
بقلم:محمد بن علي البلوشي
تمتلئ حركة التاريخ بالأحداث العظيمة والقوية..حركة يقودها أفراد من الرجال والنساء..لكن الذي يغلب أن الرجال يصنعون حركة التاريخ لأعتبارات عدة..مع تطور الحركة التاريخية وتغير أنماط الإنتاج تخرج المرأة لتقود أحيانا حركة التاريخ في مجتمعها أو بلادها او العالم..وعبر التعليم تتغير المعادلة فيتساوى الكل في الإمكانيات ..التعليم يقضي على نظرية الهرمونات فستعمل نون النسوة كمشرفة على حفار بترول أو مشغلة الآلات في المصانع أو مخترعة وكل مانراه في العالم من حولنا..تقود امرأة أقوى اقتصاد أوروبي وسبقها نساء تملكن زمام القيادة في أوروبا وبعض الدول الأسيوية..لقد أصبحن - كتفسير المهرجين- يقدن الرجال.
أمتلكت نون النسوة حقوقها عبر مراحل زمنية وأحداث وحقب هيئت لها المطالبة بحقوقها ..من حركة الحقوق النسوية والمساواة في الأجور وساعات العمل والإجازات في مرحلة أنتقال أوروبا إلى الحقبة الصناعية ثم إلى المشاركة الجماهيرية في استرداد الحقوق السياسية..كل تلك القصص مسجلة بكتب التاريخ ولاتحتاج إلى تذكير..الذي يحتاج إلى تركيز أن نون النسوة العالمية من الفلاحة إلى المعلمة إلى العاملة إلى المهندسة والطبيبة والعاملة في المصانع بمختلف المهن أنتهاءا بتغليف المنتج تنطلق إلى العمل والى البناء دون أن تزاحمها ملاحقة الرجال في كل حركة وكلمة كما يحدث عندما تتطلب الأمور من نون النسوة مراجعة بعض الحقوق..إلا أن نون النسوة وبالرغم من أنها تقوم بتغليف المنتج سواء كان للأكل او الأستخدام الأستهلاكي هناك من يريد أن يغلفها مدفوعا بتفكيره وبيئته وبأستخدام أسلحة يبرر فيها هجومه.
كيف نرى العالم من حولنا ونرى حركة الشعوب وعملهم الذي يشغل يومهم بسؤال تحصيل الرزق للقمة العيش من كل طرفي معادلة الحياة من الرجل والأنثى ..ولايشكل لنا الأمر أهمية بالغة فهم في عالم ونحن في عالم آخر..الملبس والمظهر وكل هذه الأشياء ستمر أمام أعيننا مرور الكرام.فماذا نحن؟
في الوقت الحاضر قلبت نون النسوة المنطقة المحافظة وتطورت إلى طرح الأسئلة التي قد يعتبرها الأخرون محرمة ..حسنا ماذا سنكتشف عند طرح نون السنوة الأسئلة كحقوقها كما تراها..هي تعتقد أن حقوقها يحددها ويؤطرها السائد في المجتمع وبعض العادات والتقاليد التي تخشى من طرح الأسئلة.
هناك فيلم روسي يتحدث بتبجيل عن أدوار بعض نون النسوة "ممر الخلود"..في شتاء 1943 والثلوج تتساقط على المدن السوفيتية والبرد القارص يلسع الجبين والجسد..وحصار لينينغراد قضى الكثير من الشباب والرجال ضمن معارك الحرب العالمية الثانية..لكن ذلك لم يوقف السوفيت عن محاولة بناء جسور للقطارات لإيصال آخر المعدات إلى المدينة لفك حصارها الأخير من قبل الألمان..وجد الحزب أن الفتيات يستطعن أن يقمن بذلك وبخاصة المنظمات أو الرفيقات في الحزب" يتحدث الفيلم عن دور الفتيات وبراعتهن.
ماشا يابلوشكينا أخذت دورات في السكك الحديدية..شابة يافعة جميلة تمتلك من الأحلام المخبئة للمستقبل مثل رفيقاتها لايعيشن في صندوق القيد الاجتماعي ولاتلاحقهن خيازرين الرجال بل تعلمت بالمغامرة والشجاعة والثقة أن ذلك سيؤدي بها للبقاء على قيد الحياة واكتساب القوة " حيث يمر القطار والذي هو وسيلة النقل المتوفرة في الحرب على طريق قريب من نيران المدفعية الألمانية.
في الفيلم المقتبس من قصة حقيقية حسب مقدمة الفلم ترسل ماشا يابلوشكينا لبناء طريق سريع يربط المدينة بالبر الرئيسي وهو على مرأى من المدفعية الألمانية. لذا تدخل ماشا وبشجاعة مع رفيقاتها ورفاقها لتسليم 75 ٪ من جميع البضائع والمعدات العسكرية إلى لينينغراد.إنه لأمر جلل إن كانت نون النسوة المحلية والإقليمية يقمن بذلك..الواقع والتاريخ يقول لقد قمن بذلك فيما قبل وجود مايطلق عليها الصحوة لكن مع ظهور التشدد وتغير أنماط الحياة عاد الكثيرون لأمنية وضعها في صندوق مغلق ومع ذلك كانت الأنظمة السياسية أكثر تقدما من بعض المجتمعات..فأمضت تقدم الحقوق لها على جرعات وهي سياسية ناجحة وذكية للتعامل مع الكيانات السكانية المنغلقة والتي بدأت تحبو رويدا رويدا إلى سلم الحضارة.
التفسيرات السائدة أن نون النسوة سواء في عمان أو المنطقة برمتها تتعرض لمحاولة الإطاحة بقيمها وخروجها عن قدسية المجتمع..فهي ترغب في ممارسة قناعاتها وكذلك كما أقول دائما فلتتحمل ثمن خياراتها..لكن الطرف الأخر من الرجال والمهاجمون بقوة يتملكهم هاجس زلزلة البنى الاجتماعية ..الإطار العام للمرأة ودورها ومن تكون.مساحة حريتها ومساحة التفكير الذي ترغب في ممارسته..في السابق كانت الأسئلة مخبئة واليوم تظهر على العلن عبر الثورة المعلوماتية فبات صوتهن يصل إلى كل الأرجاء في ثواني معدودات وماهي كذلك إلا ثواني وتتدفق الردود عليهن من الرجال..لقد أصبحت هذه الأراء مزعجة للكثيرون بمختلف فئاتهم ومستوياتهم وخلفياتهم الفكرية من المتشددين إلى من يعتبرون أنفسهم حراس القيم والعادات إلى أسرى صندوق القيود الاجتماعية جميعهم يحاولون فرض أنماطهم ..مدفوعون بالخوف ربما بسبب التنشئة والبيئة..إن ماتمر به نون النسوة الإقليمية سبق وأن مرت به نون النسوة العالمية في القرون الفائتة..والمحيط العربي برمته يتباين في نوع توجهات نون النسوة..لكن ماتقوم به نون النسوة سيغير أشياء كثيرة..على مهل .الزمان لايتوقف والحركة لاتتجمد..التاريخ يتحدث عن ذلك.