مسقط – علي البادي
وقع يوم أمس الأول الثلاثاء حادث تصادم مؤلم لمركبتين على طريق صلالة - هيماء والذي ذهب ضحيته 3 أفراد من عائلة واحدة.
أيمن بن سبيت الزعابي ، يبلغ من العمر 28، من ولاية صحم في شمال الباطنة ، تحدث لـ «الشبيبة» ، عن حادث التصادم المؤلم لمركبتين على طريق صلالة - هيما والذي ذهب ضحيته ثلاثة أفراد من عائلته :»وردني الخبر المؤلم الساعة الحادية عشرة صباح يوم الثلاثاء 10، أغسطس، 2021، لم أتمالك نفسي من شدة الصدمة، لقد انهرت، لم أدري ماذا أجيب على المتصل من شرطة عمان السلطانية، وقفت لبرهه ، ثم اتكأت على أحد المقاعد القريبة في الشقة التي كانت بجوار شقة أختي وعائلتها ، توقف تفكيري ، لم أتقبل الخبر ، مجيباً الشرطي : نعم، متى؟ كيف؟ ماذا تقول؟».
صدمة
يكمل أيمن : »أبلغني الشرطي قائلاً: أيمن يؤسفنا أن نخبرك عن وقوع حادث تصادم لمركبتين كانت إحداهما لعائلة أختك، نرجو الحضور حالاً» لم أدري ماذا علي أن أفعل، وكيف لي أن أخبر والدتي وعائلتي بوفاة أخي طه ، 16 سنة، وأختي ريم، 26 سنة، وطفلها علي الذي لم يتجاوز عمره السنتين، بالأمس كنا معاً نضحك ونستمتع بأجواء الخريف في محافظة ظفار، واليوم يأتيني خبر وفاتهم، سرحت قليلاً أتذكر وأنا أمازح اخي الصغير طه ، وأحتضن ابن أختي، وريم أختي ريم، كيف ذلك؟».
يكمل أيمن: »ذهبت لوالدتي وعائلتي لأخبرهم بأنه يجب علينا حزم أمتعتنا حالاً، والدتي تسأل: « ماذا هناك ايمن؟ لماذا وجهك شاحباً هكذا؟» ، لم أدري بماذا أجيبها، فقط اكتفيت بالرد :هيا بنا لا وقت لدينا فهناك من ينتظرنا».
تواصل أيمن مباشرة مع الطيران العماني ليستقل أول طائرة تقلع إلى محافظة مسقط ، ما زال أيمن غير مصدقاً لما سمعه من الشرطة، والأمل يجول في ذهنه: «لا ، لعل هناك التباساً في الأمر، ربما هناك خطأ ما في الأسماء»، والدة أيمن تقطع هذونته : »أيمن أنت على غير طبيعتك، أخبرني من ينتظرنا؟ ولماذا وجهك مصفراً هكذا؟» أيمن لا يجيب ويكتفي بنظرة على زوجته وأبنائه .
يصل أيمن وعائلته مع والدته إلى مطار مسقط الدولي، يخرجوا مسرعين، لا تدري أم أيمن ماذا ينتظرها من خبر مفجع، مازال أيمن متستراً على الخبر حتى يرى بأم عينيه حقيقة الأمر.
يقول أيمن:»كنا قد ذهبنا أنا وأختي ريم وعائلتينا في رحلة في الأول من الشهر الجاري للاستمتاع بأجواء خريف صلالة لمدة عشرة أيام، وفي اليوم العاشر أي بتاريخ 10 أغسطس 2021 من يوم الثلاثاء عزمت أختي ريم مع زوجها وطفلها علي وأخي طه وخادمة منزلهم بأن يسبقونا بالرحيل إلى ولاية صحم ، مكان إقامتنا الدائمة ، يكمل:» كانوا قد قاموا بتوديع والدتي فجر يوم الثلاثاء، نهضت من نومي لسماعي صوت حديثهم، نظرت من الباب وإذ بأختي وعائلتها يغادرون في سيارتهم ولم أتمكن من توديعهم فقلت في نفسي ، سيكون بيننا لقاء في المنزل».
يكمل أيمن وصوته يعتريه البحة وهو ينازع دموعه :»لم أتمكن من رؤية أختي ريم وعائلتها قبل رحيلهم، وأخي طه، كم كنت أتمنى لو أنني فتحت الباب وخرجت إلى سيارتهم لتوديعهم ولكن.. ولكن» يصمت أيمن لبرهة من الزمن ثم يكمل :»هذا أمر الله ولا نقول إلا ما يرضي الرب».
