د. لميس ضيف
«يمكن لأغبى الرجال أن يخدع أذكى امرأة في العالم».
فريدريك نيتشه
استحثني محام يوما على توعية النساء «لن تصدقي عدد شكاوى النصب التي تصلني من النساء -قال منفعلا- تأخذ قرضا وتسلمه له، تكفله بالآلاف دون وثيقة تضمن حقها، تشتري له سيارة أما ما يشيب له الولدان حقا -والكلام للمحامي- أنها تكون طبيبة، معلمة، حاملة شهادات عليا ويستغفلها جاهل يعمل في وظيفة متواضعة»!
لم يفاجئني المحامي، فقد شهدت بنفسي -غير ذي مرة- قضايا مثيلة، إحدى تلكم القضايا انطبعت في ذاكرتي بشكل خاص، بطلتها أخصائية نفسية وتربوية، وامرأة ثلاثينية ناضجة، ارتبطت بعلاقة مع رجل عشمها بالزواج، وأخبرها أنه يبني بيت العمر لهما وكانت تذهب معه لزيارة البيت واختيار الأرضيات والألوان، وتشهد مشاداته مع المقاول. وتوزع في خيالها الغرف على الأبناء الذين لم تنجبهم، وتؤثث الزوايا بأحلامها المعلقة، وعندما جاءها حزينا غاضبا لأنه سيضطر لتأجيل العمل لعدم قدرته على سداد دفعات متأخرة للمقاول لم تتردد للحظة في عرض ما لديها من «تحويشة العمر» عليه ليكمل بيته/ بيتها، لتكتشف لاحقا أنه مجرد مراسل عند مالك هذا البيت، وأنه يتابع له الأعمال التي يأنف هو عن متابعتها، ولم تملك دليلا واحدا يدينه، إذ أخذ منها المبالغ نقدا على دفعات. أذكر أنها لما شكت أمرها لي في الصحيفة قالت والدموع في عينيها:
«ما يؤلمني أكثر، ويُقظني بحسرة في جوف الليل، ليس ما خسرته من مال صدقيني، بل دم عواطفي وثقتي الذي سال على عتبات محتال مثله، وأبنائي الذين ماتوا في الحلم، وحقيقة أني كذّبت عقلي لمرات لا تحصى وصدقته هو».
المرأة ليست كائنا ضعيفا ولا تقل عن الرجل ذكاء؛ لكن عواطفها الشفافة تجعلها قابلة للاختراق وقابلة للكسر؛ ولأنها كائن معطاء، غالبا ما تتجاوز الحد المسموح به في العطاء، وتخاف أن ترسل إشارات تجرح الآخر أو توحي له بعدم الثقة لذا ترمي أسلحتها دون مقاومة، وهو ما يعرفه كثير من الرجال ويستغلونه، وتكون النتيجة قضايا بلا دليل، وشكاوى بلا شهود، وقلوب محطمة لا يعالجها طبيب.
على الأنثى أن تفهم أن من يراودها عن جيبها لا يقل دناءة عمن يراودها عن شرفها، وأن وعد الزواج ليس زواجا ولا يلزمه ولا يلزمها بشيء، ومن النافع هنا ألا تحتفظ المرأة بسر عن الثقات ممن حولها، فقد يرون ما أعماها العشق عن رؤيته، وقد يحمونها من رصاص ثقتها الذي قد يرديها في أي لحظة.
lameesdhaif@gmail.com