على بركة الله .. بدأنا الخطة

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٠٥/يناير/٢٠١٦ ٠١:٠٠ ص
على بركة الله .. بدأنا الخطة

ناصر اليحمدي

مع بداية أول يوم في 2016 بدأت الخطة الخمسية التاسعة (2016 -2020م) تخطو أولى خطواتها بعد أن اعتمد حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله ورعاه وأبقاه بنود الخطة لتبدأ البلاد مرحلة تنموية جديدة ندعو الله أن تكلل بالنجاح والتطور والرخاء .. وهذا يقودنا لتساؤل هام هل ترسم الخطة الجديدة خارطة طريق تحقق الاستقرار الاقتصادي والمالي في مواجهة أزمة النفط ؟.
لاشك أنه كي تجني الخطة الخمسية الجديدة ثمارها لابد من عمل كشف حساب للخطة السابقة للاستفادة من سلبياتها وتعزيز إيجابياتها .. فالتحديات كثيرة ومعقدة وتتطلب إجراءات خاصة وحاسمة لمواجهتها والتكيف مع الظروف الراهنة أولا بأول خاصة فيما يتعلق بتدني الإيرادات نتيجة انخفاض أسعار النفط وهي أزمة يتردد صداها في كل دولة حول العالم.. إلا أننا جميعا واثقون في تخطي السلطنة لهذه المحنة والتعامل معها دون التأثير على الهيكل المالي والاقتصادي للدولة بفضل التوجيهات الحكيمة لصاحب الرؤية الثاقبة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله ورعاه.
إن من يقرأ الأرقام التي تعبر عن إنجازات الخطة الخمسية الثامنة يجد أنها استطاعت أن تحقق طفرات نمو في كثير من القطاعات بمعدل وصل إلى 3% بالأسعار الثابتة و6% بالأسعار الجارية وسيطرت على معدلات التضخم ووفرت سيولة نقدية كبيرة كانت تدفع البنك المركزي العماني في كثير من الأحيان لامتصاصها عبر أذون الخزانة والأوعية الادخارية الأخرى وعملت على تحسين مناخ الاستثمار فارتفع حجم الاستثمارات الداخلية والخارجية بالإضافة إلى مواكبة النمو السكاني والعمراني بتعزيز البنية التحتية والخدمات المقدمة للمواطنين مما حافظ على استقرار مستوى معيشة المواطنين وطورت الموانئ والمطارات ويكفي أنها رسمت إطارا اقتصاديا مستقرا حقق التوازن المالي العام للدولة وحافظ على ثبات سعر الصرف الاسمي للريـال العماني إلى جانب تعزيز الأنشطة الصناعية المختلفة وتشجيع السياحة بجميع أنواعها .. كما لا ننسى توفير أكثر من 100 ألف وظيفة للباحثين عن عمل في القطاع الحكومي على مدى سنوات الخطة الثامنة الخمس و60 ألف سنويا في القطاع الخاص .. وغير ذلك من الإنجازات التي تدل على أنها حققت أهدافها وزيادة.
السؤال الذي يفرض نفسه ما هي الإجراءات التي يجب مراعاتها في الخطة الخمسية الجديدة حتى تستمر مسيرة الإنجازات وتحقق أهدافها المنشودة ؟.
لقد افترضت الخطة الخمسية التاسعة معدلا للنمو في المتوسط 3% وتهدف لتحقيق تنويع اقتصادي حقيقي مع الحفاظ على معدلات تضخم آمنة ومستقرة وزيادة معدل الاستثمار وغير ذلك من الأهداف التي توفر الاستقرار للبلاد وتحقق التقدم والرقي على كافة المستويات.. لكن ما يمر به العالم حولنا من أزمات يصيبنا بالقلق من عدم التمكن من تحقيق هذه الأهداف إلا أننا نثق ثقة عمياء في قدرة قيادتنا الحكيمة على العبور بالبلاد لبر الأمان .. فعلى سبيل المثال قدرت الموازنة العامة للدولة للعام الحالي 2016 الإنفاق بـ 11.9 مليار ريـال والإيرادات بـ 8.6 مليار ريـال بعجز يبلغ 3.3 مليار ريـال .. فرغم أن مبلغ عجز الموازنة كبير إلا أن ما تحقق من عجز فعلي في 2015 والذي قدر بـ 4.5 مليار ريـال يجعلنا نتمنى أن يقف العجز هذا العام عند الحد المرسوم له وندعو الله أن نحقق فائضا وليس عجزا.
لاشك أن ما يسعدنا في الإفصاح عن أرقام الموازنة الجديدة والخطة الخمسية القادمة هو الشفافية والمصداقية التي تتعامل بها الحكومة مع المواطنين وذلك ناتج من كونها تشعر بأنهم شريك لها في مسيرة التنمية المظفرة .. فالتحديات عظيمة وموازنة أية دولة حول العالم تواجه نفس التحديات إلا أن كيفية تحقيق التوازن بين الواردات والإنفاق هو الذي يفرق دولة عن أخرى بحيث تتباين في حدوث العجز أو الفائض ، ترشيد الإنفاق أو زيادته .. وغير ذلك من المعادلات التي يرسمها الاقتصاديون واضعو الخطط المالية .. والتي نثق في قدرة بلادنا على حلها بما يعود على الوطن والمواطن بالخير والنماء والرخاء والحفاظ على معدلات النمو المنشودة.
إن خطط النهضة الواحدة تلو الأخرى اتخذت طريقا يؤدي إلى تسريع التنمية الشاملة وضمان استدامتها وتحقيق التوازن بين الإيرادات والإنفاق في نهاية الخطة .. كما أخذت على عاتقها مهمة تطوير الإنسان وتلبية احتياجاته لذلك خصصت في ميزانيتها الجديدة بنودا للتعليم والصحة والإسكان والمياه والكهرباء والضمان والرعاية الاجتماعية ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة وكافة ما يلامس احتياجات المواطن ويحول أحلامه لحقيقة ملموسة.
لاشك أن الأرقام التي تم الكشف عنها تعني أن اقتصادنا مستقر ويتعافى بثبات وهو ما سوف يعود على الوطن بالخير والنماء والتطور ويشعر المواطن بالأمان على مستقبله ومستقبل أبنائه.
نبتهل إلى الله تعالى أن يديم على بلادنا الاستقرار والأمان وأن تستمر مسيرة النهضة في صعود دائم .. إنه نعم المولى ونعم النصير.

