الخبير العسكري المصري اللواء نبيل ابوالنجا في حوار شامل مع " الشبيبة" ( الثالثة والاخيرة ) التحالف الغربي ضد داعش "مشكوك في اهدافه"

الحدث الأحد ١٠/أبريل/٢٠١٦ ٠١:٤٧ ص
الخبير العسكري المصري اللواء نبيل ابوالنجا في حوار شامل مع  " الشبيبة" ( الثالثة والاخيرة )
التحالف الغربي ضد داعش "مشكوك في اهدافه"

مسقط – محمد البيباني
غموض كبير يكتنف تنظيم داعش بداية من نشأته وصولا لاسرار قوته الهائلة التي استطاعت ان تحصنه من ضربات اعتى جيوش العالم واقواها .... هذا الغموض بدوره امتد لتلك الضربات التي تشنها قوات التحالف الدولي ومدى فعاليتها وتاثيرها على التنظيم ... مشهد اقرب الى مسرحية عبثية تتوزع ادوارها باتقان وخلفها مخرج مجهول بارع في اخفاء وجهه وحقيقة دورة ...
حول التنظيم واسرار قواته وجدية التحالف الدولي في مواجهته والقضاء عليه تواصل الشبيبة حوارها مع المحلل العسكري والأمني والخبير في شئون مكافحة الإرهاب ومؤسس أول وحدة قتالية في الوحدة الإستراتيجية 999 قتال بوحدات الصاعقة المصرية اللواء نبيل ابوالنجا ....

- ما هو تقييمكم لمدى جدية التحالف الغربي في حربه على داعش في العراق وسوريا ؟
عندما نتحدث عن جدية التحالف الغربي (قرابة 42 دولة) في حربه على داعش في العراق وسوريا تعالوا سويا نستعرض الأمور التالية:
ترسانات الأسلحة في العالم تتواجد في حلف الناتو ودول الكتلة الشرقي بعد تفكك الإتحاد السوفيتي, وهذه الترسانات لابد أن تعمل وتصدر وإلا أفلست وأغلقت.
الحروب القادمة لا يمكن أن تكون نووية لأن معناها خلل الجاذبية الأرضية ونهاية العالم , إذا الحروب النمطية التقليدية مستمرة وستستمر وليس هناك خيار آخر.
الدول العظمى الآن يمكنها وضع حد فوري لأي حرب باستخدام التقنية العالية الحديثة للغاية The most advanced technology فهى تملك أجهزة استشعار عن بعد تدار بالأقمار الصناعية وتكتشف الأنفاق والمخابئ وكل شئ تحت الأرض- أجهزة تصنت متقدمة للغاية تلتقط أية اتصالات وتحدد مكانها فورا- أجهزة إعاقة إلكترونية متقدمة للغاية تعيق استخدام أية رادارات أو اتصالات أو مقذوفات أو صواريخ- العمل ليلا باستخدام أجهزة التكثيف الضوئي والأشعة تحت الحمراء والليزر بكفاءة عالية جدا تماما مثل وضح النهار- ريبوت آلي في ميدان المعركة يقدم الدعم اللوجيستي والمخابراتي للقوات- صواريخ جو/أرض وسطح/سطح تضرب أهدافها على مسافات بعيدة للغاية تصل لآلاف الكيلومترات بدقة متناهية وبنسبة خطأ لا تذكر- غازات حربية كيماوية تضرب منطقة محصورة تفقد العدو السيطرة على وعيه تماما......وأشياء أخرى لا حصر لها ولا أريدها أن تحبط القارئ الكريم.
هل هذا الجزء اليسير من الكثير يفي بالرد أم أن هناك مازال شك في أن قوات التحالف هذه تقاتل ببسالة وسوف تنجز مهامها في العراق وسوريا بحلول عام كذا وكذا بعد أن يكون النفط قد نفذ والحضارة العراقية والسورية قد أصبحت
في خبر كان وبعد ذلك يلتفتوا إلى قلب العروبة النابض مصرنا الغالية أم الدنيا.
