مسقط - ش
على مرِّ العصور، كان لمحافظة ظفار تاريخ سياحي حافل نظر لموقعها الإستراتيجي المُطِّل على بحر العرب، فهي بوابة السلطنة نحو شرقي إفريقيا والمحيط الهندي، هذا إلى جانب كونها مركز البخور واللبان في الجزيرة العربية، واشتهرت بتصدير اللبان والخيول لحضارات العالم القديم مثل الحضارة الآشورية والإغريقية والرومانية والفرعونية والفارسية. وقد شكّلت هذه العوامل الثقافية البارزة علامة فارقة في مكانة محافظة ظفار الإقليمية على مدى العصور لدى شعوب العالم القديم والجديد، وفتحت الآفاق لأنواع مختلفة من السياحة ومنها التجارية والاستكشافية والدينية وغيرها. وتمتلك محافظة ظفار إرثًا حضاريًا وتاريخيًا ثمينًا ضاربًا في القِدم من عجائب أثرية وتشكيلات جيولوجية وأضرحة الأنبياء وآثار وحفريات ونقوش حجرية تعود إلى إنسان العصور البدائية. سنستعرض هنا 6 عجائب أثرية استثنائية تتفرد بها محافظة ظفار تستحق الاستكشاف.
1) كهف المرنيف:
بإطلالة ساحرة على بحر العرب، يقع كهف المرنيف الهائل بمنطقة شاطئ المغسيل الشهير بنوافيره الطبيعية والذي يشهد توافد السُيّاح بكثرة خصوصًا في موسم الخريف الذي تنشط فيه حركة التيارات المائية ويندفع الماء بقوة عبر التجويفات الصخرية لينتج عن ذلك منظر بديع للنافورات الطبيعية التي قلّما نشاهدها في هذا الجزء من العالم. ويمكنك المشي نحو الكهف فالمكان مُسوّر ومؤهل للمشي وتوجد أماكن للاستراحة بداخل الكهف للزوار مُطلة على البحر الأزرق الهائج بأمواجه وجروفه العملاقة التي تعانق السحاب والضباب. وفي طريقك إلى الكهف صعودًا، ستتحفك الطبيعة بثرائها الآخّاذ من طقسٍ عليل وجبال خضِرة وصوت هدير البحر في لوحةٍ فنيَةٍ بديعة.
2) مدينة سمهرم:
أو كما يُطلق عليه: موقع خور روري الأثري، المُدرج ضمن مواقع التراث العالمي وهو جزء من طريق اللبان. تقع مدينة سمهرم في الجهة الشرقية من مدينة صلالة وهي مدينة ضاربة في القِدم أُنشِئت بغرض إحكام السيطرة على تجارة اللبان الرائجة آنذاك، كما تكشف خمس كتابات حجرية عُثر عليها في المنطقة مكتوبة بالأبجدية العربية القديمة. وهي مدينة مسوّرة مستطيلة الشكل اشتهرت بمينائها الذي يعود تاريخه إلى الألف الأول قبل الميلاد، وكان ملاذًا للأساطيل البحرية وحلقة الوصل بين حضارة عمان والعالم الخارجي. وقد ورد ذكر ميناء سمهرم في نصين يونانيين باسم "ميناء موشكا" يعودان إلى الفترة ما بين القرن الأول والثاني الميلادي. وتذكر الروايات المتناقلة منذ القِدم بأن جرار اللبان العُماني التي أهدتها بلقيس ملكة سبأ للنبي سليمان كانت تستورد من ميناء سمهرم. ومن خلال التنقيبات الأثرية عُثر على مخطوطات ومعبد قديم وقطع نقدية وأثرية تدل جميعها على أن المدينة كانت على صلة تاريخية بالهند وبلاد ما بين النهرين وبلاد النيل.
3) شصر أوبار:
يحظى موقع شصر الأثري باهتمام مُستكشفي الآثار العالميين فهو يضم شواهد تاريخية تعود إلى آلاف السنين الخالية، وهو جزء من طريق اللبان الذي اشتهر بازدهاره في العالم القديم واحتكاكه بحضارات ذلك الزمن. وتقول بعض الأبحاث إن الموقع كان مأهولًا بالسُكان منذ العصر الحجري. ومما لا شك فيه عند زيارتك للموقع هو ملاحظة الازدهار الذي كانت تعيشه ظفار في فترة زمنية غابرة نتيجةً لتجارة اللبان والخيول، فأسوار المدينة وآبارها تدل على رفاهية العيش والاستقرار الذي كانت تنعم به المنطقة. يفضل بزيارة الموقع الأثري الذي يقع في شمال شرق ولاية ثمريت على بُعد 170 كيلومترًا من مدينة صلالة.
4) البليد:
متنزه البليد الأثري هو أحد المزارات التي تُعد قبلةً للُسيّاح في محافظة ظفار، فإلى جانب روعة الهندسة المعمارية التي تعود إلى آلاف السنين الغابرة، يقع الموقع في منطقة جميلة يحفّها الخور، إذ يمكنك التجول على متن قارب يبحر بك على طول الخور لمشاهدة المعالم الأثرية. ويمكنك الاستمتاع بمنظر البحر الممُتد على مرمى النظر وسط الطبيعة الغنّاء في موسم الخريف بطقسه الجميل. كما يوجد بالموقع متحف أرض اللبان وهو أحد المزارات الرئيسية في المنطقة ويضم إرثًا ثمينًا من الشواهد الأثرية التي تدّل على قيام حضارة بشرية متميّزة في ظفار.
5) حفرة طوي أعتير:
وتُسمّى كذلك ببئر العصافير، وهي إحدى أعمق حفر الإذابة الطبيعية في العالم والتي تُعّد ملاذًا طبيعيًا للطيور المحليّة والمهاجرة، وبالتالي فهي من أهم المواقع التي يقصدها مصوّرو الحياة البريّة. كما يوجد بالقرب من الحفرة كهف طيق والذي يمكن مشاهدته من أعلى حفرة طيق. وتتميّز هذه المنطقة بروعتها، حيث سحر الطبيعة الأم التي تتخللها الشلالات والمسارات الضيّقة والمياه والطيور والحياة البيولوجية المتنوّعة بشّتى ألوانها وحكاياتها.
6) أضرحة الأنبياء:
تشتهر محافظة ظفار بوجود ضريح النبي أيوب عليه السلام وعمران أبو مريم أم النبي عيسى عليهم السلام. ويتوافد الزوّار لمشاهدة هذه الأضرحة التي تقع في جبال مدينة صلالة، والتي تكتسي أفنيتها وحدائقها بحلة خضراء في موسم الخريف وسط المرتفعات الجبلية المُطلّة على مناظر خلاّبة.