مسقط -
أظهرت نتائج دراسة تشخيصية، نفّذتها وزارة الزراعة والثروة السمكية ممثلة في المديرية العامة للتسويق والاستثمار الزراعي والحيواني العام الفائت، تناولت الوضع الراهن لتسويق منتجات نحل العسل في السلطنة، التي شملت عيّنات من النحّالين من مختلف محافظات البلاد، أن أكثر من 60% من مربي نحل العسل يعتبرون هذا النشاط كمصدر دخل.
وقالت نتائج الدراسة إن قرابة 82% من العيّنة المسجلة بشكل عام يمارسون هذا النشاط كمشروع تجاري يمكن الاعتماد عليه في تحسين مستوى دخل الأسرة، فيما يعتبره 20% من أصحاب تلك المشاريع مصدر دخل رئيسيا لهم، خصوصا في محافظة الوسطى، تليها محافظتا الشرقية ثم محافظة ظفار.
وقادت نتائج الدراسة إلى القول بأن معظم أصحاب هذا القطاع غير متفرّغين لمشاريعهم في هذا القطاع رغم المساحات الاستثمارية التي يوفرها القطاع.
وهدفت الدراسة إلى تحليل واقع تسويق منتجات نحل العسل العُماني من خلال محاولة تشخيص حجم المناحل وتكاليفها الإنشائية والتشغيلية، ومعرفة الطرق والأساليب التي يتّبعها المربون في تسويق وبيع منتجاتهم، مع إظهار أهمية هذه الدراسة للمستثمرين الراغبين بالاستثمار في مثل هذه المجالات الحيوية في القطاع، حيث يفتقر القطاع إلى هذا النوع من الدراسات التي تساهم في توفير البيانات الأولية في هذا المجال.
وأوضحت الدراسة أن أكثر من 70% من المشاريع يتم الإشراف عليها بشكل مباشر من صاحب المشروع، وتتفاوت هذه النسبة من محافظة لأخرى، حيث نجد أنها 100% في محافظة الوسطى، وتصل إلى حوالي 63% في محافظ البريمي.
ووصَّفت الدراسة مجتمعها ككل على مستوى السلطنة، بما يشمل خصائصه ومتغيّراته، ونظرا لتجانس هذا المجتمع وتقارب خصائص أفراده بدرجة كبيرة، فقد تم اختيار عدد من المشاريع/ المناحل بحيث لا يقل عن 5%، بل وصل إلى 5.77% من إجمالي عدد المشاريع/ الوحدات المسجلين الذي بلغ 4433 مربيا العام 2015 وقت اختيار حجم عيّنة الدراسة، أي أن عدد مشروعات الدراسة يصل إلى 256 مشروعا/ وحدة نحل عسل.
المرأة الريفية
وأظهرت نتائج الدراسة أن المرأة الريفية العُمانية احتلت موقعا واضحا في هذه المشاريع، فقد سجّلت أن ما يقارب 30 امرأة في مختلف المحافظات تشتغل في هذه المشاريع، ومعظمهن من أسرة صاحب المشروع، ورغم أن هذا العدد بشكل عام لا يعتبر كبيرا، إلا أنه يمكن أن يزداد مع التوعية والإرشاد.
وتزداد الكميات المنتجة من عسل النحل بشكل طردي مع زيادة عدد المربين، رغم أن أعداد الخلايا غير ثابتة خلال سنوات الفترة من 2011م إلى 2016م. وقد بلغ متوسط أعداد الخلايا خلال هذه الفترة نحو 71 ألف خلية بلغ متوسط إنتاجها نحو 432 ألف كجم عسل، بمتوسط قيمة عسل يبلغ نحو 11 مليون ريال عماني.
كما أوضحت النتائج أن هناك فقط ثلاثة أنواع رئيسية من النحل المنتشرة في السلطنة: نحل عُماني بري، ونحل عُماني مستأنس، بجانب النحل المستورد.وأن ما يقارب من 83% من نسبة الانتشار غطاها النحل العُماني المستأنس، يليه النحل البري بما يصل إلى 13%، أما النحل المستورد فلم يغطِ سوى ما يقارب نحو 4% فقط. وأن أكثر المحافظات اتجاهاً إلى تربية النحل البري هي محافظة ظفار، تليها محافظة الظاهرة.
