مسقط- فاطمة البلوشية
لا تجعلوا من الحمقى مشاهير، عبارة تتردد دائما في صفحات التواصل الاجتماعي للتقليل من المحتوى الذي يخلو من أي قيمة أو فائدة، ولكن ماهي المعايير التي من خلالها نحدد من هم أصحاب المحتوى المفيد من دونه؟
حاولت جاهدة الاقتراب لمناقشة هذا الموضوع عبر برنامج "تريو الشبيبة" في إذاعة الشبيبة وبدأت أسرد لكل المتابعين قصة سردها الشاب السعودي عمر حسين على صفحته في منصة اليوتيوب، حيث ذكر عمر قصة شاب فرنسي يدعى "جيروم" يقدم محتوى لا يسمن ولا يغني من جوع، كل ما تجدونه في صفحاته على انستقرام وسنابتشات هو تصوير للحياة اليومية وبعض من المقالب لأصحابه ويحظى بذلك متابعة من قبل الآف الناس من جميع دول العالم.
قرر "جيروم" أن يستعين بشهرته ويطلق هاشتاق في منصات التواصل الاجتماعي يطلب من الخطوط الجوية التركية بأن ترسل طائرة استغاثة للصومال، وبالفعل بعد الجهود الكبيرة من متابعين "جيروم" على مختلف المنصات رضخت الخطوط الجوية التركية لمطلبه، وتراوت له فكرة أخرى بأن يجمع تبرعات تصل إلى مليون دولار أمريكي، كانت المفاجأة أنه تجاوز هذا الرقم بمليون آخر، جمعوا ما يقارب المليونيين دولار أمريكي للصومال!
ومن الكويت
وأيضا ذكرت مثال الناشط الكويتي "عبدالله الجاسر" الملقب بـ"عبودكا"، حيث أقام 13 فعالية على مستوى الكويت، الأبرز منها هي حملة #نبيها_وكالة وتلخصت فكرتها في مسابقة تنظيف الشواطئ للشباب، وذلك في المنطقة الجنوبية من ميناء عبدالله إلى الخيران في الكويت بعدما كانت ملوثة بالقمامة. وبدأ التجمع الشبابي في عملية التنظيف وتم توزيع الأكياس على المشاركين، وكل كيس تتم تعبئته يرصد لصاحبه عدد من النقاط، والحاصل على أكبر عدد من النقاط ينال جائزة قدرها 3 آلاف دينار كويتي، والمركز الثاني ألفين ديناركويتي، والثالث ألف دينار كويتي، إضافة إلى جوائز متنوعة متعددة أخرى، وقد لقيت الحملة إشادات كبيرة من المغردين والمتطوعين، وتم تداول الخبر في مختلف منصات التواصل الاجتماعي والصحف والمجلات الكويتية.
"جيروم" و "عبودكا" حالهم من حال الكثير من الشباب، يعيشون حياة عادية، ولكن المختلف أنهم يوثقون هذه الحياة لآلاف من المتابعين، العديد يخالفونهم الرأي من مستخدمين هذه المنصات، لعدم تقديمهم بما يقال عنه "محتوى هادف" بالرغم من الأعمال الخيرية التي يقومون بها. تساؤلي هو: من يحدد هذه المعايير وعلى أي أساس وُضعت؟
غير ثابتة
أسماء البرطمانية كانت لها وجهة نظر في موضوع حلقتنا فهي تعتقد أن هذه المعايير غير ثابتة، كل شخص يحدد معياره حسب ثقافته والبيئة المحيطة به، وأشارت إلى مصطلح "التعرض الانتقائي" أي بما معناه أن الشخص ينتقي من يريد متابعته والعكس وبالتالي هو ينتقي المحتوى الذي يرغب بمشاهدته، فالاختلاف هنا وارد جداً، وتقول: فالمحتوى الذي أشيد به ليس بالضرورة أن يفيد غيري.