أما بالنسبة للشكوك حول مصدر قوة هذا التنظيم فاعتقد بعد الشرح السابق لا مجال للحديث عن قوة عصابات من هنا وهناك قد تم تدريبها على أحدث الأسلحة والتقنيات وعندها من التمويل ما يكفي لشراء أية أسلحة متطورة بعد أن
تحكمت في معظم آبار النفط هنا وهناك وقوافل النفط المسروق تعبر الحدود في إتجاهات معروفة لتباع بأسعار زهيدة لدول مستفيدة من استمرار الأوضاع كما هى عليه.
هل يعقل ان يقوم زعيم التنظيم المسمى بداعش (أبو بكر البغدادي واسمه الحقيقي عبد الله إبراهيم وهو تلميذ أبو مصعب الشرقاوي الأردني الذي تلاسن مع أيمن الظواهري عقب اغتيال أسامة بن لادن زعيم القاعدة وانشق
وكون جيش صغير يسمى دولة العراق الإسلامية وتتلمذ على يديه أيضا هشام السعيدني المصري/الفلسطيني الذي قتل في غزة وكذلك شادي المنيعي وكلاهما مؤسس أنصار بيت المقدس التي تعمل في سيناء الآن) بتجميع هذا الحجم الهائل من القوات التي تقدر حاليا وفق تقارير لا نعرف مصدرها بحولي خمسة وعشرين ألف إرهابي ويسلحهم ويدربهم ويسيطر عليهم في دول عدة !!! إذأ من الذي خطط وحشد ودرب ووزع هذه القوات على دول عديدة ويوفر لها الإتصالات والتأمين.....الخ
معذرة صديقي القارئ فإن المجال لا يتسع هنا لذكر تفاصيل أكثر ولكن بقيت نقطة صغيرة لا يجب إغفالها وهى أصل أبو بكر البغدادي (عبد الله إبراهيم) العراقي المولود في الفالوجه وحقيقته ونشأته وتدريبه وديانته الحقيقية
وعلاقته بوطنه الأم الحقيقي وعندما يبحث المختصون في العراق في السجل المدني عندهم عن أصل هذا الشخص سوف تعلمون علم اليقين من هو وكيف ولماذا وأين

- اثير في الفترة الاخيرة وجود وساطة سعودية بين القاهرة وانقرة .... هل ترى امكانية لعودة العلاقات وتخلي تركيا عن دعم الاخوان ؟
في عالم السياسة غير وارد على الإطلاق دوام حالها ولا يعلم أحد إلا الله من هو صديق أو عدو الغدو ولا توجد دولة في العالم لا تسعى لتحقيق مصالحها (أتحالف مع الشيطان في سبيل بلادي), ولكن هناك بعض البشر يعشقون الهتافات
ويعتنقون السياسة السائدة حاليا في دولنا المنكوبة بأهلها (الفيتو قراطية) وهى الإعتراض على كل شئ واي شئ المهم هو الظهور الإعلامي وإرتداء لباس المصلح الأوحد والعليم ببواطن الأمور وخزانة الإفتراضات والصواب
والخطأ.
هل لو تخلت تركيا عن دعمها للإخوان يكون هناك إمكانية للمصالحة؟!! بالطبع السبب الرئيس للقطيعة هو تأييد تركيا وزعيمها السيد رجب طيب أردوغان للإخوان وإذا زال السبب فمرحبا بأي جهة تمد يدها لنا ونمد يدنا لها
للتعاون المشترك من أجل رفعة الشعوب ورخاء الإنسانية.