الحادثة
يؤكد أيمن: »وقع الحادث حوالي الساعة العاشرة صباحاً في ولاية هيما على طريق صلالة -هيما ، إثر تصادم مركبتهم الكامري طراز 2013، مع مركبة أخرى أعتقد بأنها لاند كروزر، هرعت شرطة عمان السلطانية وسيارات الدفاع المدني والإسعاف، ليتم نقل الجرحى إلى مستشفى هيما، ولكن للأسف كانت أختي ريم وطفلها وأخي طه قد فارقوا الحياة، أما زوجها منتصر المريخي البالغ من العمر 28 عاماً ، وخادمة المنزل فقد أصيبوا بكسور في منطقة الحوض وتتم معالجة خادمة المنزل في مستشفى نزوى أما منتصر فقد تم نقله الى مستشفى خولة في محافظة مسقط».
يكمل :»بعدها تم نقل جثامين أختي ريم وطفلها علي وأخي طه عبر طيران الشرطة إلى مركز شرطة صحم، وكان في استقبالهم عمي، في تلك الأثناء كنا قد وصلنا إلى ولاية صحم، وعلى مقربة من منزلنا، ترى أمي من بعيد عددًا من السيارات وسكان المنطقة أمام منزلنا، نظرت إلي كأنها تحاول أن تقول :»لا ،لا أيمن، لا تقل لي أن أختك وعائلتها قد أصابهم مكروه».
يقول أيمن: »لم أتمالك نفسي فبدأت أجهش بالبكاء، وأمي تضرب على كتفي وصدري وهي تقول: »لا أيمن لا تقل ذلك، أرجوك لا تقلها، ريم، ريم، إبني طه وحبيبي الصغير علي، لا لا، أخبرني هم بخير صحيح». يكمل أيمن: »لم أستطع الرد ودموعي تنهار على خدي ، تحاول زوجتي أن تهدأ من روع أمي وتبكي كذلك، وقفت بالسيارة أمام المنزل، يتوافد الناس، مكتفين بالصمت وينظروا إلينا ، دخلت إلى الداخل، فاتصل بي عمي ، قائلاً: »ستصل الجثامين بعد قليل، أين امي؟ هل هي بخير؟ اكتفيت بالرد :»سآتي حالا».
وصول الجثامين
وصلت الجثامين ، وما إن وصلت حتى انتشر خبر الحادث الأليم في كل مكان من ولاية صحم والسلطنة، تجمع المعزون ليحملوا بعدها النعوش إلى مثواها الأخير، ووارت الجثامين الثلاثة الثرى في الساعة الثالثة فجر يوم الأربعاء، وبات الخبر هو شاغل أحاديث الولاية ويعزوا بعضهم البعض في وفاة أخي علي وأختي ريم وطفلها، هدأت منازل وكل زوايا ولاية صحم، وتوشحت لبساها الأسود ليبدأ نواح وألم شوارعها ، أزقتها ، حصن صحم وأسواقها ، وأشجار النخيل والليمون ، رحلت ريم ، التي لا تفارق وجهها ابتسامتها الصادقة ، ورحل طه الذي ينتظره كرسي الدراسة في مدرسة يعرب بن بلعرب ، لينهي اخر سنة من سنواته الدراسيه ، رحل علي ورحلت معه ضحكاته وقفزاته، لتبقى فقط مجموعة من ذكرياتهم لتسكن في مخيلتنا وجوههم وضحكاتهم وأصواتهم.
رسالة
يختتم أيمن حديثه في رسالة يوجهها لجميع سائقي المركبات :»أرجوكم انتبهوا عند قيادة مركباتكم ، التزموا بالسرعة القانونية ، واحتاطوا لأي أمر طارئ يحدث سواء للمركبة أو مفاجآت الطريق، إننا نعاني ألم الفراق لأخي طه وريم وطفلها، وسكن الحزن منزلنا، وأتمنى أن لا يحدث هذا الأمر لأي عائلة ، فألم الفراق متعب جداً ، حافظوا على أرواحكم ، وأرواح أحبائكم، وحافظوا على أرواح الآخرين بالتزامكم في القيادة».
وقد وجــــه أيمن الزعابــــــــــي شكره العميق للطيـــــران العماني ، ولشرطــة عمان السلطانيــــــة بكافة تشكيلاتهـــا ولهيئة الدفاع المدني والإسعاف ، ولجميع من قدم التعازي والمواساة في مصابهم الأليم.