خبراء: السلطنة قادرة على مواجهة تحديات رؤية 2040

بلادنا الثلاثاء ٢٩/يناير/٢٠١٩ ٠١:٥٠ ص
خبراء: السلطنة قادرة على مواجهة تحديات رؤية 2040

مسقط - خالد عرابي
انتهت أمس فعاليات "المؤتمر الوطني للرؤية المستقبلية عمان 2040 " الذي عقد على مدى يومين بمركز عمان للمؤتمرات والمعارض بمشاركة مجتمعية واسعة وشاملة من جميع أطياف المجتمع، وذلك استكمالا لمسار إعداد وثيقة الرؤية المستقبلية للسلطنة.. وعلى مدى اليوم الثاني تمت مناقشة العديد من المحاور المختلفة منها: دور القطاع الخاص في تحقيق الرؤية، التعاون والتكامل الاقتصادي، وأهميته لتحقيق الرؤية، والممارسات الدولية لتحقيق الرؤى والأولويات الوطنية وموائمة الإستراتيجية والخطط الوطنية..
وعلى هامش تلك الفعاليات استطلعت "الشبيبة" بعض الآراء حول فرص تحقيق أهداف رؤية 2040 وأهم السبل الكفيلة بتمكين الجانب الاقتصادي من تحقيق الرؤية، وكذلك بعض التحديات التي تواجه الرؤية في تحقيق أهدافها.

ممكنات القطاع الخاص
فعن ما يحتاجه القطاع الخاص ليساهم في تحقيق المؤشرات الاقتصادية المستهدفة من رؤية 2040 قال رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عمان سعادة قيس اليوسف خلال إحدى الجلسات: إن ما يثلج الصدر في مسودة الرؤية أنها ناتجة عن شراكة حقيقية من المجتمع بجميع أطيافه والغرفة ممثلة للقطاع الخاص جزء منها. وأشار إلى أن أهم الممكنات التي يحتاجها القطاع الخاص تسهيل بيئة الأعمال وذلك من خلال التشريعات والقوانين التي تخدم الجانب الاستثماري والتجاري في السلطنة، وكذلك المراجعة المستمرة لها وتبسيط الإجراءات حتى وإن كانت في تحسن مستمر، وأن يكون القطاع الخاص شريكا في القرارات ذات الشأن الاقتصادي وأن يتم الأخذ برأيه فيها. كما أشار سعادته إلى ضرورة تعريف القطاع الخاص الحقيقي وما هو دوره وما هو دور الحكومة، حيث إن هناك نوعا من اللبس بين دور القطاعين.
كما أكد على أهمية سرعة اتخاذ القرارات وخاصة الاقتصادية مع ضرورة التنسيق بين الجهات المختلفة. وطالب سعادته بضرورة إنشاء هيئة أو جهة مرجعية مستقلة لتساهم في سرعة القرار وتنسيق القرارات ذات الشأن الاقتصادي، وذلك لأنه مهما كانت هناك جهات مختلفة يتعامل معها القطاع الخاص إلا أنه سيكون هناك تضارب في الاختصاصات وتأخير للأمور، لذا فإنشاء تلك الجهة المستقلة حتى وإن كانت واحدة من الجهات الموجودة الآن، أي ليس شرطا أن تكون جديدة، ولكن أن تعطى جميع الصلاحيات والاختصاصات هو الحل الأمثل لأنه في بعض الأحيان يكون هناك أولويات ولا تجرؤ أي من الجهات المتضاربة حاليا على البت فيها بينما حينما تتم تسمية مثل هذه الجهة وبالتنسيق مع الجهات الأخرى ستكون هناك سرعة في البت بالقرارات، وحتى يمكنها أن تكون مسؤولة عن تنفيذ الرؤية لأن "رؤية 2040 " حتى الآن ممتازة ولكن نجاحها يتوقف على أدوات التنفيذ. كما طالب بضرورة أن يكون هناك لقاء دوري ولو مرتين في العام بين الغرفة والحكومة وخاصة الوزراء وأصحاب القرارات المعنيين بالشأن الاقتصادي حتى يكون هناك تبادل للآراء وتقييم ما وصلنا إليه.

