القيادة.. بالمشاعر

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٢٧/مارس/٢٠١٦ ٠٠:٥١ ص
القيادة.. بالمشاعر

محمد بن سيف الرحبي
alrahby@gmail.com
www.facebook.com/msrahby

ضمن الاستراتيجيات القيادية هناك استراتيجية القيادة بالأهداف.. وهي الأفضل.. أو القيادة بالمشاعر. وكانت في وقت ما تعد رائعة ضمن لغة «الود» بين الرئيس والمرؤوس لكن عواقبها كبيرة.

لست منظّرا لاستراتيجيات كهذه، إنما ما أكتبه لا يتعدى رؤى شخصية.. لا يعتدّ بها غالبا، أو يمكن الاعتداد بها.. لتجنبها.
في عُمان تسود ثقافة القيادة بالمشاعر أو العواطف.. أو يمكن تسميتها «بالحب» مع أن هذا المصطلح يكتسب حضورا ذهنيا مختلفا في أدمغتنا، وفي حالتنا العمانية تأتي معززة بالحالة الاجتماعية، مجتمعات تحترم الكبير أيا كان.. فالمدير الشاب يخجل من محاسبة موظف قصّر في أداء عمله أو ارتكب خطأ إن كان كبيرا في السن.. ويلام بشدة إذا فعل.. و»هذا من سن أبوك» و»جاء اللي قبلك وما سووا اللي سويته معه» فتصبح العملية الإدارية معقّدة، حيث عندما وضعت «المشاعر» كمنهج قيادي بدلا من الأهداف دخلت حسابات أخرى، وفي مجتمعاتنا العربية يكون الانحياز للقلب، وليس للعقل، في غالب قراراتنا.. وتصرفاتنا.
من الأمثلة «ذات التجربة» أن رئيس قسم يشتكي دائما من موظفيه وعدم التزامهم بما يورطه دائما في «إحراجات» ولا يسميها تقصيرا في أداء الأمانة، لكنه في التقرير السنوي يمنحهم الدرجة النهائية، وإن عبّر عن «عتبه» قليلا فإنه يمنحهم 99 بالمائة، فالأرقام بالمجّان، وفي الحسابات الإدارية الحكومية لا قيمة لتلك التقارير، وحتى لا «يزعل» ذلك الموظف «المستهتر» فإنه يمكن منحه 99 بالمائة أسوة بزملائه المجدّين.. ومن الأهداف الأخرى منعا للحساسية بين الموظفين، فيتساوون في التقييم.. والرضا.. من وراء القصد، وليس الأمانة والمسؤولية.
إزاء هذه القيادة الإدارية كيف يتطور الأداء الإداري للمؤسسات؟!
ولماذا ينتظر الشاب سنوات في بيته لعلّ الفرج يأتي في الوظيفة الحكومية، بدلا من الخيارات الأخرى المطروحة يوميا فيتم رفضها..
ليس من العجب إن فضّل المواطن القطاع الحكومي «الذي يدلل موظفيه» بدلا من «الخاص» وما فيه من منكّدات ومكدّرات سببها الإدارة «بخاصة إن كانت أجنبية» فيرى ذلك الموظف نفسه في حالة عداء مع مسؤوليه في العمل، لأنهم لا يحترمونه، ولا يقدرون ظروفه، ولا يصدّقون أنه غاب عن العمل يوما أو أكثر لأن لديه موعدا «للأولاد» في المستشفى، أو أنه «قائم في عزاء» أحد أقاربه أو جيرانه، معني باحترام العادات والقيم الاجتماعية «الأصيلة» التي تربّينا عليها، ولتذهب الشركة، والمدير، والأهدف الإنتاجية.. إلى جحيم الخسائر.
وهناك المعضلة الأكبر التي تواجهها مؤسسات القطاع الخاص مع الموظف المواطن، إن رغب في مرافقة مريض خارج البلاد، حيث تمتد فترة غيابه عن عمله أسبوعا، وغالبا أكثر، مع وضع المؤسسة في موقف «عاطفي» لمراعاة حالة «والده أو والدته» الصحية، بينما يجدها الموظف الحكومي متاحة بقوة، ولتبق معاملة المواطن الآخر في الأدراج.. أو تنتظر توقيعه، وهذه الحالات ليست محض تخيّل أو «تهكّم»!
الإدارة «العاطفية» مع عدم وضوح «الأهداف» تحيلنا إلى إشكالية تراجع أداء الجهاز الإداري للدولة، ولأنها ثقافة مجتمع فليس من السهل مواجهتها بحيادية أو منطقية، فهي ليست قيادة تسير نحو الأهداف، بل تستفيد من «العاطفي» لإحداث الضرر «بالأهداف».