* * *
الصداقة تاهت في دروب الانترنت
كنت جالسا في يوم من الأيام بالمنزل وبجواري ابني .. وكالمعتاد لا تفارق عيناه الهاتف النقال الذي بيديه والذي لا يتركه ليلا أو نهارا ، يجوب من خلال أزراره بين مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة وهو لا يشعر بمن حوله .. فإذا به يخاطب نفسه أو الهاتف الذي بين يديه بتعبير أدق وقال له "إذن سأعمل لك بلوك" ففهمت أنه يريد أن يلغي صديق من حسابه الشخصي فقلت له "من هذا الذي تريد أن تلغيه من حياتك" .. فقال "هو زميل لي في المدرسة ولكني لا أطيقه" فتعجبت وقلت له "لماذا رضيت بطلب صداقته منذ البداية طالما لا تحبه" .. فقال "لأنني أريد أن أعرف ماذا يفعل ومن هم أصدقاؤه وكي أضايقه بتعليقات سخيفة على ما يشاركه من أحداث ولكنه علق هو الآخر بتعليق سخيف جدا ضايقني كثيرا فقررت أن ألغي صداقته".
هنا أصابتني صدمة وثار في رأسي تساؤل أشعرني بالإحباط : هل هان مفهوم الصداقة لهذه الدرجة لدى الأجيال الجديدة ؟.. فبضغطة زر يمكن للفرد أن يكونها وبأخرى ينهيها ؟.
لقد نشأنا على مفهوم أن الصداقة هي إكسير العلاقات الإنسانية وأكسجين الحياة .. لا يغني عنها مال ولا جاه ولا سلطة لأنها تمنح الذات عالما من المودة الصافية التي تؤدي في النهاية لتماسك المجتمع وتواده ومحبته وبالتالي استقراره.
أما في عالمنا الرقمي الحالي فقد تحول الإنسان إلى مجرد حساب إلكتروني يحمل اسمه ويضم صوره وأحاديثه وملفاته الشخصية وعلاقاته مع الآخرين .. وبالرغم من أن الانترنت استطاع أن يوفر سرعة التواصل مع الآخرين ومشاركتهم أفكارهم ومشاعرهم وساهم في إنشاء علاقات صداقة جديدة تتجاوز الحدود الجغرافية إلا أنه في ذات الوقت شوه مفهوم الصداقة .. حيث إن الصداقة الافتراضية لا تقوم على معلومات حقيقية في الغالب وليس لها معيار موضوعي في الاختيار فقد يوافق الشاب على صداقة فتاة لمجرد أنه أعجبه جمالها أو أنها صديقة مشتركة لعدد من الأصدقاء الحقيقيين الذين يتواصل معهم في حياته الواقعية كما قد تقبل الفتاة بصداقة شاب لوسامته أو لأنه صديق مشترك مع إحدى الصديقات الثقة وغير ذلك من المعايير التي لا تستند على الأخلاق أو توافق الشخصيات والطباع.
الغريب أن معظم مستخدمي الانترنت يختلفون في طبيعتهم الواقعية عن مثيلتها الافتراضية وذلك نتيجة تحررهم من القيود الذي يفرضها عليهم الواقع .. وهذا يجعل الصداقة هشة وغير حقيقية .. ويظهر ذلك من خلال المجاملات وعبارات الإطراء التي يطلق الشخص لها العنان لأحد أصدقائه على منشوراته على مواقع التواصل الاجتماعي ثم نجده في الواقع يدير له ظهره ولا يقبل حتى فكرة مصافحته.
للأسف الثورة التكنولوجية الحديثة ساهمت بشكل تدريجي في تغيير منظومة القيم والأخلاق وهذا بالتأكيد له تأثير سلبي على استقرار وترابط المجتمع ويؤدي إلى حدوث خلل وتشويش لعقول الناشئة ويجعلهم مختلين نفسيا .. وإذا اتخذنا الصداقة مثالا سنجد أنها فن ولابد أن تقوم على الخلق الإنساني الرفيع وليس المصالح أو المجاملات حتى تحقق توافق الفرد واستقرار المجتمع.
إننا في حاجة لاستعادة منظومة الأخلاق والقيم من جديد والتأكيد على غرس كل قيمة في نفوس أبنائنا حتى يظل مجتمعنا متماسكا وقويا ومستقرا.

