محمد بن سيف الرحبي
alrahby@gmail.com
www.facebook.com/msrahby
ليس «صحياً» على الإطلاق أن تتدخل أي من مؤسسات الدولة في صميم عمل جمعيات المجتمعات المدنية، ذلك لو كانت تلك الجمعيات لا تعاني من «أمراض» حب التسلط وما تنتقد الحكومة فيه من سوء استغلال، وغياب الشفافية، والفسادين الإداري والمالي.. وصولا إلى المكوث خالدين.. فترة بعد أخرى.
جمعيات المجتمع المدني دخلت «مجلس الدولة» ليصبح التدخل مطالبا به على مستوى واسع، رغم أن المفترض أن يبقى ما للدولة للدولة، وما للمجتمع فهو متكفل به، حيث إن المطالبة بمبادرات كهذه من ثمانينيات القرن الفائت قبل أن تقتنع الحكومة وتمنح قليلا من الهامش، رغم أنه بدا واسعا بعد الدخول في تجارب، لم تخرج منها رغم أن العملية «الارتجاجية» الأولى طال أمدها، وكان يفترض أن تبلغ سنّ النضج، لكن يمكن القول إن التأسيس الضعيف لبعض الجمعيات ساهم في بقائها هشة، وبعيدة عن سن النضج ولو بعد سنوات.
كنت أتمنى أن يتدخل مجلس الشورى، لا الدولة، مرة أخرى، في أوضاع مؤسسات كهذه، ويعيد قراءة ما يحدث في ظل مستجدات أدخلت أعضاء مجالس إدارات المحاكم، حتى في الاختلاف حول الشكليات الانتخابيــة، عدا المسكوت عنه، والـــذي ليس بخافٍ على الشارع العماني، وهو يرى مؤسساته، بخاصة الإبداعية، تترنح تحت ضغط التحزبات والاختلافات.. والنوم المبكر، كما هو شأن جمعية المسرح.
كيف يمكن أن تكون مؤسسة مدنية مستقلة إذا كانت وزارة التنمية الاجتماعية هي المتحكمة في كثير من تفاصيل تخص الجمعية، من بينها أن تسمح بمشاركة وفد في مهمة خارجية لحضور مؤتمر أو حدث مهني؟ كنت اعتبر ذلك تدخلا سافرا لو أن مجلس إدارة الجمعية يرعى مصلحة المهنة لا مصالحه الشخصية.. وألا يسافر ثمانية أشخاص أعضاء مجلس إدارة حالي، أو سابق.. إلى دولة بعيدة عشرة أيام، بينما تقلص الدولة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية موازنات المهمات الخارجية؟
الأفكار المطروحة تحت قبة المجلس أخذت حيزاً من النقاش حول مسيرة هذه الجمعيات، مستقبلها، وإلى أي مدى يمكنها الاستقلالية، المادية.. وهذه مستحيلة، وإدارية، وهذه أكثر استحالة في ظل الوضع الحالي من التخبط، والانفرادية.. وصراعات أعضاء مجالس الإدارات، كحال جمعية الصحفيين التي انقسمت إدارتها، وأحسبه انقساماً على تقسيم الكعكة حيث كان الجميع صامتين حينما كانت هناك مساواة في القسمة وفق توازن المصالح..
كان بديهيا أن يبحث مجلس الدولة في أحوال جمعيات محسوبة على مجتمع مدني، يبدو أنه لم ينضج في تفاعله مع أفكار كهذه، فيما يأمل البعض في وجود نقابـــات واتحادات، كتطوير لعملية المشاركــــة.. فإذا كانوا قد «اختلفوا» حول العمل ضمن مفهوم «الجمعية» وكل يأمل في جانب من البقرة الحلوب، بخاصة أن الضرع «الإعلامي» يدرّ بقوة حيث المرعى خصب.
الجمعية العمانية للمسرح فقدت الثقة «الحكومية» فيها بعد سلسلة من المناكفات والمخالفات المالية، فهل تنتظر الجمعيات الأخرى ذات المصير؟!