الدوران الوظيفي يوازن سوق العمل بتطبيق أحكام القانون

مؤشر الخميس ٣١/مارس/٢٠١٦ ٠٠:٠٧ ص
الدوران الوظيفي يوازن سوق العمل بتطبيق أحكام القانون

مسقط - ش
شهد قطاع العمل خلال الأعوام الأخيرة تطورا ملحوظا في مجالات الخدمة التي يقدمها بدءا بالتشريعات القانونية التي تنظم العلاقة بين أطراف الإنتاج الثلاثة الحكومة وأصحاب الأعمال والعمال، وكذلك التعديلات التي تضمنها قانون العمل والتي جاءت استجابة إلى الكثير من المطالب التي كان ينادي بها العاملون وكذلك أصحاب الأعمال، فهي حتى الآن تشكل دعما قويا لترسيخ عوامل الاستقرار الوظيفي ورفع معدلات الإنتاج وإيجاد بيئة عمل سليمة تنمي لدى العامل روح الانتماء والولاء للمؤسسة التي يعمل فيها وتحث أصحاب الأعمال على القيام بدورهم في هذا الإطار، كما أن التعديلات خصت المرأة العاملة ببعض الأحكام ووضع عدد من الضوابط للحد من التجاوزات التي يمكن أن تؤثر على سلامة التطبيق لأحكام القانون، والعمل جارٍ حاليا للانتهاء من اللوائح والإجراءات وإصدار القرارات الوزارية التي نصت عليها التعديلات خاصة اللائحة الخاصة بنظام العمل في منشآت القطاع الخاص وما ستشتمل عليه من حقوق وواجبات كل طرف، فضلا عن الحوافز والامتيازات التي يفترض ان يحصل عليها العامل إلى جانب الجزاءات والعقوبات المترتبة على العامل في حال الإخلال بشروط عقد العمل.

ضرورة تطبيق قانون العمل
وفي إطار سعيها الحثيث لإيجاد علاقات عمل إنسانية مستقرة ومتوازنة عملت وزارة القوى العاملة بدأب على تنظم العلاقة بين أطراف الإنتاج الثلاثة الحكومة وأصحاب الأعمال والعمال، وبما أن الوزارة هي الممثلة للحكومة، وأن اتحاد عمال السلطنة يمثل القوى العاملة، فإن القطاع الخاص هو الطرف الثالث الذي تقع عليه مسؤولية تطبيق أحكام قانون العمل وتعديلاته التي تعتبر دليلا لعلاقات عمل إنسانية ومستقرة مع القوى العاملة، كما أن على القوى العاملة واجبات نص عليها القانون يجب أداؤها.
ويفترض أن تكون الإدارات التنفيذية لمنشآت القطاع الخاص في السلطنة متابعة لما يستجد ويطور ويحدث في قانون العمل العماني، إذ أن أي تعديل أو إضافة أو إلغاء لأي من مواد قانون العمل وأحكامه إنما يأتي لتطوير حالة ما تخص القوى العاملة أو أصحاب الأعمال أو المنشآت، لواقع أفضل في ضوء المستجدات التي تطرأ في علاقات العمل.
وبالعودة إلى أبواب قانون العمل ومواده فإن معظمها تختتم بمادة تنص على أن يصدر معالي وزير القوى العاملة القرارات والإجراءات والضوابط الخاصة بتنفيذ أحكام القانون.
ويتم تحديث القوانين وتطويرها وتواكب فتستبدل أو تُعدّل أو يضاف لها بما يجعلها أكثر فاعلية وانسجاما مع المستجدات.