* * *
حروف جريئة
يبدو أن الأمور انقلبت رأسها على عقب .. فبعد أن كانت أبواق الإعلام الغربي تطلق التحذيرات تلو الأخرى لتثير الخوف في مجتمعاتها من تدفق الإرهابيين وسط اللاجئين العرب .. انعكست الآية وحذرت جامعة الدول العربية من خطورة تنامي ظاهرة تدفق الإرهابيين الأجانب على المنطقة العربية حاملين الأموال والسلاح لزعزعة استقرارها .. الظاهرة تستحق الاهتمام ويجب محاربتها فالمنطقة لا ينقصها عنف وإرهاب.

الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في أفريقيا الوسطى قدمت نموذجا للتعايش الإنساني الراقي بين المسلمين والمسيحيين وانتشار روح المواطنة وتغليب مصلحة الوطن العليا بعيدا عن الخلافات الطائفية المقيتة فرغم أن عدد المسملين لا يتعدى 10% من عدد السكان إلا أن مسلما ترشح للانتخابات الرئاسية وأدار الحملة الانتخابية مسيحيون .. وفي مشهد مشابه التف المسلمون حول مرشح مسيحي .. ليت العرب يستفيدون من هذا النموذج الراقي في المواطنة والتعايش.

دولة المغرب الشقيقة رفعت حجم جهودها في الاعتماد على الطاقة النظيفة حيث تهدف إلى إنتاج 42% من حاجتها للكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة بحلول 2020 كما وضعت هدفا آخر للوصول بتلك النسبة إلى 52 بالمائة بحلول عام 2030 .. نتمنى أن تحذو جميع دول العالم حذو المغرب حتى نقلل من ظاهرة الاحتباس الحراري.

ما يقوم به تنظيم داعش من سبي النساء المسيحيات والأيزيديات واسترقاقهن وبيع الحرائر منهن وتقنين الاغتصاب والإكراه على البغاء لا يمت للدين بصلة .. فقد حرم ديننا الحنيف الرق وانتهاك الأعراض وأمر باحترام النساء وإكرامهن.

* * *

مسك الختام
قال تعالى : "ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام".