"صاحب القبعة" ... لغز تفجيرات بروكسل وحامل اختامها

الحدث الأحد ٢٧/مارس/٢٠١٦ ٢٣:٢٧ م
"صاحب القبعة" ... لغز تفجيرات بروكسل وحامل اختامها

بروكسل – ش – وكالات

أصبحت بلجيكا كلها تطلق وصف "صاحب القبعة" على الرجل الذي يتصدر قائمة المطلوبين في البلاد في هجمات بروكسل بعد أن ظهر في لقطة من دائرة تلفزيونية مغلقة مع شخصين آخرين كان كل منهما على وشك تفجير نفسه في مطار بروكسل يوم الثلاثاء الماضي.
وربما يكون هذا الرجل الصحفي الحر البلجيكي فيصل شيفو الذي اتهمته السلطات يوم السبت "بالقتل المقترن بالإرهاب" وسبق أن دخل السجن بتهمة التآمر للقتل حسب ما ذكرته هيئة الإذاعة البلجيكية ووسائل إعلام أخرى من بينها مجموعة آر.تي.إل الإعلامية الأوروبية.
وفي حين أنه لم تتأكد هويته رسميا حتى الآن إذ أن الرجل الذي ظهر في صورة المطار كان يرتدي قبعة ويضع نظارات وله لحية فقد ألقى الإدعاء القبض على رجل يدعى "فيصل ش" ووجه له اتهامات وتقول وسائل الإعلام البلجيكية إن هذا الرجل هو شيفو.
وتقول الشرطة ومصادر حكومية إن من المرجح أنه الرجل الثالث الذي شوهد في المطار. وقال مصدر مطلع على سير التحقيق إنه لم يتأكد بشكل قاطع حتى الآن أن هذا الرجل هو شيفو وإن كان هذا احتمالا كبيرا للغاية.
وقال مصدر مطلع على التحقيقات إنه اعتقل خارج مقر المدعي الاتحادي يوم الخميس "وهو يتسكع هناك بكل غباء" ويحاول ضباط معرفة ما إذا كان يستكشف المنطقة لاحتمال شن هجوم على المقر.
وليس لشيفو حسابات على الفيسبوك أو تويتر ولا يعرف عنه الكثير سوى أنه أدين عام 2003. وفي مقطع فيديو على الانترنت يشاهد وهو يلقي تقريرا إخباريا عن مركز للجوء في مدينة ستينكورزيل إلى الشمال الشرقي من بروكسل حيث قيل إنه لا يُسمح للمسلمين بالصوم خلال شهر رمضان ويتحدث عن انتهاك حقوق الانسان.
ومن المعتقد أن شيفو في منتصف الثلاثينات من العمر وقد تعرف عليه سائق سيارة أجرة قام بتوصيل المهاجمين إلى المطار في 22 مارس آذار. والآخران اللذان ظهرا في الصورة هما المفجران ابراهيم البكراوي ونجم العشراوي غير أن من المعتقد أن الرجل الثالث فر.
وعثر على قنبلة في حقيبة ثالثة لم تنفجر في المطار.
ووصفت زوجة شيفو السابقة طليقها بأنه "رجل غريب" في حديث لصحيفة دي مورجن اليومية البلجيكية في أعقاب القبض عليه مساء يوم الخميس في حين قال أحد الجيران إنه شخص ليلي.
وقال الجار للصحيفة "ما إن يحل الظلام حتى تنشط الحركة صعودا وهبوطا على السلم حتى الدور العلوي الذي استأجر فيه استوديو."
وبعد القبض عليه فتشت الشرطة شقته التي تقع على بعد نصف كيلومتر من محطة مايلبيك لقطارات الانفاق التي تعرضت أيضا للهجوم يوم الثلاثاء.
وقال جار آخر إن "الشرطة أخلت المبنى في لمح البصر. وبقي المحققون حوالي خمس ساعات يفتشون حجرته الصغيرة."
ونقلت صحيفة هيت لاتست نيوز عن الجار قوله إن المحققين وجدوا ما يكفي لإدانته حتى لو لم يعثروا على أسلحة أو متفجرات.
وقال رئيس بلدية بروكسل إنه سبق اعتقال شيفو عدة مرات في حديقة حاول أن يشجع فيها طالبي للجوء على التطرف.
وقال رئيس البلدية لصحيفة لو سوار إن شيفو كان "خطيرا" وإنه منع منذ ذلك الحين من زيارة الحديقة.
وذكرت وسائل إعلام بلجيكية إنه اتهم بالتآمر للقتل في سن الثامنة عشرة عام 2003 في حين أن الشرطة قتلت شقيقه الأكبر كريم بالرصاص عام 2002. وعثر أيضا على بندقية كلاشنيكوف وحقيبة مليئة بالقنابل اليدوية في بيت كريم خلال عملية تفتيش.