العمّال الوطنيون
وأشارت نتائج هذه الدراسة إلى أن مشاريع نحل العسل من المشاريع التي تساهم في توفير العديد من فرص العمل في البلاد، إذ نلاحظ أن ما يقارب من 75% من العاملين في المشاريع المسجلة في جميع محافظات السلطنة كانوا من أسر أصحاب المشاريع، منهم أكثر من 55% سُجّلوا كعمّال دائمين.
كما أظهرت نتائج الدراسة أن أكثر من 92% من العاملين في مجال نحل العسل في المحافظات المختلفة هم من العمّال الوطنيين، سواء من أسرة أصحاب أسر أصحاب المشاريع أو من غيرهم، وأقل من 8% فقط من الأيدي العاملة سُجّلوا كعمال وافدين، وهذا يعتبر مؤشرا جيّدا حيث يشير إلى أن هذا القطاع يعتمد بشكل رئيسي على العنصر الوطني وخبراته الموروثة من الآباء والأجداد في هذا المجال. كما تشير النتائج إلى أن معظم المشاريع حوالي 90% منها تستخدم الطريقة الحديثة للتربية، وهي الطريقة التي تستخدم فيها الخلايا الخشبية ذات الأقراص المتحركة.
التكلفة التشغيلية
معظم المشاريع القائمة هي ذات أحجام صغيرة أي أقل من 50 خلية، كما نستفيد من هذه النتائج أن مشاريع نحل العسل من المشاريع ذات التكاليف القليلة أو المتوسطة، علما بأن هذه المشاريع ليست لها تكاليف تشغيلية كبيرة، أي أن معظم تكاليف المشروع تقع في المرحلة التأسيسية، حيث نلاحظ أن حوالي 50% من المشاريع المسجلة بالدراسة كانت تكلفتها أقل من 1500 ريال عماني، وحوالي 38% من المشاريع تراوحت تكلفتها من 1500 إلى 5000 ريال عماني، بينما نحو 12% الباقية تجاوزت تكلفة المشروع فيه من 5000 إلى أكثر من 7000 ريال عماني اعتمادا على عدد الخلايا التي يضمها كل مشروع.
أما مصادر تمويل مشاريع تربية وإنتاج نحل العسل، يتبيّن من خلال الدراسة أن ما يزيد على 87% من مشروعات الدراسة اعتمدت في إنشائها على التمويل الشخصي، بينما الـ13% الباقية اعتمدت على قروض من بنك التنمية العُماني أو بنك تجاري أو غيره.
ويتراوح متوسط عمر مشروعات الدراسة ما بين سنة وأكثر من 15 سنة.
وبالنسبة لأسعار مستلزمات النحل يتبيّن أن نحو 40% من جملة عدد مشروعات الدراسة يرون أن أسعار مستلزمات النحل غالية، في حين يرى نحو 52% من جملة عدد هذه المشروعات أنها ذات أسعار متوسطة، ونسبة 1% يرون أنها رخيصة، بينما لم يدلِ نحو 7% بآرائهم.
عوائد مشروعات النحل
كما تم في الدراسة حساب عوائد مشروعات النحل ومنتجاته للتعرّف على ربحيتها، ونظرا لوضوح الرؤية في مثل هذه المشروعات من حيث التكاليف والعوائد، فلم يتم اتّباع الطريقة المعتادة في تقييم المشروعات، من حيث استخدام أسعار الخصم وحساب معايير التقييم المعتادة كالقيمة الحالية الصافية ومعدل العائد الداخلي ونسبة العوائد إلى التكاليف وفترة استرداد رأس المال، بل تم حساب التكاليف والعوائد بطريقة بسيطة لإعطاء مؤشر سريع عن ربحية هذه المشروعات.
وقد تم حساب تكاليف وعوائد نموذجين من نماذج مشروعات مناحل العسل ومنتجاتها: الأول بحجم 50 خلية، وهو النموذج الأوفق للهواة وصغار المستثمرين، والثاني بحجم 100 خلية، وهو النموذج التجاري الذي يمكن أن يبدأ به بعض المستثمرين الراغبين في الاستثمار في هذا المجال، فأشارت نتائج الحسابات إلى أن المنحل الذي يضم 50 خلية تبلغ تكاليفه الإنشائية نحو عشرة آلاف ريال عماني وتكاليفه التشغيلية السنوية نحو 4300 ريال، في حين تتمثل الإيرادات من العسل والطرود والملكات، التي تبلغ قيمتها كحد أدنى نحو 9400 ريال عماني.