إننا في مصر عندنا سفارة لدولة الصهاينة وترفع العلم في عنان السماء في قلب القاهرة, هذا العلم الذي مزقناه في حرب العاشر من رمضان ورفعنا على صاريته علم جمهورية مصر العربية وواجهنا الرصاص بصدور الشهداء حتى يظل علم مصر عاليا (سنكتب بدماء الشهداء على جبين المجد عنوانا, من لم يعشق تراب الوطن ليس إنسانا), ولكن الدبلوماسية العالمية واعتراف الأمم المتحدة بدولة الكيان الصهيوني وحاجتنا للتواصل معهم من
أجل حل القضية سلميا ومناقشة حل الخلافات وما يطرأ ويستجد على الساحة العالمية جعلنا نفضل إقامة علاقات دبلوماسية معهم برغم أننا في رباط إلى يوم الدين مع هذا الكيان ولن يتوقف حتى نحرر فلسطين والقدس والأقصى من دنس الصهاينة المستعمرين.
أما عن وساطة الشقيقة المملكة العربية السعودية في هذا الصدد فمرحبا بأي مسعى يهدف لإزالة الشقاق والهوة بين الدول فنحن بشر ولا نضمر الشر لأحد وندعو لسبيل ربنا
بالحكمة والموعظة الحسنة ونقول لكافة الناس (لكم دينكم ولي دين) ونحاول أن نعمل بالكتاب والسنة ونجتهد حتى يرى العالم أعمالنا وليس أقوالنا (إذا أراد الله بأمة سوءا ابتلاهم بكثرة الجدل وقلة العمل)
أما موضوع دعم تركيا للإخوان فهو علني وظاهر وكذلك تعاونها السياسي والإقتصادي والأمني مع الصهاينة واضح ويجب أن لا نفرض على طرف يتعامل معنا من يجب أن يعاديه ومن عليه أن يصادقه لكن الأساس هو عدم الإضرار
بالمصالح المشتركة للشعبين, بمعنى أن تركيا تؤيد الرئيس السابق وقد عزل وهذا شأنهم حتى لو استمروا في سياستهم هذه لكن المرفوض هو تقديم الدعم المادي للإرهاب وكذلك تدريبهم في معسكرات وتنظيم دخولهم للأراضي المصرية
وتسليحهم بالأسلحة والذخائر والتدخل في الشأن المصري الداخلي, إن ميولنا كأفراد تختلف وكذلك الدول مصالحها تختلف وتتعارض ولكن يجب أن لا تتقاتل.
إن علاقات الدول تحكمها دائما المصالح والمنافع المتبادلة ولقد سيطرت الولايات المتحدة على العالم إقتصاديا عن طريق البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وربطت إقتصاديات الدول بالدولار حتى تتحكم في كافة مناحي الحياة
على الكرة الأرضية وأصبح المبدأ الآن (حسنة وأنا سيدك) فإذا لم يجدي التدخل العسكري ودائما لا يجدي لأنه ليس مهم السلاح وإنما من هو وراء السلاح وطبعا نوعية جنودهم يعرفها القاصي والداني فإنها تلجأ للخيار الإقتصادي للضغط والتجويع وإيقاف المساعدات والمعونات.
إن حال الدول النامية مثل دولنا العربية لخصها شيخ الإسلام الداعية فضيلة الشيخ المغفور له بإذن الله تعالى محمد الشعراوي في جملة مفيدة رائعة (علشان الكلمة تطلع من الراس, لازم اللقمة تطلع من الفاس) ومن لا يملك
قوت يومه لا يملك حريته, فعلينا أن لا نكون تنابلة السلطان ونعمل حتى نضع دولنا على خريطة العالم المتحضر ووقتها سيسعى الجميع لإقامة علاقات معنا لأننا أقوياء حيث يعيش العالم الآن بشريعة الغاب.
أكرر في حالة توقف الأتراك عن دعم الإخوان فإننا نرحب بأي وساطات لإعادة العلاقات لسابق عهدها واعتقد بعدما تعرضت تركيا لعمليات إرهابية غادرة وسوف تتكرر فإنها ستعود لرشدها وتعلم أن عصابات الإرهاب التي ارتدت عباءة الدين ما هى إلا نتاج دول معادية تستهدف دمار منطقتنا وكلنا نعلمها جيدا.

