«تحت العباءة»

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٩/أكتوبر/٢٠١٨ ٠٣:٣٢ ص
«تحت العباءة»


باميلا كسرواني

«تحت العباءة» مشروع رائدة الأعمال ومحررة الأزياء السعودية، مريم مصلي، ويركز مشروعها على أسلوب أزياء الشارع السعودي»، وكيف أرادت من خلاله أن تبرز تنوع المرأة السعودية وأن تغيير نظرة العالم إليها.

وعلى الرغم من جدول أعمال حافل ينقلها بين مختلف المدن الأوروبية وعروض الأزياء العالمية، وجدت مريم مصلي بعض الوقت للتوقف عند مشروعها الأخير التي تطمح من خلاله إلى تسليط الضوء على المرأة السعودية بعيداً عن الصور النمطية التي تتناقلها وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي.

فتؤمن مصلي أن المرأة السعودية على الطريق الصحيح لتغيير واقعها ولتكشف للعالم أنها امرأة حالمة ورائدة ومنجزة؛ ومريم مصلي خير نموذج عنها. وتخبرنا «لطالما كنت مبدعة في القلب ولكن حالياً أنا مبادرة أستغل جواز سفري وكروموسوماتي لإبراز تقدم المرأة السعودية والتحريض على التغيير الاجتماعي من خلال المساعي الخيرية».
وبالفعل من محررة أزياء تحوّلت إلى رائدة أعمال بعدما انتهزت الفرص المتوفرة ورأت فراغاً في السوق من حيث وجود صوت موثوق يوجّه العلامات التجارية حول كيفية التواصل مع المستهلكة السعودية. وتقول «قررت أن أصبح هذا الصوت. فاستقلت من منصبي وأطلقت «نيش أرابيا»- أول شركة سعودية استشارية للمنتجات الفاخرة».
وبعد عملها في قطاع الأزياء لأكثر من عقد، أدركت مصلي أنها تريد القيام بشيءٍ ما لإبراز مشهد الموضة المتنوع في المملكة العربية السعودية. وتضيف «كوني امرأة سعودية، عرفت أيضاً أنني أريد- أكثر من أي شيء- أن أشجع على تمكين المرأة. وبالتالي، عندما دعاني معهد «ميسك أرت» للمشاركة في أول معرض كتب فنية في السعودية، شعرت أنه الوقت المناسب لكسر الصور النمطية للمرأة السعودية في وسائل الإعلام الغربية».
كسر الصورة النمطية من خلال كتاب «تحت العباءة: أسلوب أزياء الشارع السعودي» الذي يجمع صوراً التقطتها النساء والذي يساعدهنّ على أن يروين قصتهنّ الخاصة. وتضيف مصلي «أملي هو بناء دلالات إيجابية حول النساء في المملكة تنقض الصورة النمطية القديمة للنساء السعوديات اللواتي، بحسب وسائل الإعلام السائدة، تبدو وكأنها «مغطاة بالسواد بدون صوت وتضطر للسير خمسة أقدام خلف رجلها!» هذا ليس الواقع على الإطلاق!»
وكانت ردود أفعال السعوديات غامرة. فبعد دعوة واحدة «لتقديم الطلبات» على حساب shoesanddrama@، تلقت مصلي أكثر من 1000 صورة بغضون أسبوع واحد!
وهنا تقول «كنت سعيدة وممتنة للغاية إلا أن أكثر ما أثار دهشتي هو عندما قرأنا نماذج شروط نشر الصور». فقبل سنوات، ذكرت فكرة كتاب عن أسلوب الشارع لبعض الصديقات والزميلات الأصدقاء. تحمست الكثيرات شرط إخفاء هوياتهنّ. لكن الوضع اختلف هذه المرة إذ أن مصلي انصدمت أن معظم النساء طلبن ألا تخفي وجههنّ. وتشير «بصراحة، كانت مفاجأة سعيدة لي أن أرى التحوّل في المحظورات المجتمعية في غضون عامَين فقط».
وتعتبر أن هذا التغيير يُعزى إلى تزايد أعداد النساء أمثال الأميرة جوهرة بنت طلال آل سعود والأميرة ريما بنت بندر آل سعود اللاتي يعتبرن قدوة للسعوديات. وتتابع: «من المهم أن نلاحظ أن النساء السعوديات لم يتحوّلن إلى منجزات طموحات الآن. لقد كنا دائمًا هنا! أنا شخصياً، بدأت شركتي العام 2011، حتى قبل الإعلان عن رؤية السعودية 2030. ولكن الآن، بات لا بأس من تحقيق الأشياء والتعرف على هذه الإنجازات!»
وبالعودة إلى كتاب مصلّي، تحملنا في عملية انتقاء الصور التي وصلتها بالآلاف عبر واتساب وانستغرام والبريد الإلكتروني قائلة: «العديد منها التُقط بالهواتف المحمولة، أي أنه يمكن نشرها على الموقع الإلكتروني لكنها، لسوء الحظ، ذات دقة منخفضة وغير صالحة للنشر في الكتاب. اخترنا الصور اعتماداً على عوامل عدة إلا أن أهمها هو ما إذا كانت الصورة تعكس فعلاً الجمالية المتنوعة في السعودية».
باختصار، تكشف الصور النساء السعوديات! من مدربة يوغا وحركة «الراقص» إلى طالبتين ترتديان الزي المدرسي في الشارع، «تعكس الصور النساء الحقيقيات في المملكة، وليس الصورة النمطية المتأصلة عند أولئك الذين لا يستطيعون الوصول إلى المملكة».
ولا شك أن مريم مصلي بفضل أعمالها ونشاطاتها على أرض الواقع والعالم الافتراضي وبفضل هذا الكتاب أظهرت للعالم من هي المرأة السعودية: قوية، وحازمة، ولا تعتذر من أحد، على حد قولها. وتضيف مصلي «أعتقد أن الناس ينسون أنه حتى لو أننا لم نحصل على نفس الحقوق الممنوحة للعديد من النساء حول العالم، لم ندع ذلك يُعيقنا. لقد ثابرنا وأصبحنا طبيبات ومحاميات وصاحبات أعمال وسياسيات رغم غياب هذه الحقوق».
وهذه هي الصورة التي أرادت من أجلها أن تنشر هذا الكتاب الذي تستعد لإطلاق النسخة الثانية منه في الأشهر المقبلة مع صور جديدة. لكن مصلي تشدد «هناك هدف أكثر عملياً. فكما تعرفون، هذه مبادرة غير ربحية وكل الأرباح تعود إلى النساء المحرومات لمتابعة برامج التعليم العالي الخاصة بالفنون. على سبيل المثال، سنعطي العائدات لـ «أكاديمية المستقبل» وهي مدرسة مهنية لجميع النساء تركز على تصميم الأزياء والتصوير الفوتوغرافي والفنون البصرية». فبالنهاية، تحتاج المرأة السعودية إلى كل الدعم لتتألق.

متخصصة في الثقافة والموضوعات الاجتماعية والمبادرات