بقلم : خالد عرابي
تستيقظ في الصباح وتذهب إلى العمل، تتحدث مع الزملاء عن الأخبار والجديد فيها لتجد أن معظم بل غالبية الأخبار التي تتحدثون عنها في كثير من بلداننا العربية سيئة، فهي أخبار عن وفيات بسبب كورونا ، وإصاباتها ، أو غيرها .. وأما الأخبار الدولية فحدَث ولا حرج معظمها تدور عن انفجارات هنا أو قتل هناك أو تعدي وضرب و تشريد وغيرها ، وما أن تنتهي من حديث الزملاء وتفتح هاتفك النقال وتذهب إلى «واتس آب» مثلا إلا وتجد مجموعة كبيرة من الرسائل المرسلة لك ومعظمها لا يقل سوءا ولا «سوداوية» - أعاذنا وأعاذكم الله من ذلك وشره- عن «الكورس» الصباحي الذي مررت به ، وهكذا تجد الأمر نفسه مع «فيس بوك» ويمكن «تويتر» وغيرها، بل وعلى طول اليوم تلاحظ أن كثير من الأخبار التي تصلك معظمها سيء ونقد وتقطيع وهكذا إلى أن تعود إلى منزلك.. والأدهى والأضل سبيلا أنك تعود في اليوم الثاني لتجد أن الأمر كذلك لم يتغير وكأنك تعود لنفس الروتين وكأن الأخبار لم تتغير فقط في الأسماء والأماكن والصور.
هذه سمة ملاحظة غريبة أجدها متكررة في الفترة الأخيرة ليست معي فحسب بل مع الكثيرين، وهذا يبث نوعا من الإحباط وتثبيط الهمم والهدم من العزيمة، بل ويخلق مناخا من السلبية وعدم الرغبة في العمل أو الإنجاز أو الإضافة ..
يحدث هذا بشكل عام على مستوى كبير أقول ربما المناخ الدولي والعالمي وما يحدث في وطننا العربي يشيع ويبث ذلك ويعطي المجال لحدوث ذلك .
لكن المزعج وما لا يعجب وما لا تجد له مبررا هو أن نرى مؤخرا في المجتمع العماني السمح، المحافظ، المتعايش، والجميل، والذي يعج بكل مقومات الحياة والرفاهية والسلم والسلام، والأمن والأمان، فكل شيء موجود ومتاح وعلى أفضل مستوى ، ومع هذا ففي بعض الأحيان تعلو نبرات غريبة وعجيبة وأصوات زاعقة على وسائل التواصل الاجتماعي، يبثون سمومهم في صورة أخبار مكذوبة أو مفبركة وكثير منها سلبية أو نقد ولكن ليس عن صدق أو وجه حق، فكما يقال «على الفاضي والمليان» أي بالباطل، وهذا ما لا يستساغ ولا يرضي كل مخلص ومحب لهذا البلد المعطاء والوطن المحب لشعبه ولكل من عاش أو حتى مر بأرضه، ومما يلفت النظر ، بل ويستوقفك كثيرا أنك تشعر وكأنه لم يأت هباءا ولا صدفة ، بل وتشعر أحيانا و كأنه عمل منظم أو ممنهج أو مقصود .
فمن بين كل ما هو جميل من حولنا على أرض هذا الوطن العزيز (عمان) فكل يوم عشرات بل مئات الأشياء الجميلة التي تحدث ما بين إنجازات تتحدث عن نفسها ما بين شق طرق و بناء مؤسسات وتشييد صروح معمارية و علمية جديدة وفوز بجوائز عالمية وإشادات دولية بما وصلت إليه السلطنة من مستوى متقدم في النهضة و الحضارة و تحقيقها لطفرات غير مسبوقة في كل شيء، ومع هذا نجد أن البعض -هؤلاء القلة- ممن أصيبوا بعمى الألوان أو من وضعوا على أعينهم نظارات سوداء، أو أن هناك من ألبسوهم عيون السواد، لا يرون كل هذا الأبيض الناصع ، ولا يرون كل هذا الماء في الكوب ، وفقط يرون الجزء البسيط جداً غير المملوء في الكوب ، أو يرون النقطة السوداء في الثوب الأبيض ، بل والأصعب من ذلك وكما يقال الأدهى والأضل سبيلا أنهم لا يكتفون بهذا السواد الذي على عيونهم والذي في قلوبهم بل يقومون ببث موجة عامة من السواد من خلال نشر«السوء» أي بث الأخبار السيئة والتي هي في غالب الأمر غير صحيحة في المجتمع وعبر وسائل التواصل ليشيعون «الفاحشة» أو لبث موجة من الإحباط في المجتمع وهنا يجب أن نلفت أنظار أخواننا الشباب ونقول: ليتنا جميعا ننتبه لمثل هذه الأمور ، ويجب علينا ألا نسمع ولا نستحيب ولا نتجاوب مع مثل هؤلاء ، فلا نتناقل ولا نمرر أخبارهم الكاذبة المحبطة ، كما أقول لهؤلاء فقط تذكروا قول الشاعر إيليل أبو ماضي» «أيها الشاكي وما بك داء .. كن جميلا ترى الوجود جميلا» .. فقط غيروا من أنفسكم ونقوا قلوبكم وارفعوا النظارات السوداء من فوق أعينكم عندها صدقوني سترون كل شيء عظيم وإن قل، بل وسترون كل شيء جميلا.