نحو اقتصاد متنوع وصحي ومستقل..الخطة الخمسية التاسعة نقلة ثورية

مؤشر الخميس ٠٧/يناير/٢٠١٦ ٢٠:٥٥ م
نحو اقتصاد متنوع وصحي ومستقل..الخطة الخمسية التاسعة نقلة ثورية

مسقط - ش
ليست الخطة الخمسية التاسعة كسابقاتها. فالأوضاع الاستثنائية تتطلب رؤية استثنائية، وتراكمات الإنجازات التي حققتها الخطة الخمسية الثامنة لا بد أن تستكمل ضمن منهجية تؤدي إلى تنمية مختلف القطاعات الإنتاجية في السلطنة لتواجه التحديات الكبيرة لا سيما الانهيار الكبير لأسعار النفط.
وفي قراءة متقنة للخطة الجديدة التي بدأ تنفيذها مطلع العام الجاري يتبين أن ثمة ثلاث نقاط أساسية تجعل الخطة الجديدة ثورية، إذ تغيّر شكل الاقتصاد الحالي وتفتح آفاق التنمية المستدامة على المديَيْن المتوسط والبعيد.

تخفيض الاعتماد على النفط
النقطة الأولى هي تخفيض الاعتماد على النفط إلى النصف من 44% إلى 20% وخفض مساهمة الغاز الطبيعي من 3.6% إلى 2.4 %. ورغم أن التخفيض جاء إلزامياً بسبب تراجع عائدات النفط فإن الخطة أرادت تحويل المشكلة إلى فرصة، فلم تلجأ الى زيادة حصة الإنتاج اليومي الذي يبلغ متوسطه 990 ألف برميل يوميّاً، بل قررت أن تتعامل مع الواقع الجديد بموضوعية. فلا يمكن لأي اقتصاد أن يعتمد على قطاع النفط والغاز وحده، لاسيما ان النفط شديد التأثر بالعوامل الخارجية وأسعاره تعتمد على السوق نفسه والعقود الآجلة وتتأثر بالعوامل السياسية الدولية والإقليمية. لذا كان لا بد من وضع أسس الاقتصاد البديل الذي يقوم على قطاعات تستطيع الحكومات السيطرة عليه ووضع الخطط المناسبة وفق معدلات النمو المتوقعة في هذه القطاعات.

تخفيض الانفاق
أما النقطة الثانية فهي تخفيض الإنفاق. ومن المتعارف عليه أن تخفيض الإنفاق يثقل كاهل المواطنين وينعكس سلباً على مستواهم المعيشي، إلا إذا جاء ضمن خطة متكاملة تهدف إلى ترشيد الإنفاق وتوجيهه نحو المشاريع الجديدة التي تتوافق مع خطط التنمية. لهذا حرصت الخطة على تطبيق "الموازنات الصفرية" لإعادة تقويم جميع المشروعات والموازنات الحكومية وخفض الفروق بين الإيرادات والمدفوعات، وتقليص دعم المشاريع التي لم تعد أولوية ضمن الرؤية الجديدة فضلاً عن معالجة مكامن الإنفاق غير الفاعل. وبالتالي ما يجري الآن هو الانتقال من تخفيض الإنفاق إلى ترشيده ما ينعكس إيجاباً على الاقتصاد وعلى المواطنين على السواء.

تحرير أسعار النفط
وفي السياق ذاته يأتي تحرير أسعار النفط ليساعد في تخفيض الإنفاق لا سيما أن أسعار النفط المحلية لم تعد بعيدة عن الأسعار العالمية وبالتالي فإن خطر التضخم وارتفاع الأسعار شبه معدوم، وفي الإمكان توظيف الإنفاق الذي تم توفيره في مشروعات ذات جدوى اقتصادية تساهم في زيادة النمو العام على المدى البعيد، لاسيما أنها توفر آلاف الفرص للباحثين عن عمل، وتساهم في رفع معدلات النمو.
ومن اللافت في الخطة الخمسية التاسعة أنها اعتمدت سعراً وسطياً للنفط يبلغ 45 دولاراً للعام 2016، 55 دولاراً للعامين 2017 و2018، و60 دولاراً للعامين 2019 و2020، وهي توقعات موضوعية جداً لا سيما أن من الأسباب الأساسية لانهيار أسعار النفط هو انخفاض الطلب على النفط بسبب التباطؤ الاقتصادي في عدد كبير من الدول الأوروبية، والتي تلجأ حكوماتها حاليّاً إلى وضع خطط إنقاذية من شأنها أن تنعكس ارتفاعاً مستقبلياً في أسعار النفط.

تنويع الاقتصاد
أما النقطة الثالثة فهي تنويع الاقتصاد بشكل كبير، وتحديداً من خلال دعم قطاعات واعدة كالصناعات التحويلية والخدمات اللوجستية والنقل والسياحة والثروة السمكية والتعدين. واللافت في هذه القطاعات تنوعها الكبير وإمكانية إسهامها في تحقيق تنمية متوازنة في مختلف المناطق والمدن العمانية.
ومن شأن الدعم اللازم لهذه القطاعات وتوفير فرص الاستثمار المناسبة أن يؤسسا إلى اقتصاد محلي مستقل عن العوامل الخارجية ويكفل تأسيس المشروعات الكبرى، ويوفر آلاف فرص العمل، فضلاً عن أن بعض القطاعات كالسياحة والخدمات اللوجستية تحفّز المستثمرين المتوسطين والصغار على تأسيس المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تعتبر بدورها من الركائز الأساسية للتنمية الاقتصادية المستدامة.
وتأتي الخطة الخمسية لتدعم هذه القطاعات بشكل كبير لتحقق حصة وازنة من إجمالي العائدات الوطنية، وتشكل خطوة سليمة في مسيرة الاقتصاد البديل التي تطمح إليه السلطنة.
لذلك تبدو الخطة الخمسية واعدة بل ضرورية، للانتقال نحو اقتصاد متوازن وصحي ويمتلك مناعة تجاه العوامل الخارجية وعدم استقرار أسعار النفط، مع الحفاظ على معدلات نمو مقبولة للاقتصاد الوطني.