خسائر النفط تترقب «أوبك»

مؤشر الأربعاء ٢٠/يونيو/٢٠١٨ ٠٢:٥٢ ص

بقلم: جميل أحمد

الرئيس العالمي لإستراتيجية العملات وأبحاث السوق في FXTM ثمة شعور بتغير الإستراتيجية التي تعمل بها منظمة أوبك، فيما لعب الغموض دوراً كبيراً في تعرض سعر النفط لضغوط مستمرة على مدار الأسابيع الفائتة، ترقباً لاجتماع المنظمة، المزمع في العاصمة النمساوية فيينا الأسبوع الجاري.

وكانت المخاوف من أن منظمة أوبك وحلفاؤها سيقومون بزيادة الإنتاج للمرة الأولى منذ أواخر العام 2016 قد ساهمت بشدة في الانخفاض الحاد الذي شهده سعر النفط في الأسابيع الأخيرة، إذ خفضت أواخر العام 2016 إنتاجها في خطوة مستميتة لتقليل حجم تخمة المعروض في السوق، التي كانت عاملاً أساسياً وراء هبوط سعر النفط من سعر يفوق 110 دولارات إلى أدنى من 30 دولاراً خلال الفترة من منتصف العام 2014 إلى مطلع العام 2016.

وأدت التكهــــــنات بأن منظمة أوبك يمكن أن تقوم الآن بتـــــــغيير إستراتيجيتها في الاتجاه المعاكس إلى تشجيع هبوط سعر خام غرب تكساس الوسيط بما يقرب من 10 دولارات خلال أقل من شهر واحد فقط.
ويذكر أن التوقعات بحدوث تغيير كبير في إستراتيجية منظمة أوبك هي أمر محير نوعاً ما لمعظم المتداولين وخصوصاً عند النظر إلى أنه قبيل اجتماعات أوبك في الفترة الفائتة كان الموضوع الذي يشغل تفكير الأسواق هو ما مقدار الإنتاج الذي من المحتمل أن يتم خفضه وسحبه من السوق. ولكن هذا التركيز قد حل محله فجأة قلقاً بشأن مقدار الإنتاج الذي من المحتمل زيادته وضخه في السوق. ويشير ذلك إلى أنه إما أن هناك إعادة توازن بعد سنوات من تخمة الإمدادات من النفط؛ كما يمكن أن يشير أيضًا إلى المخاوف التي كانت واضحة لفترة من الزمن من أن بعض الأعضاء لم يعودوا راغبين في الامتثال لاتفاق أوبك لخفض الإنتاج.
وأيا ما كان الأمر فهناك تغيير في الإستراتيجية، في ظل أن المخاوف السابقة المتعلقة بالطلب العالمي قد حل محلها إجراءات محددة متعلقة بالمعروض من السلعة حيث تتوقع السوق الآن زيادة إنتاج أوبك. ويذكر أن التحركات السعرية الأخيرة في أسواق النفط تشير إلى أن المستثمرين واثقين من أن منظمة أوبك سوف تقرر زيادة إنتاجها، ولكنني ليس لدرجة أن يهبط سعر خام غرب تكساس الوسيط بمقدار 10 دولارات في أقل من شهر. فالسلعة تواجه خطر أن سعرها قد انخفض بشكل مبالغ فيه مع اقتراب اجتماع منظمة أوبك ويمكن أن يكون السعر على أعتاب الارتفاع.
وصحيح أن زيادة الإنتاج قد تم تسعيرها بالفعل في السوق، ولكنني لا أستبعد حدوث ارتفاع ضئيل خلال جلسات التداول المقبلة لأنه لم يتضح حتى الآن حجم الزيادة في الإنتاج بالضبط. وهناك مخاطرة تتمثل في أن المتداولين يفرطون في توقعاتهم ونحن نقترب من عقد الاجتماع ويمكن أن يقوموا بإعادة توزيع مراكزهم بسبب التكهنات بأن منظمة أوبك لن تقوم بزيادة الإنتاج بالمقدار الذي تسعره السوق في الوقت الحالي، والذي يتراوح من 500.000 برميل إلى مليون برميل يوميًا.
ويذكر أن اقتناع أعضاء لجنة أوبك بالموافقة على الخفض التاريخي للإنتاج قد استغرق وقتًا طويلا جدًا في العام 2016، ولن يكون اقتناع المنظمة بالقيام بعكس ذلك مهمة سهلة بأي شكل من الأشكال. وإذا قررت المنظمة زيادة الإنتاج بأقل من 300.000 برميل يومياً، لن نستبعد إمكانية حدوث ارتفاع في الأسعار. وعلى الرغم من أنه من المعتقد أن كل من المملكة العربية السعودية وروسيا يشجعان بشدة زيادة الإنتاج من خلف الكواليس، ولكن ذلك الأمر من المرجح أن يلقى معارضة من إيران وفنزويلا والعراق.
وفي حين أن مقدار تأثير هذه البلدان الثلاثة على منظمة أوبك لا يماثل بأي شكل من الأشكال التأثير القوي لأي من المملكة العربية السعودية أو روسيا، ولكن ستكون هناك قوة في الأعداد إذا رفض منتجون آخرون في منظمة أوبك اقتراح زيادة الإمدادات. وهذا السيناريو المحتمل يعطي بصيصا من الضوء بأن المتداولين سيكونون مخطئين إذا ظنوا أن نتيجة اجتماع منظمة أوبك هي نتيجة «محسومة». وهناك عامل آخر يجب على المستثمرين متابعته عن كثب وهو ما إذا كان الرئيس الأمريكي ترامب يحاول الآن ممارسة قدر من التأثير على منظمة أوبك. وكان الرئيس الأمريكي قد استخدم من قبل وسائل التواصل الاجتماعي لمهاجمة منظمة أوبك، حيث سبق أن وجه إليها سهام انتقاداته مرارا في الماضي واتهمها برفع سعر النفط بطريقة مصطنعة. فإذا حاولت السوق الارتفاع على إثر اجتماع أوبك، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تشجيع ترامب على الهجوم على منظمة أوبك مرة أخرى.