معتقل في ألمانيا
من جهة اخرى قالت محطة أر.بي.بي/إس.دبليو.أر التلفزيونية الألمانية إن مغربيا كان يسعى للحصول على حق اللجوء واعتقل في ألمانيا ليس له صلة بالمهاجمين الذين نفذوا تفجيرات في العاصمة البلجيكية.
وقام مكتب المدعي في مدينة جيسن بتحليل الهاتف المحمول للرجل البالغ من العمر 28 عاما الذي اعتقل يوم الخميس في تلك البلدة الواقعة شمالي فرانكفورت عندما وجدوا أنه لا يحمل وثائق هوية سليمة بعد عودته من بروكسل.
وقالت تقارير إن هذا الرجل تلقى رسالة عبر الهاتف المحمول من شخص اسمه خالد البكراوي وهو اسم الرجل الذي تقول الشرطة البلجيكية إنه فجر نفسه في محطة مترو مايلبيك في بروكسل يوم الثلاثاء. وقالت محطة أر.بي.بي/إس.دبليو.أر نقلا عن مصادر أمنية إن تحقيقات أجرتها السلطات البلجيكية خلصت إلى أن هناك خلطا وأن الرجل اختلط اسمه بشخص يحمل اسما يكاد يكون متطابقا مع اسم البكراوي.
وأفادت تقارير أيضا بأن الرجل تلقى رسالة عبر الهاتف المحمول تضمنت كلمة "فين" بالفرنسية التي تعني "النهاية" باللغة الإنجليزية وذلك قبل بضع دقائق من الانفجار الذي وقع في محطة المترو.
وقالت المحطة إن المصادر الأمنية تظن الآن أن هذه الكلمة كان المقصود بها الإشارة إلى كلمة "فين" أو "أين" بالعربية.
ونقلت المحطة عن متحدثة باسم مكتب المدعي الاتحادي قولها إن المكتب كان على اتصال مباشر بالسلطات البلجيكية وإنه لا توجد حتى الآن إشارة موثوق بها إلى وجود صلة بالهجمات التي وقعت في بلجيكا.
ولم يتسن الوصول إلى أحد في مكتب المدعي بمدينة جيسن للتعليق. ولم ترد متحدثة باسم مكتب المدعي الاتحادي بشكل فوري على طلب للتعليق

مقتل زوجين
وتأكد مقتل زوجين أميركيين كانا في عداد المفقودين في أعقاب الاعتداءات التي ضربت مطار بروكسل ومحطة للمترو في العاصمة الأسبوع الحالي، بحسب ما قالت الشركة التي يعمل فيها أحدهما.
وقالت شركة "كلاركور" في بيان على الانترنت إن جاستن شولتس وزوجته ستيفاني اللذين كانا في عداد المفقودين، بعدما أوصلا والدة الزوجة إلى مطار بروكسل، قتلا في الاعتداء.
وأضافت الشركة "لقد علمنا أن جاستن وستيفاني شولتس قتلا في التفجير في مطار بروكسل".
وأكد حساب على تويتر باسم ليفي سوتون، قالت وسائل إعلام أميركية إنه يعود لشقيق شولتس، مقتلهما.
وكتب سوتون السبت "اكتشفنا اليوم أن الجبناء قتلوا أخي بعد أسابيع فقط من عيد مولده الثلاثين".
وأضاف "ستيفاني كانت سعيدة دائما. لقد استمتعت فعلا بكل فرصة سنحت لي لأكون إلى جانبها. العالم خسر زوجين رائعين اليوم. هذا ليس عادلا".
وقالت "كلاركور" إن الزوجان يعيشان في بروكسل منذ العام 2014. فيما أشارت "أن بي سي نيوز" إلى أن كليهما يعملان في مجال المحاسبة.
وأكدت وزارة الخارجية الاميركية الجمعة مقتل اميركيين في اعتداءات بروكسل وفقدان اثر اخرين.
وقتل 31 شخصا وأصيب 300 آخرون بجروح في تفجيرات انتحارية في بروكسل تبناها تنظيم داعش .
.............................

