رام الله (فلسطين) - وكالات
تحكي قرية الخان الأحمر قصة الصمود الفلسطيني على أراضيهم ونالت القرية اهتماما إقليميا ودوليا بعد قرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي هدم القرية وصدور حكم قضائي بذلك. اشتق اسم القرية من اللون الأحمر المستخرج من حجر الجير المكسو بأكسيد الحديد المكون للتلال الحمراء في المناطق الواقعة على الطريق من القدس إلى أريحا. وعرفت سابقاً باسم «مارافتيميوس» نسبة إلى القديس الذي أسس هذا المكان بحسب ويكيبيديا. ووفقاً لإحصاء سكان فلسطين في فترة الانتداب البريطاني، بلغ عدد سكان الخان الأحمر 27 نسمة عام 1931 وبلغت مساحة أراضي الخان الأحمر وفقا لمسح الأراضي والسكان عام 1945 حوالي 16.380 دونما.
مكان آخر
وكان من المفترض أن يتم نقل سكان القرية لمنطقة تبعد نحو 12 كيلومترا قرب مكب للنفايات على أراض تحتلها إسرائيل. وكان من المتوقع أن ترسل السلطات الإسرائيلية جرافات في أي وقت بعد انتهاء المهلة التي حددتها لسكان القرية لهدم منازلهم في الأول من أكتوبر.
وتسعى إسرائيل منذ فترة طويلة لطرد البدو من الأراضي الواقعة بين مستوطنتي معاليه أدوميم وكفار أدوميم، وتقول إن قرية الخان الأحمر بنيت دون تراخيص.
ويقول الفلسطينيون، الذين خسروا طعنا أمام المحكمة الإسرائيلية العليا على قرار الإخلاء، إن من المستحيل الحصول على مثل هذه الوثائق. ويقول فلسطينيون إن هدم الخيام والأكواخ المصنوعة من الصفيح والخشب في القرية جزء من خطة إسرائيلية لإقامة مستوطنات يهودية على شكل قوس بحيث تعزل القدس الشرقية عن الضفة الغربية التي احتلتها إسرائيل في حرب العام 1967.وتقطن العائلات، المكان منذ عشرات السنين، حيث يلوح خطر التهجير على 200 فرد يقطنون المنطقة التي تحتوي على خيام وبيوت مبنية من الصفيح والخشب، فضلا عن أن التجمع البدوي يحتوي على مدرسة بُنيت من إطارات المركبات، لتقديم الخدمات التعليمية لأطفال الخان الأحمر والتجمعات البدوية المحيطة. ويرعى الأهالي الماشية والأغنام.
تهجير قسري
وينتمي سكان خان الأحمر إلى قبيلة الجهالين البدوية ولجأت قبيلة «الجهالين» نتيجة التهجير عام 1948 إلى الضفة الغربية، ويعيشون في مناطق شبه قاحلة تمتد بين القدس وأريحا ويتوزعون على 23 تجمعا في أربع مناطق أساسية هي عناتا ووادي أبو هندي وخان الأحمر والجبل، ويقدّر عددهم بنحو سبعة آلاف نسمة، وترفض سلطات الاحتلال الاعتراف بوجودهم في هذه المناطق وتسعى لطردهم منها، وتضيّق عليهم في ظروف عيشهم.وتعتبر أغلب الدول المستوطنات التي بنتها إسرائيل على أراض احتلتها في حرب 1967 غير قانونية وتقول إنها تقلص وتفتت الأراضي التي يسعى الفلسطينيون أن يقيموا عليها دولة تحمل مقومات البقاء. وترفض إسرائيل ذلك.
وحثت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وجماعات حقوقية إسرائيل على عدم هدم الخان الأحمر معللة ذلك بالخطر الكبير على السكان وعلى فرص السلام.
وأثار مصير قرية الخان الأحمر قلقا دوليا بعد أن قـــــالت إسرائيل إنها تعتزم هدم هذه القرية.
مستوطنات تحيط بها
وتحيط بالخان الأحمر مستوطنتا معاليه أدوميم وكفار أدوميم، وتسعى إسرائيل -كما يقول فلسطينيون- لتوسيعهما وتنفيذ مشروع استيطاني يمتد من أراضي القدس الشرقية حتى البحر الميت، بهدف تفريغ المنطقة من أي وجود فلسطيني، كجزء من مشروع لعزل القدس عن الضفة وفصل جنوب الضفة عن شمالها.