مواكبة التحديثات
وتتم مراجعة أحكام قانون العمل العماني في ضوء تطور واقع سوق العمل في السلطنة لحالة تتيح للمواطنين تصويب أوضاع القوى العاملة الوطنية والوافدة، وانطلاقا من المراجعة المستمرة التي تجريها الحكومة ممثلة بوزارة القوى العاملة على القوانين والإجراءات كافة والخاصة بقطاع العمل، لمواكبة المستجدات التي يشهدها سوق العمل وانعكاس، فإن على القوى العاملة أو على أصحاب الأعمال أو المنشآت ضرورة المتابعة والإحاطة التامة بما يصدر من تعديلات على قانون العمل وأحكامه.
وتجدر الإشارة إلى أن التعديلات التي أدخلت على أحكام قانون العمل راعت مصالح أطراف الإنتاج الثلاثة، وركزت بشكل أساسي على بعض الجوانب المتعلقة بتنظيم العلاقة بين طرفي الإنتاج: أصحاب الأعمال والعمال، من خلال عدد من الإجراءات التي يجب أن تتبعها كل منشأة لضمان علاقة عمل مستقرة ومستمرة وذلك بالحرص على وضع لائحة بنظام العمل في مكان ظاهر في كل منشأة بعد اعتمادها من قبل وزارة القوى العاملة، تتضمن قواعد تنظيم العمل في المنشأة وحقوق وواجبات كل من العامل وصاحب العمل والقواعد المنظمة لعلاقة العامل بزملائه ورؤسائه وأحكام ترقية العامل وشروط الأداء السليم للعمل والسلامة المهنية وتحديد فئات الأجور والعلاوات والبدلات بجميع أنواعها ومواعيد ومكان دفعها، وأن ذلك من شأنه أن يؤمن بيئة عمل مستقرة بين الطرفين، تسهم في تحسين أوضاع القوى العاملة الوطنية في القطاع الخاص وتزيد من معدلات الإنتاجية لديهم.

أحدث التعديلات
إن التعديلات على القانون شملت 18 مادة منها عالجت معظم ما تم طرحه من آراء ومقترحات تم الاتفاق عليها بين الأطراف المعنية خاصة طرفي الإنتاج أصحاب العمل والعاملين، مضيفا إن أهم ما شملته هذه التعديلات الحقوق والواجبات والإجازات وساعات العمل وتنظيمها في الأعمال التي تجرى في بعض القطاعات التي تعتمد على نظام العمل بالمناوبات كالموانئ والمطارات أو على السفن أو البواخر أو الطائرات، كما شملت كذلك تنظيم تشغيل النساء والفصل التعسفي للعامل أو إنهاء لخدمته بالإضافة إلى تحديد الإجراءات والضوابط التي يتم التعامل بموجبها مع منشآت القطاع الخاص المخالفة لأحكام قانون العمل والقرارات المنظمة له وتحديد الضوابط والإجراءات التي يلتزم بها صاحب العمل بشأن الإبلاغ عن ترك العامل غير العماني للعمل والعقوبات المترتبة على مخالفة القرار، وتحديد المهن والأعمال التي يتم إيقاف التصريح باستقدام القوى العاملة غير العمانية فيها بصفة مؤقتة.
أما الجانب المتعلق بضمان استقرار القوى العاملة الوطنية في منشآت القطاع الخاص، فإن هذا الجانب حظي باهتمام كبير من أصحاب الأعمال نتيجة ما أبدوه من تفهم للتوجهات التي تتبعها الحكومة بإعطاء أولوية فرص العمل المتوفرة للقوى العاملة الوطنية في كافة المهن والتخصصات، كما شملت التعديلات تحديد الحد الأدنى للعلاوات الدورية وإجراءات وشروط صرفها ونظمت التعديلات العقوبات المترتبة على صاحب العمل في حالة عدم التزامه بنسب التعمين والقرارات المتعلقة بشروط الترخيص.
كما أن قرار رفع الحد الأدنى للأجور حفز العديد من منشآت القطاع الخاص لإعادة هيكلة سلم أجور العاملين لديها من المواطنين، كما ساهم إلى حد بعيد في استقرار القوى العاملة الوطنية في عملها، ويعتبر ذلك مؤشرا جيدا يضاف الى ما سوف يتحقق من امتيازات للقوى العاملة الوطنية تضمنتها التعديلات الجديدة لقانون العمل خاصة ما يتعلق منها بالعلاوات الدورية والترقي وفرص التدريب وغيرها من عوامل الاستقرار الأخرى مثل الإجازات الأسبوعية والدورية، فضلا عما سبق في القانون من جواز تشكيل نقابات عمالية تمثل العاملين لعرض مطالبهم بصورة حضارية منظمة على صاحب العمل وتنظيم البرامج والأنشطة الهادفة إلى تثقيف العاملين بما لهم من حقوق وعليهم من واجبات.