- كيف تقيمون وضع الامن القومي لمصر في الوقت الراهن ؟
في الوقت الراهن يمكن قياس مدى استتباب الأمن القومي في مصر بالتالي:
- وتيرة العمليات الإرهابية في شمال سيناء حيث التهديد الأكبر والحالي (هل هى متصاعدة أم تنحسر تدريجيا)
- العمليات الإرهابية في داخل البلاد و في مناطق الحدود الغربية مع ليبيا والحدود الجنوبية مع السودان.
- الأمن على ساحل البحر الأبيض المتوسط من السلوم غربا وحتى رفح شرقاوعلى سواحل خليجى العقبة والسويس
- تأمين المواصلات الجوية والبحرية والبرية خارجيا وداخليا و تأمين الأهداف الحيوية داخليا (السفارات- الأهداف الحيوية- المنشآت الحكومية والعامة....)
- رضاء الشعب عن الحكومة وعن الأداء وتوفر سبل المعيشة الكريمة واحترام حقوق الإنسان
- نجاح قاعدة بيانات الأمن الوطني في تتبع ورصد عناصر الجماعات الإرهابية والعمليات الإستباقية للقضاء على هذه العناصر في مهدها (تجفيف المستنقع قبل القضاء على الذباب والبعوض).
مدى قناعة الشعب بتحمل أعباء إضافية حياتية معيشية من أجل مستقبل أفضل.
- دور الإعلام في التوعية وتحليل الأحداث والحصول على المعلومات من مصدر محدد وموثوق (اعطني إعلاما بلا ضمير اعطيك شعبا بلا وعى ؛جوبلز وزير إعلام هتلر في الحرب العالمية الثانية).
وهناك عوامل أخرى عديدة لقياس الوضع الأمني والمجال هنا لا يتسع لذكرها ولكن دائما يقاس الوضع الأمني في أية دولة باستقرار الأمور السياسية والإقتصادية والإجتماعية ووجود قوات مسلحة قوية قادرة على الردع.

الا ترى ان انتقال عناصر داعش من العراق وسوريا الى ليبيا يمثل خطورة على الامن القومي لمصر ؟
بالطبع موضوع انتقال قادة داعش وأمراء دولة الخلافة من العراق وسوريا إلى ليبيا عبر السودان وعبر البحر المتوسط وتونس والجزائر والصحراء الليبية الكبرى سوف يزيد الأمور تعقيدا لأن التركيز الحالي لمصر على الحدود الشرقية في سيناء لكن الجيش المصري عبارة عن جيشين الجيش الثاني يحتل من بورسعيد شمالا وحتى فايد جنوب الإسماعيلية والجيش الثالث من فايد شمالا وحتى الأدبية والسخنة جنوب السويس وكل جيش منهما مسئول عن المواجهة في قطاعه وحتى الحدود مع دويلة الصهاينة بعمق يتراوح بين 180-220 كم وهناك قطاع البحر الأحمر الذي يمتد من الزعفرانة بامتداد البحر الأحمر جنوبا حتى حلايب وشلاتين على الحدود مع السودان الشقيق, وهناك المنطقة المركزية في القاهرة ولها وحدات تكلف بتأمين العاصمة والمحافظات المحيطة بها ثم المنطقة العسكرية الشمالية وقيادتها في الإسكندرية ومسئولة عن تأمين الإسكندرية والمنطقة الساحلية ولها أيضا وحداتها التابعة لها مباشرة ثم المنطقة العسكرية الغربية وقيادتها في مرسى مطروح وتتولى تأمين الساحل حتى السلوم (يقابلها منفذ مساعد على الحدود الليبية) ثم جنوبا في إتجاه الحدود المصرية الليبية حتى جنوب واحة سيوة ولها أيضا قوات مخصصة تابعة لها تتضمن كافة الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة ثم المنطقة العسكرية الجنوبية ومركزها أسيوط عاصمة صعيد مصر وأيضا لها من القوات المختلفة ما يمكنها للعمل كجيش منفصل مستقل وتتولى تأمين صعيد مصر والحدود الغربية من الواحات وحتى العوينات على الحدود المصرية الليبية السودانية.