سوء الفهم بين القطاعين
وقال المتحدث الدولي ومستشار السياسات الألماني خوليو سافيدرا بأن هناك إشكالية تواجه الدول ومنها عمان وهي سوء الفهم بين القطاعين الحكومي والخاص، وأنه ليس هناك نظرة مشتركة، ولذلك توجهت الحكومة إلى استحداث هيئة الشراكة بين القطاعين العام والخاص وهدفها التقريب بينهما، كما تم استحداث قانون للشراكة بين القطاعين وتمت مراجعته من وزارة المالية، كما تم استحداث صندوق الشراكة والتدريب الوطني، وكل هذه المبادرات تمت من أجل التقريب بين القطاعين، كما تم استحداث برامج وطنية تجمع القادة من القطاعين وكلها مبادرات تعزز تلك العلاقة بين القطاعين وكذلك الأعمال.
وأكد سافيدرا على أن التحديات التي ستواجه الشباب كبيرة ولا يمكن للقطاع الحكومي أو الخاص أن يواجهها بمفرده وإنما ينبغي أن يواجهانها معا، ولذا فعليهما أيضا أن يقوما باستحداث البيئة التشريعية والقانونية اللازمة لتحريك وتحفيز محرك الاقتصاد، وعلى الحكومة أن تنجز أعمالها بشكل أسرع وأن تتخلص من البطء خاصة في سن القوانين، وبالإضافة إلى ذلك فعلى الحكومة أن تعطي الفرصة للقطاع الخاص لكي يتطور، وذلك من خلال أن تحد الحكومة من أنشطتها الاقتصادية وأن تتعاون جميع الوزارات وليس وزارة بمفردها في ذلك، كما ينبغي على القطاع الخاص أن يكون أكثر ابتكارا. وطالب خوليو الحكومة بأن تمنح مزيدا من الصلاحيات للقطاع الخاص، ففي السلطنة ما زال هناك الكثير من الصعوبات التي تواجه القطاع الخاص ليمضي قدما. ومنها تسهيل طريقة إنشاء الشركات وتوفير الحكومة للبيانات للقطاع الخاص.
وعن المستقبل قال سافيدرا نرى أن هناك فرصتين أولهما الشباب وسبل الاستفادة منه خاصة وأنه المستقبل والطاقة المحركة للاقتصاد ولأي مجتمع. أما الفرصة الثانية فهي الثورة التكنولوجية، وهي ستوفر لعمان فرصة للمضي بخطوات جبارة نحو المستقبل وستوفر فرصا للجميع بما فيها المرأة وحتى إمكانيات العمل من المنزل. وأشار إلى أن هذه الثورة التكنولوجية ستكون لها تأثيرات كبيرة على استيعاب الشباب وتوظيفهم، ولذا ينبغي أن يكون الشباب العماني في لب السياسات التي يتم سنها في السلطنة في السنوات العشرين والثلاثين والأربعين القادمة.
ومن ناحية أخرى أشار سافيدرا إلى أن هناك إشكالية تواجه عمان وهي تفضيل بعض الشباب العماني للوظائف الحكومية لأنها توفر لهم ضمانات وتقاعدا مبكرا ولكن هذا لا يوفر لعمان مستقبلا باهرا ولذا فعلى الشباب أن يكونوا جريئين وان يتحدوا المخاطر وأن يهيئوا أنفسهم لدخول القطاع الخاص.. وقال إن سوق العمل العماني به 80% من العمالة الوافدة وهذا يعني أن هناك 1.7 مليون عامل أجنبي، ولذا فلو أن هناك 95% من هذه الوظائف لا يهتم بها العمانيون فهناك 5% يهتمون بها وهذا ما ينبغي أن نركز عليه وأن يكتشف الشباب العماني ما هي الوظائف المتاحة في بلده.

الميزات النسبية
ورأى مدير مركز هارفارد للتنمية الدولية وأستاذ ممارسات الاقتصاد في كلية كيندي لإدارة الحكومة ريكاردو هوسمان، أنه لكي تحقق دولة ما رؤيتها فعليها الأخذ بما يناسب إمكانياتها وقدراتها وظروفها والميزات النسبية لديها والسلطنة لديها الكثير من ذلك بدءا من الموقع الإستراتيجي والأمن والأمان والسلام والاستقرار وبيئة الاستثمار التي ينقصها فقط القوانين والتشريعات وتسهيل بيئة الأعمال، ولكن التحدي الذي سيواجه عمان أن اقتصادها بدأ بالاعتماد على النفط مما جعل الرواتب التي يحصل عليها المواطنون واعتادوا عليها عالية جدا، في حين أنه عندما تتوجه إلى مصادر أخرى ومنها الصناعة مثلا فربما لن تقوى على دفع مثل هذه الرواتب، ومن ثم فقد لا تجد الإقبال عليها، وإذا ما اتجهت إلى دفع الرواتب العالية سيظل المنتج مرتفعا ولا ينافس، ولذا فعلى السلطنة التوجه إلى تغيير نوعية التفكير في الوظائف أو البحث عن فرص وقطاعات تستطيع أن توفر منتجات بأسعار تنافسية.
وتحدثت الرئيس التنفيذي لشركة أوكسيدنتال عمان فيكي هولوب خلال إحدى الجلسات عن أهمية ثقافة بيئة العمل وكذلك التدريب وضربت الأمثلة بما تقوم به شركتها في السلطنة وما أقاموه من مراكز تدريب وتوفير بيئة عمل آمنة ومناسبة. وأشارت إلى أنه يمكن أيضا التركيز على الشركات الصغيرة والمتوسطة وأن شركتهم دعمت بعض الشركات الصغيرة ومنها شركتان استفادتا من ذلك وأصبحتا شركات كبيرة، كما أشارت إلى أهمية الاستفادة من الكوادر العمانية وأن شركتهم يعمل بها أكثر من 2700 موظف منهم 90% من العمانيين.