في الوقت الذي تشهد أسواق النفط العالمية حالة من عدم الاستقرار بسبب زيادة العرض على الطلب نتيجة لارتفاع متوسط الإنتاج العالمي، يرى محللون أن انخفاض الأسعار لم يدفع كثيرا من المنتجين بمنطقة الخليج العربي للتراجع عن جهود تعزيز الإنتاج التي تحقق أهدافا عديدة بينها تقليل التكلفة الإنتاجية وزيادة القدرة الإنتاجية والاحتياطيات النفطية.
وكانت وكالة الطاقة الدولية قد أعلنت، في تقرير صدر العام الماضي، أن متوسط إنتاج النفط في العالم يفوق الطلب بنحو 1.9 مليون برميل يوميا. وأوضحت أن الإنتاج العالمي يبلغ نحو 96 مليونا.
إستراتيجية بعيدة المدى
ورغم تراجع أسعار النفط بأكثر من 60% منذ منتصف عام 2014، فإن خبراء مشاركين بمؤتمر الاستخلاص المعزز للنفط -المصاحب لمعرض ومؤتمر عُمان الدولي للنفط والغاز بمسقط والذي يناقش 115 ورقة عن تعزيز الإنتاج- يرون أن جهود تطوير الإنتاج بالمنطقة ينبغي ألا تكون مقلقة، لانطلاقها من رؤى إستراتيجية بعيدة المدى.
وكان وزير النفط العُماني محمد الرمحي قد أعلن، في مؤتمر صحفي سابق لفعاليات مؤتمر النفط والغاز، أن عُمان أبدت استعدادها لخفض إنتاجها من النفط بين 5% و10% في حال اتفاق الدول المصدرة، وذلك لتحسين أسعار الخام بالأسواق العالمية، وأن السلطنة بذلت بعض المساعي إقليميا ودوليا لتحسين الأسعار.
ويرى البروفيسور علي حمودة، اختصاصي اقتصاديات زيادة إنتاج النفط بجامعة ستافانغر في النرويج، أن أسعار النفط لا مناص لها من التحسن نحو الأفضل كثيرا، وأن الدافع وراء جهود زيادة الإنتاج ربما يكون القناعة بأن العالم سيشهد بحلول عام 2050 زيادة بعدد سكانه ليبلغوا تسعة مليارات نسمة، وبالضرورة مقابلة احتياجاتهم بزيادة الإنتاج بتكاليف أقل.
وفي السياق، تحدث للجزيرة نت الرئيس التنفيذي للشركة الخليجية للطاقة هلال البوسعيدي موضحا أن أسواق النفط تحكمها عوامل جيوسياسية متعددة، إلى جانب سياسات العرض والطلب، وسياسة الحرص على الحصص النفطية بالسوق العالمية التي يتبعها بعض المنتجين. ويرى أنها هي التي أدت إلى تراجع أسعار النفط.
دور التكنولوجيا
ومع تفاؤله بتواصل تحسن الأسعار الحالي، يرى البوسعيدي أن اللجوء إلى التكنولوجيا المتطورة لتخفيض تكاليف الإنتاج وزيادة الطاقة الإنتاجية يعتبر ضروريا بالنسبة لدول الخليج، خصوصا وأنه ليس لديها حل إلا الاستمرار بالإنتاج لتحافظ على مستوى تدفق السيولة النقدية كون النفط يمثل 80% من ميزانياتها.
وبشأن ما إن كانت هناك حلول متوقعة في الأفق لتحسين الأسعار بشكل أفضل، قال المدير العام لشركة تنمية نفط عُمان راؤول ريستوشي -في حديث للجزيرة نت- إن الأمل معقود على اجتماع الدول النفطية الرئيسية بالدوحة في أبريل/نيسان المقبل، معتبرا أن التحسن ممكن.
كما تحدث للجزيرة نت جي ناتيش مدير التطوير في مجالات التنقيب بشركة كيميرا التي مقرها هيوستون بالولايات المتحدة، فأوضح أن واقع الاستثمار بالتنقيب في أميركا الشمالية تراجع كثيرا لأن عمليات التنقيب تمولها شركات خاصة تعتمد على القروض البنكية على عكس التنقيب بالخليج.
وأشار ناتيش إلى أن الدول الخليجية تستثمر من أجل المستقبل وعلى المدى البعيد، وأن الأفق الزمني في الاستثمارات النفطية له أهميته الكبرى الآن. وأضاف أن تقليص أعداد الحفارات النفطية العاملة بالعالم وخصوصا في أجزاء كبيرة من أميركا الشمالية ربما يكون له أثر إيجابي في تحسين أسعار النفط.
المصدر : الجزيرة