الصيرفة الإسلامية.. باللغة الأجنبية

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ١٦/مارس/٢٠١٦ ٠٠:٠٠ ص

محمد محمود عثمان

الصيرفة الإسلامية لا زالت تحتاج إلى المزيد من التعريف والتعريفات والتشريعات والممارسات للتعريف بأهمية دورها في عمليات التنمية الاقتصادية، في ظل منافسة البنوك التقليدية المتربعة على عرش التمويل والتعاملات منذ أمد بعيد، لذلك من الضروري تكثيف الندوات والملتقيات التي تلقي الضوء على الصيرفة الإسلامية والمنتجات التي تقدمها للمتعاملين من الشركات والأفراد وما تتميز به عن التعاملات التقليدية الأخرى، وقد أحسن بنك نزوى الإسلامي العُماني صنعا بتنظيم ملتقى للمرة الأولى على مستوى السلطنة لتسليط الضوء على مستقبل الصيرفة الإسلامية، والفرص المالية والاستثمارية الواعدة المتاحة في هذا القطاع المتنامي، وحجم الصيرفة والتمويل الإسلامي في السلطنة، وذلك بالتعاون مع مجلة أخبار الصيرفة الإسلامية (IslamicFinance News)، وهي مجلة إلكترونيّة متخصصة في الأسواق المالية الإسلاميّة العالميّة، ولكن إذا كانت الصيرفة الإسلامية توجه إلى المسلمين من مختلف الجنسيات العربية والأجنبية، إلا أن كل المناقشات والفعاليات في الملتقى استمرت باللغة الإنجليزية مع تجاهل تام للغة العربية وهي اللغة الأساسية للمسلمين العرب، ولا سيما أن الملتقى يقام بدولة عربية ونحن كعرب نتمسك بالحفاظ على الهوية العربية والإسلامية، وأن المتحدثين من الجنسيات العربية، ولا سيما أن الصيرفة الإسلامية يجب أن تهتم بالمتعاملين العرب الذين هم بحاجة إلى الاقتناع بها والإقبال عليها، حتى تنمو وتجد مكانها الحقيقي في الساحة الاقتصادية وتثبت وجودها وتتغلب على التحديات والصعاب، خاصة وهي في بدايتها وتواجه منافسة شرسة، لذلك تمنيت أن تكون اللغة العربية هي لغة الحوارات والمناقشات، على أن تصحبها ترجمة إلى الإنجليزية حتى تصل المعلومات والنقاشات وتعم الفائدة للجميع، ولا سيما أن الندوة أتاحت الفرصة لتبادل الرؤى ووجهات النظر حول أفضل الممارسات والاتجاهات التي ستساهم في نمو وازدهار القطاع، وأن يحقق المزيد من الإنجازات والنجاحات، ورسم مستقبل وخريطة القطاع في الخمسة أعوام المقبلة، وتقييم التحدّيات والفرص المتاحة في قطاع الخدمات المالية المتوافقة مع الشريعة وسوق الاستثمارات، لذلك من الضروري أن يطرح ذلك بلغة واضحة وترجمة دقيقة متخصصة حتى لا تنقل وسائل الإعلام للجمهور تعريفات أو معلومات وأرقام غير صحيحة أو غير دقيقة، قد تضر أكثر مما تفيد، وقد يتأثر منها سلبا قطاع البنوك والمصارف، ومن ثم يمكن تنظيم ذلك من قبل البنك المركزي وسوق المال ووضع الآليات التي تؤكد على أن تكون الندوات والملتقيات والمناقشات المتعلقة بالقطاع المصرفي والبنوك والبورصة باللغة العربية، مع وجود الترجمة إذا لزم الأمر، وفي ذلك تأكيد على صحة ودقة المعلومات والبيانات المراد توصيلها للمتعاملين، بالإضافة إلى الحفاظ على لغة الضاد واحترامها بين اللغات الأخرى، لأن من أهم أسباب ضعف اللغة العربية هم العرب أنفسهم، فتجدهم كثيرا ما يبحثون عن لغة أخرى للتحدث بها بل ويتفاخرون بذلك، وكأن لغتهم لا تفضي بالغرض، على الرغم من أنها لغة غنية وثرية، وكثير من الدول الأجنبية لا تسمح باستخدام غير لغتها في المحافل الرسمية، ففي فرنسا أصدرَت الجمعية الوطنيَّة الفرنسيَّة قرارًا بعدم السماح بعقد المؤتمرات الوطنية العلميَّة المتحدِّثة باللغة الإنجليزية على الأرض الفرنسية، وفي فيتنام قال الزعيم الفيتنامي «هوشي منه» لشعبه: لا انتصار لنا على العدو إلا بالعودة إلى ثقافتنا القوميَّة ولُغتنا الأُمِّ، بل إن اليابان بعد أن استسلمَت في الحرب العالمية الثانية، قَبِلت كل الشروط إلا شرطًا واحدًا، وهو التخلي عن لُغتها القوميَّة، فكانت مُنطلق نَهضتها العلميَّة والصناعية الجديدة، ولا شك أن لُغتنا العربية لا تقل في مكانتها عن سائر اللغات؛ بل إنها تتفوَّق عليهن جميعا، من حيث المكانة والمكان والتاريخ العريق، ويكفي أنها لغة القرآن الكريم، أليس بعد ذلك تكريم؟ وياليتنا نرى أن ذلك يتحقق في كل القطاعات الحكومية والخاصة وفي كل التعاملات والمخاطبات الرسمية اعتزازا بلغة الضاد وحفاظاً عليها.