البعوض قاتل الملايين

مزاج السبت ٣٠/أبريل/٢٠١٦ ٢٣:٣٣ م

روبين ديكسون - ترجمة: أحمد بدوي

عندما حلق البعوض مؤخرا حول شرفة مورين كوتزي خبيرة علم الحشرات في جامعة ويتواترسراند والخبيرة الدولية في مكافحة البعوض لم تسارع لتحضر بخاخ المبيد الحشري أو منشة لتهش عليه بها، ولكنها أحضرت جهازا يشبه شفاطة المشروبات وصوبته باتجاه البعوض فقام الجهاز بشفط البعوض إلى وعاء ملحق به لجمع العينات، وسرعان ما استطاعت تحديد نوع البعوض Aedes aegypti الحامل لفيروس زيكا المنتشر في القارة المجاورة.

وفي اليوم التالي بدأت كوتزي فحص البعوض في مختبرها في المعهد الوطني للأمراض المعدية، ولسعادتها كانت واحدة من البعوض قد وضعت بيضا، ما يعني أنها يمكن أن تتكاثر وتنتج مواليد جدداً.
وقد كرست كوتزي حياتها لفهم البعوض والتوصل إلى أفضل الطرق لمحاربة الحشرة الضارة والقضاء عليها، فليس هناك حشرة أخرى أضرت بالجنس البشري مثلما فعل البعوض الذي يقف وراء إصابة الملايين من الأشخاص بالملاريا والحمى الصفراء وحمى الضنك وغيرها من الفيروسات والطفيليات، ما أسفر عن وفاة ما لا يقل عن 600 ألف شخص غالبيتهم العظمى من الأطفال في أفريقيا. وهو ما يثير السؤال التالي: لماذا لا نحاول أن نقضي نهائيا على البعوض من على سطح الكرة الأرضية؟ تقول كوتزي وغيرها من العلماء أن هذا نوع من الشطط لأن حوالي 150 نوعا فقط من بين 3500 نوع من البعوض هي التي تحمل مسببات الأمراض الفتاكة، كما أنه من غير العملي على الإطلاق مهاجمة كل البقاع التي يوجد بها البعوض.
بيد أن المزيد من السيطرة الوافية من خلال مزيج من الأساليب ربما توفر نوعا من الحل، فبعد عقود من محاربة البعوض -معظمها كانت خاسرة- تأتي التكنولوجيا اليوم لتقدم أسلحة بيولوجية جديدة للمعركة.
وتقوم كوتزي بإجراء البحوث على استراتيجية مكافحة الملاريا تتضمن تربية ذكور البعوض وتعقيمها بالإشعاع ثم إطلاقها في البرية. وقد بدأ هذا المفهوم في الخمسينيات عندما استخدمه علماء أمريكيون لاستئصال ذبابة الدودة الحلزونية screwworm fly. وتطبيق هذا الأسلوب على البعوض ينطوي على حقيقتين أساسيتين: أن يحدث التزاوج مرة واحدة، وأن يكون اللدغ من إناث البعض فقط.
وتعتمد هذه الاستراتيجية على إطلاق ما يكفي من البعوض لحشد ذكور البعوض في البرية وإبعادها عن التزاوج ما يؤدي إلى القضاء على الموجود منها في الوقت الحالي دون أن يتكاثر. والعمر الافتراضي للبعوضة ما بين 2-4 أسابيع. تقول كوتزي إن السيطرة الفعالة تتطلب إطلاق ملايين البعوض شهريا خلال موسم الملاريا في مناطق شاسعة.
ومن بين مزايا هذه الاستراتيجية بخلاف أساليب المكافحة الأخرى أنها تتيح استهداف أنواع معينة من البعوض دون الأخرى، ما يعني بالطبع استهداف البعوض الذي يشارك في انتقال المرض.
وعلى الرغم من أن كوتزي وغيرها من العلماء لا يألون جهدا في محاولة القضاء على هذه الأنواع إلا أنه يظل هدفا بعيد المنال. فالأنواع الأربعة التي تنقل الملاريا في أفريقيا تتكاثر في برك المطر، وكما تقول كوتزي فإذا نظرنا إلى أفريقيا وحاولنا الوصول إلى كافة مناطق تجمع الأمطار حتما ستظل هناك جيوب لا يمكن الوصول إليها.

تربيون ميديا