ظاهرة
أما عن ما يمكن تسميته "بظاهرة تصوير الحياة اليومية" قالت صفاء السنانية أنه الفكرة لم تكن وليدة اليوم، هي ظاهرة بدأت في وقت سابق وتم تداولها إلى أن وصلت إلى الوضع الحالي اليوم من باب الفضول والرغبة بمتابعة ما يدور في حياة الآخرين، وتضيف: الممتع في متابعة شخص آخر في مكان بعيد في الكرة الأرضية يقوم بما تقوم به من مهام حياتية مماثلة يزيد من إحساس التقارب بالرغم من الاختلافات الأخرى.
ما يتعرض له مشاهير منصات التواصل الاجتماعي من تنمر غير مبرر له -حسب رأيي الشخصي- أظهرت لنا مدى عدم التقبل الموجود للمختلفين عنّا، منصات التواصل الاجتماعي بيّنت لنا الآراء الحقيقية ووجهات النظر التي قد تكون في كثير من الأحيان غير منطقية وبعيدة كل البعد عن الانتقاد البناء.
المنصات متنفس
الفنانة ميرفت نصر -ضيفة الحلقة- كان لها رأي أيضاً في هذا الموضوع بسبب وجودها على منصة انستقرام ونشرها لمقاطع كوميدية هادفة تنقل من خلالها رسائل للمجتمع وقضايا مجتمعية بطابع مختلف، بالرغم من تواجدها المفيد على هذه المنصة ولكن لم تخلو صفحاتها من الانتقاد التعسفي عما قدمته. من وجهة نظر الفنانة ميرفت هذه الانتقادات أتت لأنها مؤثرة، لو لم تؤثر في الأشخاص لمى تابعوها، والاختلاف الموجود في صفحتها هو الأساس في متابعة الناس لها.
وعن سبب توجهها إلى السوشيال ميديا هو تأخر السلطنة في الإنتاج الدرامي والكوميدي، فمنصات التواصل الاجتماعي هي المتنفس الوحيد لإيصال الرسالة وبشكل كبيرـ تم تدول المقاطع في الدول الخليجية المجاورة كما ذكرت.
وأضافت بأن هي لا تتصنع، ميرفت في الحياة الواقعية هي كما هي في صفحاتها على منصات التواصل الاجتماعي، وربما مصداقيتها أزعجت البعض. وأردفت أن الكثير من مشاهير التواصل الاجتماعي السبب في حصولهم على عدد متابعات ومشاهدات عديدة هو مصداقيتهم مع أنفسهم ومع الجمهور المتابع لهم. وفالمقابل يوجد الكثير ممن تعاملت معهم ميرفت في حياتها الشخصية يختلفون عن ما يقدمونه في صفحاتهم الإلكترونية، المحتوى صادق ولكن من ينشر هذا المحتوى خلف الشاشة على مستوى قليل من الثقافة والمصداقية.
"الشرطة الإلكترونية: هم الشريحة التي دائما تعلق بـ"لاتمثلني"، هكذا صنفتهم ميرفت، وتضيف: كل شخص يمثل نفسه وبأن كل فرد يتواجد على هذه المنصات خرج من أسرة لها عاداتها وتقاليدها والجهات المختصة هي من تحاسب الأشخاص المقدمين للمحتوى السلبي غير اللائق بالمجتمع العماني.
وهي تعتقد بأن الانتقاد ماهو إلا دليل لوصول رسالة أعمالها للمشاهد لان العمل مؤثر وناجح.
أما بالنسبة لأفكار العمل أو المقاطع التي تشارك فيها الفنانة ميرفت لابد أن تكون أفكار تلامس ومتصلة بالمجتمع العماني وتعالج قضية ما بطريقة كوميدية، وتبتعد كل البعد عن أي فكرة دخيلة، لا ترتبط بالفن ولا تمثل ما يمر به الواقع العماني.
الإشكالية ليست في موقع التواصل الاجتماعي إنما في التلاعب بالمتلقي كما اسمته الفنانة ميرفت نصر، وتضيف أن هذه المنصات خطيرة ومعالجة في آن واحد.
وتنهي حوارها أن الأشخاص يجب أن يكونوا على وعي تام باختيارهم للمحتوى المناسب لهم.