تنفيذ أول دراسة في مجال علم الحركة وتطبيقات «الميكانيكا الحيوية» في المجال الرياضي

الجماهير الثلاثاء ٠٨/مارس/٢٠١٦ ٠٠:٤٠ ص
تنفيذ أول دراسة في مجال علم الحركة وتطبيقات «الميكانيكا الحيوية» في المجال الرياضي

مسقط - محمد الدرمكي

استطاع الباحث سمير بن عيسى السليمي أن يثبت عمليا وعلميا بأن التدريب لم يعد وحده كافيا لتحقيق الإنجازات الرياضية وذلك من خلال دراسة الماجستير التي جاءت بعنوان «علاقة بعض المتغيرات الكينماتيكية بدقة التصويب من الوثب لأعلى للاعبي المنتخب العماني لكرة اليد” وذلك بكلية التربية بجامعة السلطان قابوس، وكانت عيّنة الدراسة هي لاعبو منتخبنا الوطني لكرة اليد.

واستطاع الدارس الإثبات بأن التحليل الحركي يساعد المدربين والمختصين بتعليم أداء المهارات على معرفة أخطاء الأداء المهاري ومعالجتها بوضعها على شكل أرقام وقيم كمية، كما ذكر الباحث بأن هنالك ثلاثة مبادئ يعتمد عليها التحليل الحركي للمهارات الرياضية هي مبدأ تحقيق الهدف من المهارة والاقتصاد في جهد اللاعب وجمالية الأداء الحركي، وتضيف الدراسة بأن الرياضة العمانية مجال خصب للبحوث والدراسات العلمية في مختلف المجالات، والدراسة الحالية سدت الفجوة بين الدراسة الأكاديمية والمجال الرياضي بتطبيقها العملي على لاعبي المنتخب الوطني لكرة اليد.

دراسة الأولى من نوعها بالسلطنة

ففي أول دراسة يتم تطبيقها في السلطنة في مجال علم الحركة وتطبيقات الميكانيكا الحيوية في المجال الرياضي بتحليل المهارات الرياضية، قام الباحث سمير بن عيسى السليمي بإجراء دراسته التي هدفت إلى معرفة قيم المتغيرات الكينماتيكية المرتبطة بالمسافة والزمن لمهارة التصويب بالوثب لأعلى كزاوية الارتقاء وزمن الارتقاء وزمن الطيران وإزاحة مركز ثقل الجسم خلال مرحلة الطيران، والسرعة الرأسية والأفقية لمركز ثقل الجسم، كما هدفت الدراسة إلى معرفة العلاقة بين هذه المتغيرات ودقة التصويب على المرمى ومعرفة تأثير وجود الستار الدفاعي على دقة التصويب وأداء المهارة بتحليل أداء اللاعبين بوجود وعدم وجود ستار دفاعي والذي من شأنه أن يدلل على مدى تأثير وجود المدافعين على اللاعب المصوب.

ويذكر الباحث أن الميدان التطبيقي للميكانيكا الحيوية يتيح للمدربين والقائمين على تعليم المهارات الحركية، تحليل الحركات الرياضية لفهم طريقة أدائها، وبالتالي تحديد نقاط القوة والضعف وبناء البرامج التدريبية، والتدريب عليها بالاعتماد على نتائج التحليل، وبمقارنتها مع نماذج الأداء في المستويات العالية مما يؤدي إلى رفع مستوى الأداء الرياضي والمحافظة على سلامة اللاعب واستدامة تطوره.

منتخب اليد عيّنة الدراسة

وبالتنسيق مع الاتحاد العماني لكرة اليد والجهاز الفني للمنتخب فقد تم اختيار عيّنة الدراسة التي اشتملت على خمسة لاعبين من مراكز الخط الخلفي في المنتخب الوطني لكرة اليد وتم تحليل أدائهم لمهارة التصويب بالوثب لأعلى نظراً لأهمية المهارة وتأثيرها على زيادة نسبة تسجيل الأهداف في مباريات كرة اليد، حيث يعتبر التصويب بالوثب من أكثر أنواع التصويب استخداماً في مباراة كرة اليد وذلك بنسبة (73 - 75 %) من نسبة التصويبات، بينما يستخدم التصويب بالجري والارتكاز بنسبة (14 - 18 %) ثم تأتي التصويب من رمية السبعة أمتار بنسبة (6-9 %) ثم باقي أنواع التصويبات.