إذا أيا كانت التهديدات شرقا أم غربا شمالا كانت أم جنوبا فإن الجيش المصري منظم وقادر على العمل بكفاءة في كافة الإتجاهات وفي وقت واحد لكن بلا شك كلما كان التركيز في جبهة واحدة كلما كانت الفاعلية أفضل والأداء إيجابي.

الا يثير وجود معسكرات تدريب للارهابيين بالقرب من حدود مصر الغربية قلقا امنيا في مصر ؟
نعم هناك الآن في ليبيا معسكرات لتدريب الإرهابيين بالقرب من الحدود المصرية الغربية في مناطق (خليج البردة- مصراته- الفتايح- خليج درنة) إضافة للمعقل الرئيس للإرهاب في سرت وكلها تحت المتابعة الدقيقة للعناصر الأستخباراتية المصرية ويتواجد اللواء خليفة حفتر قائد الجيش الليبي في طبرق وأحيانا بني غازي التي أوشكت على التحرير من آخر معاقل الإرهاب هذه الأيام, وهناك تدفق كبير للعناصر الإرهابية حاليا من تونس والجزائر في اتجاه المناطق الغربية من ليبيا في اتجاه طرابلس الغرب (العاصمة) وكذلك مناطق القبائل في الصحراء الجنوبية الليبية وتحديدا في المناطق المحيطة بسبها حيث تتسلل حاليا عناصر من بوكو حرام والدول الإفريقية المتاخمة للحدود الجنوبية الليبية وهناك عناصر إرهابية تحاول التسلل الآن من الحدود الغربية المصرية الليبية من مساعد شمالا وحتى العوينات جنوبا مرورا بواحات جغبوب وجالو والكفرة الليبية حيث تمتد الحدود المصرية الليبية لمسافة 1154 كم ويتخلل معظمها منطقة بحر الرمال الأعظم وتشكل جبالا من الكثبان الرملية المتحركة التي يصعب التحرك فيها وبالتالي تضعف السيطرة عليها بالإضافة للكثافة السكانية البدوية المحدودة من قبائل أولاد على المصرية/ الليبية.
أما فيما يتعلق بالخطط العسكرية المصرية التي يتم إعدادها حاليا لضرب داعش داخل ليبيا فهى حقيقة واقعة لأن هذه المستنقعات لو تركت لصدرت لمصر عناصر إرهابية شديدة الخطورة وفائقة التسليح وعلى خبرة ودراية عسكرية متقدمة في حرب الإرهاب والعصابات والقنص وتفخيخ السيارات وزرع الألغام ووصل تسليحها حاليا للمدرعات والصواريخ والمدفعيات الحديثة والعناصر المضادة للطائرات ويتم تدريب هذه العناصر بواسطة ضباط متقاعدون من دول مختلفة لهم خلفية قتالية عالية ومحترفون ويساعدهم بيع النفط في الحصول على أحدث الأسلحة في الترسانة الأمريكية وكذا من الصهاينة والجمهوريات الروسية ومختلف دول العالم ويساعدهم في ذلك امتداد رقعة الصحراء الليبية وغياب الجيش الوطني المنظم وعدم وجود هيكل للدولة يفرض السيطرة على الأوضاع الأمنية بالبلاد, ولقد وجهت القوات الجوية المصرية ضربات موجعة لبؤر الإرهاب في ليبيا عقب اغتيال المواطينين المصرييين الأقباط هناك منذ شهور ماضية وهذا حق أصيل ومشروع.
أما الآن فهناك مجلس وفاق وطني وحكومة شرعية هى التي تحدد طلب التدخل العسكري وصورته ومداه وكل ما يتعلق بالعمليات العسكرية القادمة لأن الدولة الليبية الآن دولة ذات سيادة ولها حكومة وجيش وطني وكافة المسئولين الليبيين علاقتهم جيدة بالحكومة والشعب في مصر ولن يكون هناك أي تدخل في ليبيا إلا بناءا على طلب الأشقاء هناك تحقيقا للإستقرار وحماية للشعب الليبي الشقيق من عصابات الإرهاب.

