صندوق الأمان الوظيفي

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ١٠/مارس/٢٠٢٠ ١٢:١٠ م
صندوق الأمان الوظيفي

علي بن راشد المطاعني

تفضّل حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله - ووجّه بإنشاء صندوق الأمان الوظيفي وتمويله بعشرة ملايين ريال من لدنه؛ ‏ليكون سياجا من التعطل من العمل في البلاد وليفتح آفاقا أوسع للعمل في القطاع الخاص في الفترة المقبلة ويوفر المزيد من الضمانات الوظيفية والأمان الاجتماعي للعاملين في الشركات، الأمر الذي يبعث على الارتياح لهذه التوجيهات السامية التي من شأنها أن تسهم في إحداث انفراجة كبيرة في أوساط العاملين وتبعث على الطمأنينة في رسم مستقبلهم الوظيفي، إلا أننا في انتظار مبادرات رجال الأعمال في هذا السياق النبيل وللمساهمة في رفد هذا الصندوق ودعمه ومساندته كل وفق مقدرته فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها؛ وفاء لهذا الوطن وأبنائه وتجسيدا لروح المسؤولية الاجتماعية وفي إطار خدمة المجتمع.

فالتوجيهات السامية بإنشاء صندوق الأمان الوظيفي يكتسب أهمية كبيرة وسط أزمة اقتصادية ‏عالمية أثرت وتؤثر على الكثير من القطاعات الاقتصادية بالبلاد والمنطقة بل والعالم بأسره، ولها انعكاساتها على قطاع الأعمال، فإنشاء الصندوق سوف يعمل على تهدئة القلق لدى الكثير من العاملين في الشركات أو المسرّحين من المشروعات المنتهية.
ومن دلالات إنشاء الصندوق كذلك هو التوجه لتذليل الصعوبات التي تواجه العمل في القطاع الخاص وتوفير الكثير من الضمانات له وباعتبار أن العمل في هذا القطاع هو المستقبل الذي يتطلب التركيز عليه في المرحلة المقبلة، وبالتالي من الأهمية بمكان تهيئة كل الظروف التي تحفز الشباب العُماني للالتحاق به، من بعد تبديد مخاوف العاملين من الالتحاق به نظرا لارتفاع مستوى المخاطر به كما يعتقدون، فهذه الخطوة المباركة تشكّل التفاتة كريمة وحانية من جلالته - حفظه الله - للعاملين في القطاع الخاص.
ومن الدلالات المهمة أيضا لإنشاء الصندوق تلبيته لمطالبات المواطنين وتلمس احتياجاتهم الحياتية والتفاعل معها إيجابا من خلال هذه الخطوات العملية، وهذا الاقتراب الحاني من العاملين يعكس البُعد الاجتماعي والإنساني؛ إذ يحرص جلالته على تهيئة كل الظروف لأبنائه المواطنين للتجويد والإبداع كل في مجال عمله وصولا لإنتاجية عالية تصب بحول الله في مصلحة دعم اقتصادنا الوطني.

من المعاني العميقة لإنشاء الصندوق أنه جاء بعد ممارسات تسريح الكثير من أبنائنا العاملين بالشركات التي انتهت مشروعاتها في قطاعي النفط والغاز خاصة، وضرورة تمهيد الطريق أمامهم للمضي قُدما في دروب العمل بثقة بالنفس عالية من بعد سد ثغرات الهواجس حيال واقعهم الاجتماعي والأسري.

هذا فضلا عن أن الصندوق بنظمه سوف يعزز مستوى الاستقرار الوظيفي في القطاع الخاص، وذلك بعد إيجاد مظلة تأمينية توفر الضمانات في حالات التعطل أو التسريح.

فاليوم وبعد إنشاء الصندوق الوطني والتمويل السخي من جلالته فإن الكرة عادت لملعب رجال الأعمال، وإذ نحن الآن ننتظر كيف سيسددونها هل في المرمى مباشرة أم سيتعاملون معها باعتبارها ضربة حرة غير مباشرة، وفي مطلق الأحوال فإن الجمهور في انتظار تسديدة رجال الأعمال وإذ نحن لا نشك مطلقا في أنهم سيسددونها كما ينبغي دعما للجهود الوطنية الهادفة إلى رفع المعاناة عن أبنائنا المواطنين تجسيدا لمسؤوليتهم الوطنية وإذ هي في أعلى معدلاتها وكما كانت دوما وأبدا، فهم يوقنون بأن الوطن لم يقصّر معهم يوما وقد حان الوقت لرد بعض الجميل.

بالطبع أن الصندوق لن يكون ملهما للكسل والقعود والتمرّد عن العمل، العكس هو الصحيح فهناك آليات واضحة وأنظمة دقيقة يتم بموجبها تحديد من يستحقون كفالة الصندوق، وهو أمر يتعيّن توضيحه والتوعية به درءا لأي سوء فهم حول منظومة عمله وكيفية تناوله للحالات المطروحة أمامه.

نأمل أن يكون الصندوق فاتحة خير للبلاد والعباد وأن يبادر رجالات الوطن وهم جميعهم أوفياء في الملمات بالتبرّع له بسخاء مع ابتسامات عريضة، وعلى الجهات المختصة الإسراع بوضع آليات عمله وشرح جزئياته ومواده وبنوده.. وعلى بركة الله نمضي.