ماضي الشقيقين البكراوي في عالم الجريمة أتاح لهما التآمر في الخفاء

بروكسل - رويترز تتشابه رحلة الشقيقين إبراهيم وخالد البكراوي من عالم الجريمة إلى التطرف الإسلامي إلى حد القيام بهجوم انتحاري إذ تبدأ بقضاء فترة في السجن لارتكاب جريمة عنف بالسلاح تليها لقاءات مصحوبة بالتملص من رقابة الشرطة ثم فرص ضائعة لرصد الدخول إلى فلك تنظيم داعش .
صباح يوم الثلاثاء الماضي فجر ابراهيم نفسه في صالة السفر بمطار بروكسل. وبعد حوالي الساعة فجر خالد قنبلته في أحد قطارات الانفاق في المدينة.
ولم تكن السلطات البلجيكية تعتبر الشقيقين مصدر خطر من جراء التشدد حتى ديسمبر الماضي رغم أن تركيا أبعدت إبراهيم في يوليو تموز 2015 لاعتقادها أنه يحاول الانضمام للمقاتلين في سوريا.
وثمة إشارات إلى أن الشقيقين تحولا إلى التطرف الديني في السجن. وأيا كانت الحقائق فيما يتعلق بتطرفهما فإن حالتهما تسلط الضوء على إخفاق السلطات البلجيكية في مجاراة خطر الإسلاميين.
وقال بيتر فان أوستايين المتخصص في التيار المتطرف وله صلات ببلجيكيين يقاتلون في سوريا إن السلطات البلجيكية فشلت في التعرف على متشددين من أمثال الشقيقين البكراوي في الوقت المناسب لأنها كانت تنظر إلى "القائمة الخطأ" لمن تحوم حولهم الشبهات ولم تعتبرهما من أهدافها في مكافحة الإرهاب.
وأضاف أن الشقيقين كانا يوصفان لدى السلطات بأنهما من رجال العصابات ووضعا على قائمة المجرمين الذين تحركهم دوافع المال في حين أن السلطات التي تطارد الارهابيين ركزت على من لهم نشاط ديني.
وقال "ثبت أن هذا خطأ. والآن تعمل السلطات على دمج القائمتين".
وأكد مسؤول بالحكومة البلجيكية أن الجمع بين موارد المعلومات من إدارات الشرطة المختلفة يمثل جزءا رئيسيا في التغييرات الأخيرة في عمل الشرطة.
ويمثل ذلك اعترافا متأخرا بما قاله مسؤولون أمنيون بمن فيهم رئيس دائرة شرطة الاتحاد الأوروبي لرويترز عن تزايد الصلات بين متشددي تنظيم داعش والعصابات الإجرامية بدءا من عصابات المافيا التي تورد السلاح من البلقان وحتى صغار تجار المخدرات.
وتناسب مهارات هؤلاء المجرمين في تكوين شبكات اتصال ومعارفهم في عالم الجريمة عمل خلايا المتشددين .
كان الشقيقان البكراوي معروفين للشرطة وللقضاء.
فقد حكم على إبراهيم (29 عاما) بالسجن عشر سنوات بتهمة الشروع في القتل في سبتمبر عام 2010 لإطلاقه بندقية كلاشنيكوف على الشرطة وإصابة أحد ضباطها بعد إحباط سرقة بإحدى شركات الصرافة في بروكسل في يناير كانون الثاني من ذلك العام.
وخرج من السجن بعد أربع سنوات على أن يظل تحت رقابة الشرطة واختفى في نهاية مايو أيار واعتقلته الشرطة التركية على الحدود السورية في يونيو عام 2015 بعد أن خالف شروط إطلاق سراحه.
