واشنطن - وكالات
أصدر الزعماء الديموقراطيّون الذين بدأوا في الكونغرس الأميركي تحقيقاً لعزل الرئيس دونالد ترامب، الجمعة مذكّرةً رسميّة تُلزم البيت الأبيض بأن يُسلّمهم بحلول 18 أكتوبر وثائق تتعلّق بقضيّة الاتّصال الهاتفي بين ترامب ونظيره الأوكراني.
وكتب هؤلاء في بيان "لقد رفض البيت الأبيض التعاون، أو حتّى الردّ على طلبات متعدّدة مِن لجاننا، لتسليم وثائق بشكل طوعيّ".
وأضافوا أنّه "بعد نحو شهر من التعطيل، يبدو واضحًا أنّ الرئيس اختار طريق التحدّي والعرقلة والتستر".
وتابع البيان "نأسف بشدّة لأنّ الرئيس ترامب وضعنا - مع الأمّة - في هذا الموقف، لكنّ أفعاله لم تترك لنا خيارًا سوى إصدار" هذه المذكّرة.
وكان ترامب أعلن في وقت سابق الجمعة أنّه لا يزال غير متأكّد ما إذا كان سيتعاون مع الكونجرس في التحقيق الذي بدأه الديموقراطيّون لعزله. وصرّح لصحافيّين في البيت الأبيض «لا أعلم، هذا يتوقّف على المحامين".
ونفى ترامب أن يكون ارتكب أيّ خطأ في علاقاته مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، مشدّدًا على أنّ اهتمامه الوحيد كان "النّظر في الفساد".
وطالما ادّعى ترامب أنّ نائب الرئيس الأميركي السابق جو بايدن وابنه متورّطان في الفساد في أوكرانيا. وقال في هذا الصدد «إنّه يقوم بنهب هذه الدول".
ومع ذلك، ليس هناك دليل موثوق به على أنّ بايدن متورّط في مخطّطات كهذه. لكنّ المعارضة تقول إنّ ترامب يدفع القادة الأجانب إلى التحقيق مع بايدن كطريقة لتشويه سمعة الرجل الذي يُعتبر الأوفر حظّاً في سباق الترشيح الديموقراطي للرئاسة الأميركيّة.
يستعد الديموقراطيون في مجلس النواب الذين فتحوا تحقيقا لعزل الرئيس دونالد ترامب للاستماع الجمعة لشهادة عنصر في الاستخبارات الأميركية فيما بدأت تتكشف أدلة جديدة كيف ضغط ترامب على أوكرانيا لمساعدته في إعادة انتخابه.
وترامب متّهم بالضغط على زيلينسكي للتحقيق بشأن خصمه المحتمل في انتخابات 2020 جو بايدن مقابل مساعدات عسكرية قدرها 400 مليون دولار، في فضيحة تهزّ البيت الأبيض ووزارة الخارجية ووزارة العدل وأدت إلى فتح تحقيق يهدف لعزل الرئيس الأميركي.
وفيما يستعد الكونجرس لسماع شهادة المفتّش العام لأجهزة الاستخبارات الأميركيّة مايكل اتكينسون، لا يزال البيت الأبيض تحت وطأة نشر رسائل نصّية تظهر أن المبعوث الأميركي الخاص لكييف طلب فتح تحقيق بخصوص نجل بايدن.
وتظهر الرسائل التي نشرها النواب الديموقراطيون أن المبعوث الأميركي الخاص إلى أوكرانيا كورت فولكر كتب لأندري يرماك، كبير معاوني الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، متعهّداً بترتيب زيارة إلى واشنطن للرئيس الأوكراني الجديد مقابل فتح التحقيق.
وكتب فولكر في رسالة بتاريخ 25 يوليو "وصلني من البيت الأبيض -- إذا أقنع الرئيس "زيلينسكي" ترامب بأنه سيحقق ليعرف حيثيات ما حصل في 2016، سنحدد تاريخًا لزيارة إلى واشنطن. حظاً سعيداً".
واتُّهم ترامب بالضغط على زيلينسكي لفتح تحقيق بالفساد بحق بايدن في اتصال جرى في وقت لاحق من اليوم ذاته عبر جعل هذه الخدمة شرطًا لتقديم مساعدات عسكرية إلى أوكرانيا.
وكان عميل الاستخبارات المذكور قدّم بلاغاً رسمياً في الثاني اغسطس إلى المفتّش العام لأجهزة الاستخبارات اتكينسون الذي اعتبر بدوره أنّ المسألة حسّاسة بما يكفي لإبلاغ الكونغرس بها بشكل عاجل.
