عروض سينمائية ترفض الحرب في اليمن

مزاج السبت ٠٢/يناير/٢٠١٦ ٠٣:١٦ ص
عروض سينمائية ترفض الحرب في اليمن

القاهرة - رويترز

على مسافة قريبة من أجواء الحرب الأهلية بادرت شاعرة يمنية بمشروع لعرض أفلام سينمائية عربية وأجنبية في مقهى بصنعاء لتثبت أن الأحلام ممكنة وأن عدم صلاحية أي دار عرض سينمائية بالعاصمة لا يصادر حق الجمهور في المتعة والخيال.

والعروض التي بدأت في الرابع من تشرين الثاني بالفيلم التسجيلي القصير (يمنيات يصنعن التغيير) تُنظم يوم الأربعاء من كل أسبوع وتستمر حتى 16 آذار 2016. وقالت مخرجة الفيلم الشاعرة سماح الشغدري رئيسة مؤسسة (صوت للتنمية) التي تنظم مشروع (سينما صوت) إنه يهدف إلى إعادة الاهتمام بالسينما كفن له تأثير إيجابي في المجتمع «ويوسع الآفاق تجاه الفن والثقافة وحرية التعبير والتفكير الإبداعي والابتكاري والترويج لمبدأ المساواة والمشاركة للنساء.»

وأضافت أنها اختارت (كوفي تريدر) بوسط صنعاء لعرض الأفلام بسبب عدم وجود قاعة عرض سينمائية مجهزة إذ أغلقت «كل قاعات العرض التي تمتلكها الدولة، ولا يمكن التواصل مع وزارة الثقافة للتنسيق لفتح قاعة في ظل غياب الدولة التام وسيطرة جماعة دينية طائفية كل همها الحالي هو التعبئة الحربية.»
وأشادت بالتجاوب مع العروض من جمهور يضم نشطاء وأكاديميين وإعلاميين بينما كان الأكثر حضورا طلاب الجامعة. وقالت: إن تنظيم عروض للأفلام في مقهى من شأنه أن «يلفت النظر إلى إغلاق أكثر من 25 دار سينما في اليمن» ويمنح أملا لصناع الأفلام الشبان في جدوى استخدام أدوات جديدة للتعبير واستكشاف طرق جديدة في العمل الثقافي والسينمائي وإنتاج الأفلام ومشاهدتها. وتأمل أن يؤدي التفاعل مع عروض الأفلام إلى ترميم وصيانة دور السينما المهجورة في اليمن تمهيدا لإعادة افتتاحها وبناء دور عرض جديدة بعد انتهاء الصراع حيث تصلهم أصوات الانفجارات أثناء مشاهدة بعض الأفلام.
وسماح الشغدري عضو باتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين وصدر لها ديوانا (زهرة الماس) 2005 و(نسيج العتمة) 2010.
وقالت إن مؤسسة (سينما صوت) غير الربحية تأسست عام 2010 وإنها ذات توجه ثقافي وإعلامي «لإيماننا العميق أن الثقافة هي الأداة الوحيدة التي يمكن من خلالها.. (أن يحدث) تغيير سلمي مبني على الرؤى والأفكار والنقاشات.»
وذكرت أيضا أن مشروع السينما قوبل بصعوبة في السنوات الفائتة لخوف الممولين من «فكرة وجود سينما في مجتمع تقليدي محافظ مثل اليمن خاصة وأن كل ما يمت بصلة للسينما قضي عليه بالتدريج حتى تم إقفال كل قاعات السينما ليس في صنعاء فقط بل وتعز وذمار والبيضاء وبقية محافظات الجمهورية.» وأضافت أن المؤسسة تعول على ثقافة الفنون البصرية كأبرز وأسرع أدوات التأثير في مجتمع تبلغ فيه نسبة الأمية «ما يقارب 50 بالمئة. لم نفقد الأمل في من يدعم الفكرة .. ومصادفة قرأنا عن منحة (صندوق) الأمير كلاوس الثقافية (في هولندا) وفورا تقدمنا لهم بمشروع السينما» في فبراير شباط 2015 وكانت لهم مخاوف من كيفية تنظيم نشاط ثقافي نوعي في زمن الحرب.
وأوضحت أن اليمن «بالفعل في أمس الحاجة لنشاط ثقافي ينحاز للحياة والفن والترويج للاعتدال في مرحلة يتم الانحياز فيها لصالح أحد المتصارعين الخارجيين أو الداخليين» وأنه رغم التعقيدات الأمنية والاقتصادية- لندرة المشتقات النفطية وانقطاع الكهرباء- إلا أن النشاط بدأ بعد تلقي تمويل قيمته 11 ألف يورو.
وتشمل العروض أفلاما روائية وتسجيلية عربية وأجنبية ومنها (يوم جديد في صنعاء) لليمني بدر بن الحرسي و(السجينة) لليمنية خديجة السلامي و(وجدة) للسعودية هيفاء المنصور و(انفصال) للإيراني أصغر فرهادي إضافة إلى أفلام مصرية وأمريكية وأوروبية.
وقالت إن الأفلام المعروضة تعالج قضايا مثل قمع النساء وحقوق الإنسان كما «تحرص على مناقشة مواضيع ذات عمق غير مستفز ومباشر يمكن أن تصدم الجمهور كون المجال مفتوحا لكل الفئات واليمن يمر بظروف استثنائية تسيطر عليها جماعة مسلحة وغياب كامل للدولة.»
وتأمل في نهاية المشروع أن ينشر كتاب يوثق التجربة لعله يحفز ممولا آخر على دعم مرحلة ثانية أملا في «تكريس ثقافة ارتياد السينما وجعلها ظاهرة يمكن أن تتوسع وتنتشر... رمزية وجود قاعة سينما رغم تجهيزاتها البسيطة تؤكد أن الحياة مستمرة وأن هناك عملا يمكن أن ينحاز فقط للفن والإبداع بعيدا عن أي منظور سياسي لأي طرف أو جماعة» كما تطمح إلى نقل الفكرة بالعرض خارج صنعاء بعد انتهاء الاقتتال الداخلي.
وتقول إن لدى مؤسسة (صوت للتنمية) طموحا لتبني إنتاج أفلام لشباب هواة والمشاركة بها في مهرجانات سينمائية إضافة إلى تنظيم ورش عمل في مجالات التصوير والإخراج.