التدريب لم يعد كافياً للإنجازات

ويرى الباحث أن التدريب لم يعد وحده كافياً لتحقيق الإنجازات الرياضية، فالاعتماد ليس مقتصرا على التدريب البدني لتطوير قدرات اللاعبين وحسب، فالميكانيكا الحيوية تشغل جانبا مهما في استغلال هذه القدرات البدنية والجسمية والقدرات الحركية للاعب نحو تحقيق هدف المهارة واستغلال جميع القوى والعوامل الميكانيكية المؤثرة في الأداء لتحقق الهدف من المهارة بأقل مجهود.

ويضيف الباحث أن هذا النوع من الدراسات يعتمد على الإجراءات العلمية المقننة في تنفيذها، بدءاً من اختيار مشكلة الدراسة والمتغيرات التي سيتم تحليلها، واختيار البرامج التي سيتم الاعتماد عليها في التحليل الحركي لقياس المتغيرات المرتبطة بأداء اللاعبين، كما أن تنفيذ التجربة يحتاج إلى تجهيز دقيق وشامل وفقاً لإجراءات عملية يتم فيها تصوير أداء اللاعبين، بوضع كاميرات التصوير الرقمية ومقياس الرسم بما يتناسب مع المتغيرات التي يتم قياسها مع مراعاة المسار الحركي لأداء اللاعب للمهارة.

فالتحليل الحركي أحد أساليب تطوير الأداء الرياضي وطرقه من خلال تحسين الأدوات والمستلزمات الخاصة بالرياضي والتي تساعده في الحصول على أنسب المسارات الحركية، ووفقاً لحدود الحركة التي يؤديها وبالشكل الاقتصادي لكل مستويات التدريب، كما يتيح الاستفادة من التغذية الراجعة في تحسين الأداء الحركي والتقليل من خطر التعرض للإصابة وبالتالي مساعدة الرياضي على تطوير أدائه.

ضرورة إدماج البرامج التقنية

مع الأداء الحركي

يعتبر تحقيق الدول للإنجازات في مختلف المجالات الرياضية كنتيجة لأبحاث التحليل الحركي وتطبيق القوانين النظرية والعلمية المناسبة، وباستخدام البرامج التقنية على الأداء الحركي للوصول للنموذج الحركي الأمثل، وهو أحد أسباب تحقيق الطفرات في المستويات العُليا.

ويمكن الاستفادة من نتائج التحليل البيوميكانيكي واعتماد النظريات الميكانيكية في التدريب الرياضي وتطبيقاتها، بحيث ستؤدي هذه النتائج بشكل مباشر إلى تحسين طريقة أداء المهارة، وبالتالي بناء معايير خاصة بتقويم الأداء وتطوير النواحي الميكانيكية التي يعتمد عليها في تطوير الإنجازات الرياضية بناءً على نتائج القوانين والنظريات الميكانيكية التي تساعد في التعرف بشكل علمي على نواحي الضعف والقوة في الأداء.
ويضيف الباحث أن العين المجردة تقل قدرتها عن إدراك الحركات السريعة التي يقل زمن أدائها عن (1/‏5) من الثانية، مما يستدعي الاعتماد على التحليل الحركي والتقنيات الحديثة لتوفير الوقت والجهد في عملية التعليم والتدريب.
وقد تم تحليل أداء اللاعبين لمهارة التصويب بالوثب لأعلى في حالتي وجود وعدم وجود ستار دفاعي، مما يتيح معرفة مدى تأثير وجود المدافعين على اللاعب المصوب ومستوى دقة التصويب.
وتظهر أهمية الدراسة في تطبيقها العملي على لاعبي المنتخب العماني لكرة اليد، وتحليل أداء اللاعبين النخبة مما يمكّن من الوصف الكمي وجمع معلومات دقيقة حول بعض المتغيرات الكينماتيكية للاستفادة منها للوقوف على الحلول التي تمكّن من تطوير أدائهم المهاري في التصويب بالوثب للأعلى.
وقد اكتسبت هذه الدراسة أهميتها من ندرة الدراسات العلمية التي أجريت في مجال لعبة كرة اليد بشكل عام والتحليل الحركي لأداء مهاراتها بشكل خاص في سلطنة عمان، وذلك بتحليل حركة بعض لاعبي الخط الخلفي في المنتخب العماني لكرة اليد، وقياس بعض المتغيرات الكينماتيكية وعلاقتها بدقة التصويب.