وقال النائب الديموقراطي ايريك سوالويل بعد سماع شهادة فولكر لثماني ساعات «لدينا أدلة وفيرة الآن أنّ الرئيس زيلينسكي كان يتعين عليه التحقيق في انتخابات 2016 وفي أسرة بايدن إذا أراد أن يحصل على لقاء» مع ترامب.
أمر "لا يتعلق بالسياسة"
ومن غير القانوني على مواطن أميركي السعي للحصول على مساعدة اجنبية في انتخابات محليّة، بغض النظر عن الحافز لفعل ذلك.
وأثارت الفضيحة غضب ترامب الذي عبر عن ذلك منفعلاً خلال عدد من اللقاءات العامة والتغريدات جمعت بين التحدي وجنون العظمة واتهامات التآمر.
وكتب على تويتر الجمعة "بصفتي رئيسا، عليّ التزام بإنهاء الفساد، حتى لو كان ذلك يعني طلب المساعدة من بلد أو دول أجنبية".
وتابع "يتم ذلك طوال الوقت. هذا لا علاقة له بالسياسة أو بحملة سياسية ضد آل بايدن . هذا له علاقة بفسادهم!".
وفاجأ ترامب الأوساط السياسية في واشنطن الخميس حين أطلق دعوة صريحة إلى الصين وأوكرانيا لفتح تحقيق حول بايدن ونجله.
والخميس الفائت هاجم ترامب متّهميه، واصفًا إيّاهم بأنّهم «معتوهون» يلهثون خلف «هراء العزل»، محاولاً قلب الطاولة على تحقيق يُمكن أن يؤدّي في نهاية المطاف إلى ثالث قرار عزل لرئيس أميركي في مجلس النواب، وإلى محاكمته في مجلس الشيوخ.
"حصانة"
وحاول ترامب الخمس تحويل الأنظار عن الاتّهامات التي تطاوله بتركيز روايته على بايدن وابنه، بتوجيهه دعوة صريحة إلى الصين وأوكرانيا لفتح تحقيق حول بايدن، الذي يتصدر السباق إلى الانتخابات التمهيدية في الحزب الديموقراطي للترشح في الانتخابات الرئاسية المقرّرة في العام 2020.
ومن أمام البيت الأبيض صرّح ترامب للصحافيين «لو كنت أنا الرئيس زيلينسكي لأمرت بفتح تحقيق حول بايدن وابنه. إذا كانوا "الأوكرانيون" جادين في هذا الشأن، عليهم أن يفتحوا تحقيقا".
وتابع الرئيس الأميركي "كذلك على الصين أن تفتح تحقيقا حول بايدن وابنه لأن ما حصل في الصين يوازي سوءا ما حصل في أوكرانيا".
ولدى سؤاله إذا كان ينوي الطلب من نظيره الصيني القيام بالأمر نفسه ردّ ترامب "إنه بالتأكيد أمر يمكننا أن نبدأ بالتفكير فيه".
في المقابل، قال رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الديموقراطي آدم شيف الخميس إنّ ترامب يتصرف "بحصانة" في مواجهة القانون.
وتابع "نحن مرّةً جديدة أمام رئيس للولايات المتحدة يقترح على دولة أجنبية ويحضّها على التدخّل في انتخاباتنا الرئاسية".
ويزعم ترامب كذبا أن بايدن، نائب الرئيس السابق باراك اوباما في العام 2014، حاول منع تحقيق فساد أوكراني يطاول شريك ابنه، وهو قطب غاز اوكراني، باستخدام المساعدات الأميركية كوسيلة تأثير.
كما زعم دون أدلة أن هانتر استغل مكانته لجمع 1.5 مليار دولار في العام 2013 من الصين لاستثمار جديد في صناعة السيارات في بكين.
وتحدث فولكر لأكثر من ثماني ساعات مع محامين من مجلس النواب، في مقابلة ركّزت على دوره في الجهود المفترضة التي بذلها ترامب ومحاميه الخاص رودي جولياني لالتماس التدخل الخارجي في الانتخابات الأميركية المقبلة.
لكن نواباً جمهوريين حضروا شهادة فولكر أكدّوا أن شهادة فولكر لا تدعم ان ترامب ربط تقديم الدعم العسكري الأميركي لأوكرانيا بقرار زيلينسكي فتح تحقيق.
وقال النائب الجمهوري لي زيلدين قبل انتهاء شهادة فولكر "من الواضح للغاية ... أن أي مزاعم أن الرئيس ترامب حاول جعل الرئيس زيلينسكي يقوم بالعاب قذرة بحق آل بايدن هي "مزاعم" غير صحيحة".