وهذا المشروع يسترد تكاليفه الإنشائية في أقل من عامين، كما تبلغ نسبة العوائد إلى التكاليف فيه نحو 1.8: 1 أي أن الريال الواحد يربح نحو 800 بيسة، وذلك خلال السنوات العشر الأولى من عمر المشروع. أما بالنسبة لمشروع منحل يضم 100 خلية، فتبلغ تكاليفه الإنشائية نحو 16600 ريال عماني وتكاليفه التشغيلية السنوية نحو 7820 ريالا، في حين تتمثل الإيرادات في العسل والطرود والملكات، والتي تبلغ قيمتها كحد أدنى نحو 18800 ريال عماني.
وهذا المشروع أيضا يسترد تكاليفه الإنشائية في أقل من عامين، كما تبلغ نسبة العوائد إلى التكاليف فيه نحو 2: 1، أي أن نسبة صافي الربح فيه تبلغ نحو 100%، وذلك خلال السنوات العشر الأولى من عمر المشروع.
وأوضحت النتائج أن نحو 48% من عدد مشروعات الدراسة ينتجون العسل فقط، بينما نحو 30% من مشروعات الدراسة ينتجون طرودا إلى جانب العسل، ونحو 9% منهم ينتجون أيضا ملكات ملقحة، وآخرون ينتجون ملكات غير ملقحة.
التسويق
وتشير النتائج إلى أن نحو 19% من عدد مشروعات الدراسة تسوّق إنتاجها في السوق المحلي للولاية، ونحو 13% منها تسوّق إنتاجها في أسواق الدول المجاورة، بينما نحو 19% يسوّقون إنتاجهم عبر الوسطاء.
وحول عسل التصفية، نجد أن حوالي 44% من مشروعات الدراسة يقومون ببيع عسل التصفية للمستهلكين، بينما نحو 33% يستخدمونه في تغذية النحل، ونحو 17% يستخدمونه استخدامات أخرى، وأن استخدام عسل التصفية في تغذية النحل هو الأسلوب الأكثر شيوعا بين محافظات السلطنة. ومن حيث نوع العبوات المستخدمة، تبيّن أن 78% من مشروعات الدراسة يستخدمون عبوات شبيهة بعبوات «فيمتو»، حيث تتصدر محافظة ظفار محافظات السلطنة في استخدام هذا النوع من العبوات تليها محافظة الظاهرة.
وبشكل عام تختلف أوزان عبوات بيع العسل بين كيلوجرام واحد، وربع كيلوجرام، حيث وجد أن أغلب مشروعات الدراسة تستخدم عبوات زنة كيلوجرام واحد.
وحول مواسم وجود العسل العُماني بالأسواق المحلية في مختلف المحافظات، أظهرت النتائج في محافظة الداخلية يمتد وجود العسل بالسوق طوال العام فيما عدا شهر يناير، وتكون التغذية على مختلف أنواع المراعي.
وفي محافظة البريمي يوجد العسل خلال الشهور من يناير إلى يونيو، حيث تكون التغذية على مراعي السدر والسمر والأعشاب، وبشكل عام يوجد العسل بالأسواق المحلية طوال العام في مختلف المحافظات إلا أن وجوده يكون مكثفا في الشهور الستة الأولى من العام ثم يخف وجوده خلال بقية شهور العام تبعا لوجود المرعى في كل محافظة.
عقبات النحال
وحول العقبات التي يواجها المربي في تسويق عسل النحل العُماني، يرى المنتجون أن من أهم هذه العقبات عدم وجود سوق مركزي لبيع العسل العُماني، وقلة المعارض الموسمية لمنتجات النحل، إلى جانب عدم وجود محلات/ أسواق متخصصة لبيع العسل العُماني.
وعن آراء المنتجين حول أنسب الحلول لمعالجة مشاكل تسويق عسل النحل العُماني، توضح نتائج الدراسة أن نحو 31% من جملة عدد مشاريع الدراسة يرون أن أنسب الحلول هي وجود سوق مركزي لبيع منتجات نحل العسل، بينما يرى نحو 38% ضرورة إقامة معارض موسمية لمنتجات النحل، في حين يرى نحو 21% أن الحل في إيجاد محلات متخصصة في بيع العسل العُماني.