نتائج الدراسة

وقد خلصت الدراسة إلى نتائج مهمة من شأنها تطوير الأداء المهاري للاعبين ومعرفة نقاط القوة والضعف في أداء مهارة التصويب بالوثب لأعلى، والاستفادة منها في وضع برامج التدريب وتعليم النشء، كما اتضح من نتائج الدراسة إلى إمكانية تطوير مستوى لاعب كرة اليد العماني إذا ما تم الأخذ بجميع العوامل المساهمة في الأداء المهاري كالنواحي الجسمية والقدرات العقلية والنفسية والنواحي البيوميكانيكية لأداء المهارة.

ويضيف الباحث أن استخدام القوانين الميكانيكية في التدريب الرياضي يتطلب معرفة بعض المعلومات الأساسية التي تدخل في بناء معظم القوانين المستخدمة في المهارات الرياضية وعلاقة كل قانون منها بالجانب المهاري والخط وتحديد القدرات البدنية للأداء وتحديد المداخل الميكانيكية الخاصة بدراسة هذا الأداء ومعرفة الأسس الحركية للأداء البشري لبناء محتويات البرامج التعليمية والتدريبية.
كما يرى الباحث أن دراسة الحركات من أجل تفسير وتحليل الظواهر تتم بالاستعانة ببعض العلوم الأخرى المساعدة في فهم أكبر لحركة الرياضيين كعلم التشريح وعلم النفس وعلم الفسيولوجيا.

وقد تلقى الباحث العديد من الدعوات من المختصين في تدريب الألعاب والمسابقات الرياضية في السلطنة إلى إجراء دراسات للتحليل الحركي للمهارات الرياضية، وهذا يدل على مدى وعي المدربين والمختصين بأهمية هذا النوع من الدراسات في تطوير مستوى الرياضيين وفقاً للأساليب العلمية الحديثة.

كما يجدد الباحث الدعوة لزملائه الباحثين والدارسين إلى ضرورة تفعيل البحوث العلمية في المجال الرياضي بالسلطنة في مختلف المجالات كعلم الحركة وفسيولوجيا الرياضة وعلم النفس الرياضي والإدارة الرياضية، نظراً لأهمية نتائج هذه الدراسات في الارتقاء بمستوى الرياضيين ومعرفة نقاط القوة والضعف في الجوانب المتعلقة بتطوير مستواهم.

وقد وجّه الباحث الشكر الجزيل لقسم التربية الرياضية بجامعة السلطان قابوس وللمشرفين على الدراسة الأستاذ الدكتور هاشم الكيلاني ود.كاشف زايد، كما يشكر الاتحاد العماني لكرة اليد ممثلا في رئيس الاتحاد والجهاز الفني للمنتخب على التعاون في تطبيق إجراءات الدراسة.
أضافت الدراسة الكثير للباحث في مجل البحث العلمي، حيث تعد البحوث في مجال التحليل الحركي من البحوث التي تحتاج إلى ضبط في التجربة واستخدام مقاييس الرسم والتصوير وتحليل المقاطع باستخدام أحدث البرامج والتقنيات.

كما أضافت الدراسة للباحث على المستوى الرياضي كلاعب كرة يد للمنتخب الوطني سابقاً ونادي أهلي سداب في دراسة حيثيات مهارة التصويب من الوثب لأعلى ومعرفة جوانب وتفاصيل دقيقة مرتبطة بالنواحي الكينماتيكية للمهارة وتأثيرها على تطوير أداء اللاعبين بزيادة سرعة الكرة ودقة التصويب ومقارنتها باللاعبين في المستويات العالية كلاعبي المنتخب الألماني والإسباني والبلغاري.

وعلى المستوى المهني استفاد الباحث من الدراسة كمختص في قسم تطوير مناهج الرياضة المدرسية ولمعرفة الجوانب المتعلقة بتعليم المهارات وأهمية التحليل الحركي في تطوير أداء النشء لمعرفة جوانب القوة ومعالجة أخطاء الأداء المهاري، وكذلك في بناء الأنشطة التعليمية وربطها بالمراحل الفنية للمهارات الرياضية.