشبكة المفتوحة والقابلة للتشغيل المشترك بسلاسة.

ويلقى هذا النظام الدعم من المجتمع العالمي لمشغلي شبكات الهاتف المحمول والموردين والمؤسسات البحثية والأكاديمية المتخصصة في شبكات الوصول اللاسلكي (RAN). وتتمثل مهمتهم الأساسية في تحديث شبكات الوصول اللاسلكي لكي تصبح شبكات مفتوحة وأكثر ذكاءً وافتراضية وقابلة للتشغيل المشترك بشكل كامل. والهدف هو التخلص من الاعتماد على مورد واحد وتوفير خيارات متعددة لمشغلي شبكات الهاتف المحمول والحد من التكاليف بعد أن اعتمد مشغلو الاتصالات على شبكات الوصول اللاسلكي التقليدية على مدار الأعوام الأربعين الماضية.

وتلقى النقاشات اهتماماً كبيراً، حيث يتم تخصيص ملايين الدولارات بانتظام لتعزيز اتصال الجيل الخامس كجزء من خطط التحول الرقمي في الدول. وكانت عُمان وبقية دول مجلس التعاون الخليجي في مقدمة دول العالم التي نشرت الجيل الخامس. ويمكن أن تؤدي النقاشات التي تتناول شبكات الوصول اللاسلكي المفتوحة إلى تغيير طريقة تصميم شبكات الهاتف المحمول ونشرها، مما يؤثر على قدرة الشبكات على دعم القطاعات الرئيسية من خلال الخدمات فائقة القيمة والكفاءة والأسعار التنافسية.

وتهدف خطط شبكات الوصول اللاسلكي المفتوحة بشكل أساسي إلى دعم التشغيل المشترك لشبكات الوصول اللاسلكي للهاتف المحمول بين مختلف موردي التجهيزات. ولا تُعتبر هذه الخطط معياراً لشبكات الوصول اللاسلكي المفتوحة، وإنما هي طريقة لتنفيذ الشبكات. ولكن لم يتم التحقق من هذه الطريقة "المفتوحة" بما يتماشى مع معايير الشبكات العالمية مثل معايير مشروع شراكة الجيل الثالث والجمعية الدولية للهاتف المحمول.

وأشارت النقاشات إلى أن شركات الاتصالات في المنطقة اعتمدت منذ فترة طويلة على التوافق الكبير بين الهيئات التنظيمية وموردي التجهيزات ومشغلي الاتصالات لتحديد المعايير الملائمة للشبكات. وإذا تراجع التطور القائم على المعايير المشتركة، فقد يؤدي ذلك إلى تراجع الاقتصاد الرقمي في المنطقة.

وتتم مناقشة المدخرات المالية التي تسهم شبكات الوصول اللاسلكي المفتوحة في تحقيقها، حيث يسهم نموذج السوق المفتوح في تعزيز المنافسة بين موردي التجهيزات والحد من تكاليف تطوير الشبكات وقد شهدنا بعض الأمثلة على ذلك. ويجب على مشغلي الاتصالات وفق هذا النموذج البحث في كيفية تحقيق التكامل بين محطات الشبكات من الموردين المختلفين والذين قد لا يتحملون مسؤولية تشغيل الشبكة وصيانتها إذا كان دورهم يقتصر على عنصر واحد من الشبكة المفتوحة. كما يجب على مشغلي الاتصالات تعزيز استثماراتهم في الحلول التي تعتمد على "الألياف إلى المحطة" لنشر شبكات الوصول اللاسلكي المفتوحة أولاً.

واعترفت بعض المؤسسات العالمية التي تدعم نموذج شبكات الوصول اللاسلكي المفتوحة بأن الوقت ما زال مبكراً على طرح هذه الشبكات، حيث لاحظ المسؤولون في شركة BT Group - على سبيل المثال - أن أقرب فرصة لنشر شبكات الوصول اللاسلكي المفتوحة التجارية في المدن لن تكون قبل عام 2027. كما أثار رئيس التكنولوجيا في شركة T-Mobile بالولايات المتحدة العديد من الشكوك حول كفاءة أنظمة الوصول اللاسلكي المفتوح. وأشار المحللون إلى تراجع أداء الشبكة وابتكار الخدمات بشكل مجزأ باعتبارها من بين التحديات التي يجب التغلب عليها.

وأجرى مشغلو الاتصالات الأوروبيون اختبارات لأنظمة الوصول اللاسلكي المفتوح على مدار الأعوام الماضية، حيث لم تحظَ الوعود التي أطلقها داعمو هذه الأنظمة بقبول كبير عند موردي الاتصالات الصينيين والذين ليسوا على عجلة من أمرهم على الرغم من أن أعمال البحث والتطوير في الجيل الخامس التي يجرونها تُعتبر من الأبحاث الرائدة في السوق. وتأتي الولايات المتحدة في مقدمة الدول التي تدعم شبكات الوصول اللاسلكي المفتوحة، حتى أن شركات الاتصالات الأمريكية طلبت من الهيئات التنظيمية والحكومية في البلاد أن تبقى على الحياد في القضايا التقنية.

وهناك بعض الآراء المتفائلة بأن شبكات الوصول اللاسلكي يمكن أن تواكب المتطلبات وتصبح بديلاً رئيسياً لنموذج الشبكات الحالي، ولكن من الواضح أننا بحاجة إلى إجراء المزيد من الاختبارات قبل أن تفي هذه التقنية بوعودها ونشهد لها أثراً واضحاً.

لا شك أن شبكات الوصول اللاسلكي المفتوحة توفر فرصة كبيرة لتطوير النظام الإيكولوجي للموردين وتغييره، ولكن النقاش ما زال قائماً بشأن الوقت اللازم لبناء نظام إيكولوجي متكامل لهذا الحل، لا سيما وأن تقنية الوصول اللاسلكي المفتوح ما زالت في المراحل الأولى من التطور.