قواعد تربوية منتهية الصلاحية!

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ١٣/نوفمبر/٢٠١٨ ٠٣:٤٣ ص
قواعد تربوية منتهية الصلاحية!

د.لميس ضيف

تحدّث د.جاسم المطوع عمّا أسماه «جرائم تربوية» وهي تسمية دقيقة لموضوع مسني بشكل خاص لأني رأيت منه، ورأيت نتائجه. فالأم التي لا تفهم أن ابنها البالغ من العمر ثلاث سنوات عندما يستكشف مناطقه الخاصة فإنه يراها كما يرى أذنه أو يده ويريد أن يتآلف معها. فتقوم بحرق فخذه هي لا شك مجرمة!

والأم التي تحبس ابنتها البالغة من العمر 8 سنوات دون طعام ليوم كامل في مكان مظلم لتكسر شقاوتها وعنادها. لا توقف تطاول البنت وشتمها لها كما تخال، بل تزيد البنت عنفا وكرها للأم.
كما أسلفت، تقاطعت في هذه الحياة مع آباء وأمهات مؤمنين بأن التربية تحتاج لقسوة وعنف، جاهلين أن ضرر هذه القسوة يفوق ضرر الدلال. ورأيت أيضا رجالا ونساء بلغن من العمر عتيا ولكنهم لا زالوا يذكرون طفولتهم بأسى، ويتحدثون عمّا عانوه بقلب طفل في العاشرة، الذي تعرّض للإحراج بضربه علنا أمام الناس، أو لم يجد من الحنان في طفولته ما يحفظه في المستقبل من نهش الكآبة.
ومن الناس من يصر على أن يربّي أطفاله بالكيفية التي تربّى هو عليها، على سبيل النرجسية طبعا، فهو يفترض بأنه شخص رائع وخارق وبالتالي يريد اتّباع ذات «الوصفة» التي أوجدت منه ما هو عليه اليوم! والحق بأنه لو كان فذاً بحق، لعرف أن الأزمنة تتغيّر بوتيرة سريعة، وأن طرق الأمس قد لا تُجدي اليوم، وأن لكل شخصية مفتاحا ولكل عصر آذانا. والأطفال يُلقنون اليوم احترام الذات والاعتداد بالنفس، ويُقال لهم في كل محفل إن ضربهم اعتداء، والصراخ عليهم اعتداء، وإن ذواتهم مصانة، فيأتي والد ليطبّق قواعد عصور الفحم عليهم وليس عليه أن يتوقع منهم السمع والطاعة بل النفور والحقد.
إن التربية المثالية ليست فقط تلك التي توطن قواعد الصح والخطأ في الناشئة، بل تلك التي تُوجِد منهم أناسا سعداء مستقرين عاطفيا؛ لأن هذا الاستقرار العاطفي هو القاعدة التي سينطلقون منها ليحققوا ما تؤهله لهم إمكانياتهم.
حب الأبوين لأطفالهم غير مشروط، هبةٌ إلهية هي. أما احترام الأطفال لوالديهم فأمر يكتسبه الأطفال من مراقبتهم لاتزان تصرفات والديهم وحصافتهم. زمن ترهيب وكسر الأطفال بالضرب والتحقير والشتم انتهى. نحن في زمن مختلف المعطيات. ومن لا يعرف كيفية التصرّف مع أطفاله الجامحين عليه ألا يجتهد ويفرغ غضبه بهم تحت راية التربية. بل عليه أن يبحث في هذا الفضاء الواسع عن ملايين المحاضرات التي تعلم الأب كيف يكون مربيا، وتعلم الأم كيف تنشئ جيلا سليما.
lameesdhaif@gmail.com