وأبعدته تركيا إلى أمستردام التي اختار السفر إليها بعد شهر ولم تفعل بلجيكا شيئا لاعتقاله رغم ورود تحذير من أنقرة. وأثار الكشف عن ذلك ضجة الأسبوع الماضي ودفع وزيرين في الحكومة البلجيكية لتقديم استقالتهما.
واعترف وزير العدل كوين جينس بأن مجرد وجوده في تركيا حتى ولو لم يكن على الحدود السورية كافيا لإدخاله السجن عند عودته إلى بلجيكا.
وأضاف "كانت تلك هي اللحظة الوحيدة التي كان من الممكن الربط فيها ... وقد فاتتنا."
ولم يوضع إبراهيم على قائمة للمطلوبين حتى أغسطس وكان ذلك على المستوى المحلي فقط. فهل كان من الممكن القبض عليه لو أن بلجيكا أصدرت أمرا دوليا بالقبض عليه؟
وقال روب وينرايت مدير الشرطة الاوروبية (يوروبول) إن إدارته طالبت السلطات الوطنية بتبادل أقصى قدر ممكن من المعلومات لكن الأداء متفاوت على هذا الصعيد.
وقال لرويترز إن الشهور الأخيرة شهدت زيادة كبيرة في تبادل المعلومات.
وقال المسؤول بالحكومة البلجيكية إنه يعتقد أن بروكسل وباريس حددا للأوروبيين نموذجا للتعاون منذ هجمات 13 نوفمبر تشرين الثاني في العاصمة الفرنسية. وأضاف "لكن حتى الآن يميل الكل إلى الاحتفاظ بأوراقه لنفسه."
أما خالد (27 عاما) فقد حكم عليه بالسجن خمس سنوات في فبراير 2011 بتهمة خطف سيارة مع مجموعة مسلحة ببنادق كلاشنيكوف. وكان أحد أفراد هذه المجموعة قد تم تهريبه من قاعة محكمة في بروكسل قبل عامين عندما أرغم شريك له مسلح المحامين والشرطة على الانبطاح أرضا.
وأطلق سراح خالد بشروط في ديسمبر عام 2013 والتزم بشروط الإفراج عنه حتى ابريل عام 2015 عندما أوقفته الشرطة في سيارة تسير في الاتجاه الخاطيء بشارع من اتجاه واحد.
وكان بجواره أحد أفراد عصابة خطف السيارات وكان محظورا عليه مقابلته. ووجهت محكمة في مايو ايار إنذارا له لكنها لم تقرر إعادته إلى السجن.
وفي نهاية أكتوبر تشرين الأول اختفى خالد.
وقال المدعي كريستيان انري "لم يرد على استدعاءات قضائية ولم يرد على الهاتف ولم يعد موجودا في العنوان الذي قال إنه مقر إقامته" وأضاف أن محكمة أمرته الشهر الماضي بالعودة للسجن لكن لم يعثر له على أثر في ذلك الحين.
وفي 11 ديسمبر كانون الأول صدر أمر دولي بالقبض عليه بتهمة الإرهاب. وأظهرت التحريات أنه استأجر باستخدام اسم مستعار شقة استخدمت بيتا آمنا للمهاجمين الذين نفذوا اعتداءات باريس.
وقال منتقدون إن السلطات تسرعت في ترك الشقيقين يفلتان. ويمكن للمحاكم البلجيكية أن تتيح للمسجونين الإفراج عنهم بشروط بعد قضاء ثلث مدة الحكم. وفي بريطانيا يحدث ذلك بعد انقضاء نصف المدة لأحكام أطول ويبلغ ثلثي المدة في ألمانيا.
وقال وزير العدل جينس للبرلمان إن خالد لم يفرج عنه إلا قبل انقضاء مدة الحكم بأحد عشر شهرا فقط كما بدا أن إبراهيم يتعاون تعاونا كاملا مع السلطات حتى منتصف 2015.
وأضاف مدافعا عن وزارته "ماضي الشقيقين البكراوي لم يكن سلبيا بالقدر الذي صور به هذا الأسبوع."