الثقافة كانت الرافعة الحقيقية للشخصية العمانية

بلادنا الأحد ٠٢/فبراير/٢٠٢٠ ١١:١٨ ص
الثقافة كانت الرافعة الحقيقية للشخصية العمانية

مسقط - خالد عرابي

قليل من الحكام والقادة من يسجل اسمه بأحرف من نور في سجل التاريخ، غير أن جلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور - طيب الله ثراه- كان وسيظل رمزا خالدا لما قدمه لشعبه ووطنه بل وللعالم، ليس على مستوى مجال أو قطاع بذاته بل في شتى المجالات في الاقتصاد والبناء والنهضة والتطور والأمن والأمان والسلام في العالم وكذلك في الثقافة والتراث الإنساني.. وهنا وللحديث عن ما قدمه جلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور - طيب الله ثراه - في الثقافة يقول عضو مجلس الدولة ورئيس مجلس إدارة الجمعية العمانية للكتاب والأدباء المكرم المهندس سعيد بن محمد الصقلاوي: لقد أولى المغفور له بإذن الله تعالى جلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور - طيب الله ثراه - الشخصية العمانية اهتماما كبيرا ومنذ خطابه الأول وهو يتكلم عن الشخصية العمانية وعن العماني وأمجاد وثراث وتاريخ عمان وتعهد بأن يعيد لعمان مجدها الحضاري وأن يجعلها في واجهة المشهد الحضاري وبالفعل فإن جلالته - رحمة الله عليه- وعد فصدق فهكذا جعل من عمان واحة للأمن والأمن والسلام وجعل لها مكانتها لتكون في سدة النظام الحضاري وتكون قبلة للأمن والأمان والسلام، وهكذا جعل الإنسان العماني مكرما ومقدرا ومرحب به في جميع أنحاء العالم.

وأضاف قائلا: إن جلالة السلطان الراحل -طيب الله ثراه- أدرك منذ وقت مبكر أن الثقافة هي الرافعة الحقيقية لهذه الشخصية العمانية وفي المشهد الحضاري والاستثنائي لعمان وللعماني ولذا ركز - طيب الله ثراه- منذ البداية على التعليم لنقل المواطن العماني إلى مرحلة ومستوى أخر ثم أنشأ وزارة التراث والثقافة التي هي الوعاء الحضاري والثقافي للوطن العماني والشخصية العمانية، وهذه الوزارة كانت حين انطلاقها من أهم وأوائل الوزارات على الساحة الثقافية على منطقة الخليج، وعملت هذه الوزارة على إبراز الثقافة والتراث والموروث العماني من خلال طباعتها للعديد من المخطوطات وجمعها للمخطوطات العمانية سواء من داخل وخارج عمان ومن خلال عنايتها بالتراث والموروث العماني والقلاع والحصون والمدن التاريخية وكلها شكلت ركائز لمنطلق الشخصية العمانية الحاضرة.

خطب جلالة السلطان

وأكد المكرم سعيد الصقلاوي على أن خطب جلالة السلطان الراحل -طيب الله ثراه- كانت برنامج عمل، فالراصد لهذه الخطب السلطانية والمشهد الثقافي والتطور الحضاري في السلطنة يجد أن هذا المشهد هو انعكاس لتلك الخطب التي كانت تمثل برنامجا تنمويا وحضاريا بالنسبة للعمانيين، ولذلك كان العمانيون ينتظرون هذا الخطاب السامي في العيد الوطني بفارغ الصبر كما ينتظره الآخرون من خارج عمان لأنه يعلن عن المقبل والمأمول والطموح الذي ينبغي أن يتحقق ولذلك كانت خطب جلالته تشكل برنامجا تنفيذا وإستراتيجيا وكان له الدور الفاعل والمهم والمتحقق وكانت له الوعود وعبارة عن حقائق ينتظر حدوثها على أرض الواقع . وأكد الصقلاوي على أن خطب جلالة السلطان قابوس تمثل سجلا عاما للسلطنة وأي دارس للمشهد الثقافي أو السياسي أو التطور الحضاري والعمراني في السلطنة عليه أن يأخذ هذه الخطب وأن يتتبعها سنة بعد سنة ليتتبع هذا المنجز الحضاري الذي حققته عمان وكيف أن هذه الخطب تعكس ذلك المنجز الذي كان طموحا ثم واقعا.

وقال الصقلاوي عن قصائده التي كتبها منذ بدايات عضر النهضة المباركة أنها تعبر عن تلك المرحلة لأنها كانت تسجل المشهد بطريقة شعرية وهو تسجيل يلتزم بضخ كثير من المشاعر الوجدانية المتعاطفة مع ما تم من إنجاز ولذلك كانت هذه القصائد تحرص على ذلك وحتى المهرجانات الوطنية وفي الأعياد الوطنية كانت تعكس هذه النماذج وتعكس أيضا فكرة جلالة السلطان رحمة الله عليه في تعزيزركائز الهوية المحلية العمانية التي كان دائما يعتز بها ويركز عليها واستدعاء هذا الموروث بشكله المعاصر ليس مجرد استدعاء من أجل قضية مهارية وإنما لأجل احياء وبعث الركائز الأساسية والحقيقية والمقومات للشخصية العمانية لتعطيها مجالا من الثبات والاستقرار القادر على الانطلاق والاستمرار.

الأعمال الثقافية والأدبية

وقال الصقلاوي: يكفي أن نقول أن كل الأعمال الثقافية والأدبية التي كنا نكتبها نعرف أنها كانت تعرض على جلالة السلطان الراحل -طيب الله ثراه- وأنه كان يبدي ملاحظاته عليها، وهذا دليل على أن جلالته -رحمة الله عليه- كان يقدر هذا العمل وكان يحرص عليه لأنه يمثل منظومة موازية لما يتحقق على أرض الواقع .. يعني لا يكفي أن ترى مصنعا أو مبنى قائما لتقول أنا تحضرت ولكن ينبغي أن تغرس القيمة الحضارية والاجتماعية والإنسانية والتاريخية في نفس المواطن من خلال ذلك المشروع المنجز وبالتالي يرتبط المشروع بالمواطن ثقافيا وحضاريا وتراثيا ويرتبط المواطن ببلده وتعمق وتوسع من قاعدة الانتماء للوطن العماني لأن المواطن مرتبط مباشرة بما هو متحقق على أرض الواقع من خلال هذا النشيد وهذه الأغنية وحتى الخلفيات الموسيقية التصويرية التي تأتي خلف النشيد كانت أدوات رئيسية مساعدة.