- تطور الاوضاع الامنية في سيناء ومدى تاثير اغراق المنطقة الحدودية مع غزة بالمياه على الانفاق وتدفق المقاتلين والسلاح ؟

الوضع الحالي في شمال سيناء وبالتحديد في المنطقة الحدودية مع قطاع غزة المحتل (13.800كم) من ساحل البحر المتوسط شمالا عند رفح وحتى كرم شالوم (كرم أبو سالم) المنفذ الصهيوني للقطاع تقع مدينة رفح بشقيها الفلسطيني
(رفح فلسطين) والمصري (رفح سيناء) ويفصلهما سور أسلاك شائكة ونقاط مراقبة من الطرفين المصري والفلسطيني وتشرف منظمة حماس على تنظيم الحدود وليست السلطة الفلسطينة الشرعية (الرئيس محمود عباس أبو مازن ممثل منظمة التحرير الفلسطينية ومقره رام الله ويدير أعمال الضفة الغربية) والمنطقة الحدودية هذه هى بؤرة التوتر ومصدر الأنفاق وتسلل الإرهابيين والسلاح والذخائر.
هناك ستة معابر صهيونية مع قطاع غزة المحتل أولها كرم شالوم ثم العودة والقرارة والمنطار والشجاعية ومعبر بيت حانون (إيريز) معبر كرم شالوم على الحدود المصرية الصهيونية الفلسطينية ثم باقي المعابر في الأراضي المحتلة
حول قطاع غزة وكل معبر له تخصص بالنسبة للإنتقالات أو التجارة أو الطوارئ في حالة التوتر أو الإمداد بالوقود أو عبور العمالة الفلسطينية داخل الأراضي المحتلة مثل معبر بيت حانون وكل هذه المعابر ينظم عملها إتفاقيات
كامب ديفيد وإتفاقيات أوسلو وغيرها.
أساس الأنفاق التي تمتد عبر الحدود المصرية للعمق المصري (بعضها يصل عدة كيلومترات- حتى الآن 2.800كم) تبدأ من قطاع غزة-خان يونس-رفح فلسطين وبعضها مخصص لتهريب عصابات الإرهاب والآخر للأسلحة والذخائر وأنفاق للسيارات والمركبات والوقود والإمدادات.....
مع تزايد العمليات الإرهابية بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسى قررت مصر إقامة منطقة عازلة على الحدود المتاخمة للقطاع والتي سبق أن أسلفت أنها (3.800كم) من ساحل البحر المتوسط حتى المنفذ الصهيوني كرم شالوم وبعمق 500م داخل الأراضي المصرية وأزالت المباني والتجمعات البدوية في هذه المنطقة وخصصت أماكن أخرى ومساكن للمتضررين وتعويضات عن الأراضي والمزروعات والممتلكات الأخرى.
قامت وسائل الإعلام المأجورة بمهاجمة مصر مدعية أنها تطرد أهالينا من البدو وتحرق وتدمر التجمعات البدوية إلى آخر هذه الإفتراءات ولكن إذا علمنا وقرأنا المشهد جيدا نجد أن هناك ما يسمى محور فلاديلفيا المعروف إعلاميا جيدا وهو منطقة عازلة بطول الحدود بين القطاع والحدود المصرية أقامتها السلطات الصهيونية العام 2006 بعد تزايد العمليات الفدائية داخل فلسطين المحتلة وهذه المنطقة بعمق 100م داخل أراضي قطاع غزة المحتل وهدمت
سلطات الإحتلال الصهيوني 1850 منزلا في هذه المنطقة بداعي الضرورات الأمنية ولم يتحرك أحد أو يشير إلى ذلك إنما إذا أقدمت مصر على عمل يحمي ترابها الوطني ويحافظ على أرواح شعبها تكون قد ارتكبت الخطأ الفادح في التاريخ.
