محمد العاصمي يطرح تصحيح المسار 1-3

الجماهير الأحد ٠٢/سبتمبر/٢٠١٨ ١٩:٣٢ م
محمد العاصمي يطرح تصحيح المسار 1-3

رأي رياضي - محمد العاصمي

الحديث عن رياضتنا ذو شجون وربما يمل الكثيرون منا عندما نبدأ في هذا الحديث ويتخيّل البعض أننا بمجرد طرح فكرة الحديث عن واقعنا الرياضي وكأنه داخل إلى نفق مظلم لا يرى له ضوء في نهايته وربما يشعر البعض الآخر بعدم الرغبة في مجرد التفكير في هذا الواقع وهذه النظرة السوداوية أصبحت شائعة في هذا التوقيت بالذات رغم وجود العديد من الإيجابيات لكن الحالة السائدة الآنية دائماً ما تطغى على التفكير وعقولنا اللاواعية تستجيب لها بشكل تلقائي لهذا الوضع كأمر طبيعي وحتمي لا نملك حياله أي تصرف. وحتى لا نظل في هذا الوضع علينا أن نبدأ بتغيير هذه النظرة بشكل تدريجي حتى نصل لمرحلة الرضا ونتجاوز مرحلة جلد الذات واللوم ولكن لكي نتخلص من هذا التفكير نهائياً يجب أن نسلك مساراً صحيحاً في عملية التصحيح.

في هذه السلسة من المقالات المتتالية سوف أتعرض لمجموعة من الإجراءات والأفكار التي أرى أنها قد تكون مناسبة لعملية التغيير ولتصحيح مسارنا الرياضي نحو الطريق الذي ننشده وأقول قد تكون لأن عملية التغيير مرتبطة بالرغبة الداخلية لدى الأفراد وتقودها بطريقة مباشرة نحو الإيجابية والسلبية حيال هذا التغيير ولذلك لا يمكن أن يكون هناك تغيير دون رغبة. إن أول خطوة لتغيير الواقع الرياضي إلى الأفضل يجب أن تبدأ من الأساس حيث يقول اينشتاين “لا يمكننا حل مشكلة باستخدام نفس العقلية التي أنشأتها” وهنا تكمن الفكرة الأساسية؛ فالطريقة التي توقعك في الخطأ هي نتاج ممارسات وعمليات وإجراءات متتالية أنتجت الوضع الراهن فليس من المعقول أو المقبول أن تعيد التفكير بنفس الطريقة والإجراءات والعمليات السابقة لتحصل على نتائج مختلفة.

وعندما أتحدث عن العقلية فالمقصود بها الإدراك والإجراء والأسلوب والطريقة والآلية والتفكير التي تتم بها إدارة الأمور وعندما يتحدث اينشتاين عن العقلية التي تنتج فشلاً فهو يحد جميع الأمور السابقة التي ذكرتها ولذلك علينا مراجعتها جميعها بشكل دقيق وتقييم أي منها ارتكبنا فيها خطأ وعلى سبيل المثال هل عملية إدارة الموارد المالية في رياضتنا تمشي بطريقة صحيحة أم لا؟ والإجابة قد تكون سهلة لأن النتائج تحدد ذلك فإذا كانت نتائجنا جيدة فهذا يعني أن إدارة الموارد المالية تسير بشكل سليم وإن كان العكس فعلينا أن نوجد طريقة مختلفة للإدارة المالية عن السابق والأمر ينسحب على بقية المجالات، وهذا فقط مثال.
وقد تكون بعض الجوانب جديرة بالتوقف والمراجعة خصوصاً في الوقت الحالي ولعل السؤال الأبرز الذي يجب أن نناقشه هو إدارة رياضتنا بالشكل الحالي؟ ولكي نناقش هذا السؤال يجب أن نتطرق لكثير من الجوانب والمواضيع التي تتعلق بالإدارة الرياضية بداية من الموارد البشرية المتاحة مروراً إلى مفهوم الكفاءة والخبرات المتوافرة والأنظمة والتشريعات الإدارية وانتهاءً بنظام الانتخابات الذي يعد الأهم في وضع رياضتنا إدارياً. لقد مرت ما يقارب اثني عشر عاما على تجربتنا الانتخابية في اللجنة الأولمبية والاتحادات واستخدمنا نفس الآلية (العقلية) في عملية الاختيار فهل وجدنا أن هذه الآلية مناسبة وجيدة وذات نتائج مرضية؟ الواقع يقول لا حسب ما لدينا من نتائج. فهل نواصل العمل بنفس الطريقة؟ الجواب أيضاً لا. بل يجب علينا أن نبحث عن آلية مختلفة تعالج ما ظهر لدينا من مشكلات ولكي أقترب من الفكرة بشكل مباشر فقد أجريت بحثاً سريعاً لعدد من الدول المجاورة فوجدت أن كثيراً منها لا تطبق الانتخابات المطلقة بل تعمد إلى وضع كوتة معيّنة يتم من خلالها انتخاب مقاعد معيّنة وشغل مقاعد أخرى بالتعيين المباشر. وهنا لا أقول إننا يجب أن نطبق نفس الفكرة ولكن أقول يجب أن ندرس هذا الجانب ونقرر فالتجربة التي لدينا كافية للتقييم والأفكار المطروحة متعددة ولذلك نعود للقاعدة الأساسية ونحتكم إليها فالمشكلات التي لدينا قد تكون بسبب إحدى الممارسات السابقة التي مارسناها وما زلنا نكررها. إن تغيير العقلية ليس بالضرورة يعني تغيير الأفراد بل يتعدى ذلك بكثير فهو عملية تعني بالمقام الأول تغيير الآليات والإجراءات والأنظمة والوسائل. إن تجربة الأشقاء في الدول الأخرى المجاورة في مجال الانتخابات رغم أنها ليست بأقدم من تجربتنا فعلى مستوى الخليج تعد السلطنة سبّاقة في هذا الجانب إلا أن ما يميزهم عنا أنهم اختاروا نموذجا يناسبهم وقاموا بتنقيحه ومراجعته عدة مرات وقاموا بتطويره ليتناسب والمرحلة وبما لا يتعارض مع الأنظمة والقوانين الدولية وفي نفس الوقت يلبي احتياجاتهم.
إن كنا ننشد التغيير فيجب أن نفتح آذاننا لكل فكرة وأن نعطيها حقها من النقاش وأن نصغي لجميع الآراء وهذا أمر سوف يفيدنا على المدى البعيد بدلاً من اتخاذ وضعية الصد والمقاومة والتي لن تساهم في تغيير مواقفنا وآرائنا بل إنها ستجعلنا نسير بنفس الوتيرة السابقة وكما ذكرت في أول المقال أن التغيير قرار داخلي في المقام الأول.