وحتى الموقف الحضاري للسكان بطرق باب القانون ضد قرار الهدم لم يسعفهم، بل قوبل بالرفض من المحكمة العليا في إسرائيل، وأمرت بهدمها في غضون أسبوع.
ويعاني السكان الأصليون من ظروف حياتية صعبة أمام شح الموارد، فتلك المنطقة عطشى بالمياه والزراعة، فضلا عن نقص الدعم المقدم للأهالي، وظروف الحياة البدوية في ظل الأخطار التي تستهدف قرية الخان الأحمر، إلا أن الأهالي أعربوا عن رفضهم لقرار السلطات الإسرائيلية.
إرجاء مؤقت
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن قراره تأجيل هدم قرية بدوية في الضفة الغربية هو إرجاء مؤقت لفترة وجيزة فيما تستمر جهود التوصل لاتفاق بهدف إعادة توطين سكانها.
وأثار قرار إسرائيل هدم قرية الخان الأحمر في أراض تحتلها قلقا من أطراف دولية بما في ذلك الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي. وقال الادعاء التابع للمحكمة الجنائية الدولية إن إخلاء القرية قسرا وهدمها يمكن أن يشكل جريمة حرب.
لكن مسؤولا في مكتب نتنياهو طلب عدم ذكر اسمه قال إن الإخلاء تأجل فيما يتم بحث خطة توطين بديلة بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية.
وقال نتنياهو في تصريحات للصحفيين أمس الأحد إن عملية الإخلاء ستمضي قدما في النهاية. وأضاف: «لا نية لدي لتأجيل ذلك إلى أجل غير مسمى.. رغم تقارير تشير إلى العكس.. لكن لفترة وجيزة».
وتابع قائلا: «الوقت الذي سنخصصه للإخلاء بموجب اتفاق سيحدده مجلس الوزراء الأمني المصغر. سأعقد اجتماعا له اليوم. سنحدد (الجدول الزمني). سيكون في فترة قصيرة وأعتقد أن الأمر سيتم بموافقة».
دعم الناشطين
وينتظر سكانها، الذين يدعمهم ناشطون أجانب تجمعوا في هذا الموقع، وصول الجرافات في أي وقت بعد أول أكتوبر وهو الموعد النهائي الذي حددته إسرائيل كي يزيل القرويون مساكنهم.
وقال وليد عساف الوزير المسؤول عن ملف المستوطنات بالسلطة الفلسطينية إنهم سيظلـون متأهبين ومستعدين لمواجهة هذه الغارة حتى تأكيد أنباء التأجيل.
ولكن مسؤولا في مكتب نتنياهو قال إنه يجري بحث خطة بديلة لنقل السكان بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية.
وقال المسؤول الذي تحدث شريطة عدم نشر اسمه «الهدف هو استنفاد سبل المفاوضات تماما وبحث خطط مقترحة قدمتها أطراف مختلفة بما في ذلك (خطط تم تلقيها) خلال الأيام القليلة الفائتة».
وتضم قرية خان الأحمر التي تقع بين شرق القدس والضفة الغربية أكثر من أربعين عائلة، يعيشون في خيام وبيوت من الصفيح وأكواخ معدنية وخشبية، ومدرسة واحدة تسمى مدرسة الإطارات، نسبة إلى بنائها من مجرد إطارات، في ظل حصار وتضييق على الأهالي منذ عشرات السنين من ممارسة حياة طبيعية فيها أدنى متطلبات الحياة المعروفة للسكان.
معارضة الأهالي
وقال رئيس مجلس قروي الخان الأحمر، عيد أبو داهوك، لوكالة «سبوتنيك» الروسية: «نحن نتعرّض لهجمة استيطانية غير مسبوقة، حيث إن إسرائيل تتطلع لاقتلاع آخر صخرة تحول دون التوسع الاستيطاني في المنطقة، بتدمير الخان الأحمر، لإكمال مخطط «e1» الاستيطاني الذي سيربط المستوطنـــات المحيطة بالقرية بمــــدينة القدس على شكل حزام استيطاني سيتوسع إلى خارج المدينة وصولا إلى منطقــــــــة البحر الميت، ونحن نعي هذا المخطط الذي تعد له إسرائيل منذ سنوات».