تلى المنطقة العازلة الأولى بعمق 500 العام 2014 منطقة عازلة ثانية بنفس العمق أي 500م ليصل العمق داخل الأراضي المصرية إلى 1 كم بمنتصف 2015 وتلى ذلك منطقة ثالثة وأخيرة بعمق 500 م أيضا أي أن عمق المنطقة العازلة أصبح 1.5 كم حتى الآن وشرعت مصر في بناء مدينة رفح الجديدة على مسافة 5 كم لداخل الحدود المصرية بعيدا عن موقعها الحالي المتاخم للحدود ونقل الأهالي حفاظا على أرواحهم وتعويضهم وتوفير المسكن الآمن الجديد لهم وتخصيص أراضي مستصلحة لهم بديلا عما فقدوه.
قررت مصر إقامة قناة مائية من ساحل البحر وموازية لخط التماس الحدودي مع القطاع بعرض حوالي 30 م وعمق 5م حتى الآن للمساعدة في منع حفر الأنفاق والحد من تدفق الإرهابيين والسلاح والذخيرة وهذا يشكل عقبة كبيرة للإرهاب وعصابات وتجار التهريب وخلافه لأن الأنفاق السابقة كانت تستغل المنطقة السكنية في رفح سيناء وتم اكتشاف فتحات أنفاق داخل المنازل, أما الآن ومع التشديد على السواحل البحرية وباقي خط التماس الحدودي مع الصهاينة وكذلك الحدود الغربية لمصر مع الشقيقة ليبيا والحدود الجنوبية مع الشقيقة السودان وتشديد الرقابة على المنافذ البحرية في خليجي العقبة والسويس وكذلك المطارات وكافة المنافذ البرية والبحرية فقد تمت محاصرة الإرهاب ولم يبق إلا تصفيته ولكن الأهم هو المستنقفات في قطاع غزة ومعسكرات التدريب في شرق ليبيا (خليج البردة- الفتايح-مصراته-درنه) بالإضافة لمعقل داعش في سرت والمعقل الآخر في الصحراء الجنوبية في ليبيا حول منطقة سبها وهناك قواعد أخرى في إتجاهات معلومة جيدا لكن لا داعي لذكرها حاليا.
وبالنسبة لمصادر الإرهاب الأخرى فإنها تتمثل في مقر التنظيم الدولي للإخوان في المملكة المتحدة (118 كركلوود-لندن) وعصابات الإبياري ومحمود عزت ومصطفى حسين وغيرهم ومقرات أخرى تصدر الإرهاب وتمول وتدرب وتسلح ولكنها ليست ببعيد عن متناول يد وانتقام خير أجناد الأرض.
الأوضاع الأمنية الآن في طريقها للإستقرار لكن الطريق لا يزال طويلا ومحفوفا بالمخاطر وكما أسلفت لا بد من تجفيف المستنقعات الداخلية وتدمير معسكرات تدريب الإرهاب وقطع طرق الإمداد والتمويل, لكن يبقى الأهم وهو
الإهتمام بالتنمية العاجلة في المناطق الحدودية وليس عقب إستقرار الأحوال الأمنية لأنها لن تستقر بالعمل العسكري ابدا وإنما بالتوازي مع القضاء على البطالة بين شباب البدو (رجال ونساء) وتعمير هذه المناطق ومد الطرق
وحفر آبار المياه أساسا (وجعلنا من الماء كل شئ حي) وهذا ما أسعى إليه حاليا في المؤسسة التي أقمناها بفضل الله في العريش (مؤسسة مصر للتنمية والإبداع) وهى تابعة لوزارة التضامن الإجتماعي وتحت الإشراف المباشر
لمحافظ شمال سيناء اللواء أح/ سيد حرحور لكن الروتين وعدم إتخاذ القرارات العاجلة في هذه الظروف هو ما يجعل وتيرة العمل بطيئة ولا تتناسب مع طموحنا لدحر الإرهاب بالتنمية وإقامة المشاريع الصغيرة المتكاملة