مسؤولية القطاع الخاص
تعتبر الزيادة السنوية في مخرجات التعليم الأكاديمي والتقني (من الدبلوم العام إلى الدبلوم الفني والبكالوريوس) متناسبة مع معدل الزيادة السكانية في السلطنة والتي تصل إلى 3%، ويقدر عدد المتوجهين إلى سوق العمل سنويا بعد استثناء المقبولين في مؤسسات التعليم العالي بـ60 ألفا من القوى العاملة الوطنية.
ويقدر عدد المهن والوظائف التي تشغلها قوى عاملة وافدة ويمكن إحلال القوى العاملة الوطنية محلها بأكثر من 300 ألف وظيفة ومهنة في منشآت القطاع الخاص.
ولأن القطاع الحكومي قد استوعب الحصة الأكبر في تعيين القوى العاملة، فيتعين على القطاع الخاص أن يضع آلية لتوفير فرص عمل للقوى العاملة المتوقع قدومها إلى سوق العمل, ومن المسلمات الاقتصادية أن هناك علاقة وثيقة بين نمو الاقتصاد الوطني وبين إيجاد فرص عمل كافية في سوق العمل تستوعب القوى العاملة الوطنية سواء بفرص عمل جديدة أو بتطبيق خطط التعمين والإحلال, ويتأتى ذلك بالعمل الجاد من قبل منشآت القطاع الخاص لتوفير فرص عمل للقوى العاملة الوطنية وضع خطط مدروسة وبرامج مستقبلية للعمل على توفير فرص العمل من خلال التوسع في المشاريع القائمة وإقامة المشاريع الجديدة وتفعيل الاتفاقيات التجارية مع الدول التي ترتبط بها مع السلطنة وذلك يمكن أن يساهم بتنشيط الاقتصاد الوطني ويوجد فرص عمل جديدة.
كما أن احتياجات سوق العمل للقوى العاملة غير مقتصرة على خريجي الجامعات، وإنما هنالك حاجة ماسة وأساسية للتخصصات في مجالات مهنية وتقنية واسعة، تتطلب إعداداً مهنياً وتقنياً يؤهلها للعمل في المهن الفنية الوسيطة. كما أن سوق العمل يتطلع للقوى العاملة ذات الخبرة التي يصنعها التدريب وذلك ما يتوجب على منشآت القطاع الخاص أن تهتم بتدريب القوى العاملة الوطنية.
ولما كان التعليم والتدريب يؤهلان القوى العاملة الوطنية لسوق العمل بمختلف مستوياتها وتخصصاتها العلمية ومهاراتها التقنية والمهنية، فإنه يجدر الأخذ في الاعتبار حقيقة أن سوق العمل قد لا يستوعب الخريجين والباحثين عن العمل كافة مرة واحدة وخلال فترة قصيرة، وذلك لأن عملية إيجاد فرص العمل مرتبطة بواقع التنمية الاقتصادية التي تتطور بفعل عوامل كثيرة، خارجية ومحلية.
ويصعب على الجهات الحكومية المعنية بالموارد البشرية وكذلك القطاع الخاص التحكم بالمتغيرات التي تتحكم كثيرا بتوسع حاجة سوق العمل لفرص العمل أو لتقلصها.
لذا فيتعين على المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص أن تراقب وباستمرار تطورات سوق العمل لمعرفة الأعداد والتخصصات المطلوبة من القوى العاملة، وتنفيذا للتوجيهات السامية بدأت وزارة القوى العاملة العمل بالمتابعة الحثيثة على استكمال إجراءات تعيين الباحثين عن عمل مع عدد من منشآت القطاع الخاص ويحظى توفير فرص عمل للقوى العاملة الوطنية باهتمام خاص ويتابع حثيثا من قبل وزارة القوى العاملة كما يعتبر من بين أولوياتها وذلك بهدف تحقيق التشغيل الكامل للقوى العاملة الوطنية لمشاركة بجهدهم في مسيرة البناء والنماء والتقدم والرخاء التي تشهدها السلطنة ضمن كافة الأنشطة والقطاعات الاقتصادية.
وتعتبر إتاحة المجال للقوى العاملة الوطنية لأخذ دورها في سوق العمل من واجبات القطاع الخاص من خلال رفع نسب التعمين والإحلال في مؤسساته وشركاته، الصغيرة منها والكبيرة بما يتيح المجال لتوفير المزيد من فرص العمل للمواطنين على نحو يؤدي تحسين المعيشة ومصدر للرزق للباحثين عن عمل.