يعد الإنتشار الجغرافي والاجتماعي احدى السمات التي تتفرد بها المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على مستوى الاقتصاديات الوطنية للبلدان المختلفة، وتشكل هذه السمة مدخلا كبيرا في تحقيق الأهداف التنموية المحلية على نطاق جغرافي واسع ، توفر من خلاله فرص عمل كثيرة في الولايات والمحافظات البعيدة عن العاصمة والمدن الكبيرة الاقتصادية، مما يسهم في تقليل الضغط على العاصمة في مجال التوظيف وتحقيق عدالة مكانية في توفير الوظائف وإبعاد التكدس الوظيفي عن العاصمة، ورفع مستوى المعيشة في هذه المناطق ونشر وعي النشاط الاقتصادي من خلال إعطائـه فرصـة كبيـرة لقطـاع عريض من أفراد المجتمع ، ويمكن القول أن صفة الإنتشار الجغرافي التي تتميز بها المؤسسات الصغيرة والمتوسـطة ومقدرتها على تحقيق عدالة التنمية الإقليمية مرجعها أن هذه المؤسسات تتمتع بمرونة أكبر من غيرها في اختيار أماكن توطنها وقادرة على تصريف إنتاجها فـي الأسـواق الصغيرة المجاورة، ومتطلباتها تكون عادة محدودة، فضلا عن أنها قادرة على الإفادة من المناطق التـي تتركـز فيهـا كميـات محدودة من المواد الخام والمستلزمات الإنتاجية الأخرى
ويتوائم هذا مع ما تشكل التوزيع الجغرافي في الرؤية الاستراتيجية للسلطنة فمنذ بواكير عصر النهضة تسعى السلطنة برؤية سامية واضحة المعالم لحضرة صاحب لجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ إلى تنمية مستدامة تحرص على التوزيع الجغرافي العادل للبنية الأساسية وللاستثمارات، بحيث تعم كافة محافظات السلطنة، وتسعى من خلال خطط خمسية متتابعة إلى أن تصل إلى كافة أطياف وفئات المجتمع العماني بما يسهم في رفع مستوى المعيشة وتنوع مصادر الدخل مما يجنب البلاد الهجرة الداخلية ، بالإضافة إلى المحافظة على مستوى من المعيشة يعزز القوى الشرائية للمواطن العماني، التي بدورها تشكل عنصر فعال في جذب الاستثمارات، التي تفتح آفاقا جديدة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
ومن هذا المنطلق تأتي انطلاقات صندوق الرفد حيث يسعى لتقديم خدماته للمستفيدين بكافة ربوع السلطنة ، وقد حرص منذ البدايات على التوزيع الجغرافي العادل، وكانت له تجربة ثرية مع الفرع المتنقل، وذلك حتى يتسنى له اقامة فروع ترفد المحافظات العمانية المختلفة وتقرب الخدمات للمستفيدين.
وفي هذا الاطار افتتح صندوق الرفد فرعه الخامس بمحافظة الداخلية بمنطقة حيل فرق بولاية نزوى ، ليقدم خدماته لولايات محافظتي الداخلية والوسطى، ويأخذ دوره في دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة كباقي الفروع في محافظات مسقط وظفار وشمال الباطنة وجنوب الشرقية، وتأكيده الدائم على التخطيط لافتتاح افرع جديدة تشكل رافدا جديدا يصل الى المستفيدين أينما وجودوا بهدف إيجاد مشاريع تخدم الشباب العماني، وتقود الاقتصاد الوطني نحو التنويع المنشود، ففرع الداخلية قدم خدماته الى أكثر من 260 مشروع قائم بالفعل في محافظة الداخلية ، حيث ستجد تلك المشاريع وما يعقبها من مشاريع جديدة الدعم والمساندة المتابعة التي تذلل الصعوبات وتساعد في مواجهة التحديات ،وتجد الحلول المناسبة بشكل اكثر فعالية.
إن هذه النقلة النوعية من قبل صندوق الرفد لن يكتب لها النجاح، لولا السواعد العمانية التي شمرت وسطرت قصص النجاح الواحدة تلو الاخرى، وأثبتت مجددا أن أبناء عمان يملكون الإرادة ويواجهون الصعاب إذا أتيحت لهم الفرصة، وقدم لهم الدعم المطلوب، فالمشاريع التي مولها الصندوق تشهد ان هناك شباب عمانيون يمتلكون الكفاءة والخبرة في إدارة مشاريعهم الخاصة بما يسهم في التنوع الاقتصادي، ويأتي افتتاح الفرع الجديد كدعوة للشباب العماني للإستفادة من الخدمات التي يقدمها الصندوق، وأن يبادروا في إثبات وجودهم من خلال المشاريع التي يعملون بها.