البنك الدولي يتوقع ارتفاع عدد الفقراء الجدد بسبب جائحة كورونا

الحدث الجمعة ١٩/فبراير/٢٠٢١ ١٢:٣٧ م
البنك الدولي يتوقع ارتفاع عدد الفقراء الجدد بسبب جائحة كورونا
الفقر

مسقط - الشبيبة

لما كان هذا العام الجديد يحمل في طياته بصيصا من الأمل في مكافحة جائحة كورونا، فإننا ننظر إلى ما فات ونتحسس أثر هذه الجائحة على أوضاع الفقر في عام 2020. ففي أكتوبر/تشرين الاول 2020، عندما كنا نعتمد على توقعات النمو الواردة في تقرير الآفاق الاقتصادية العالمية لشهر يونيو/حزيران، قدرنا أن ما بين 88 و115 مليون شخص في جميع أنحاء العالم سيقعون في غيابات الفقر المدقع في عام 2020. وباستخدام التوقعات الواردة في هذا التقرير في يناير/كانون الثاني 2021، يتوقع البنك الدولي  الآن أن يرتفع عدد الفقراء الجدد بسبب جائحة كورونا إلى ما بين 119 و124 مليون. وهذه التقديرات تتماشى مع التقديرات الأخرى المستندة إلى توقعات النمو البديلة في الآونة الأخيرة.

وكما ورد في تقديرات البنك الدولي السابقة، يُحسب عدد الفقراء الجدد بسبب جائحة كورونا بأنه الفرق بين معدل الفقر المتوقع في ظل وقوع الجائحة ومعدل الفقر المتوقع دون وقوع الجائحة. وعندما نحدد التوقعات الخاصة بأوضاع الفقر في ظل جائحة كورونا، نستخدم توقعات النمو الواردة في تقرير الآفاق الاقتصادية العالمية في يناير/كانون الثاني 2021، وبالنسبة للعالم دون وقوع جائحة كورونا، نستخدم توقعات النمو التي صدرت في يناير/كانون الثاني 2020.[1] ومن المهم التنويه إلى أنه على الرغم من أننا "ننظر إلى ما فات" في عام 2020 ، فإن تقديراتنا لا تزال تعتمد على التقديرات الاستدلالية المأخوذة من الدراسات الاستقصائية للأسر المعيشية التي سبقت عام 2020.

ومن نافلة القول أن الزيادة المقدرة في معدلات الفقر العالمية في عام 2020 لم يسبق لها مثيل حقا. ويبين الشكل 1 معدل التغير السنوي في عدد الأشخاص الأشد فقرا في العالم من عام 1992 إلى عام 2020. ويمثل كل شريط العدد الصافي للأشخاص الذين إما نجوا من براثن الفقر المدقع إذا كانوا فقراء في العام الماضي أو وقعوا في غيابات الفقر المدقع إذا لم يكونوا فقراء في السنة السابقة. وقبل جائحة كورونا، كانت الزيادة الأخرى الوحيدة الناجمة عن أزمة في عدد الفقراء على الصعيد العالمي في العقود الثلاثة الماضية بسبب الأزمة المالية الآسيوية، التي زادت أعداد الفقراء المدقعين بمقدار 18 مليون شخص في عام 1997، و 47 مليون شخص آخر في عام 1998. وفي العقدين الماضيين منذ عام 1999، انخفض عدد الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع في جميع أنحاء العالم بأكثر من مليار شخص. ومن المتوقع أن يسير جزء من هذا النجاح في الحد من الفقر في الاتجاه المعاكس بسبب جائحة كورونا. وللمرة الأولى منذ 20 عاماً، من المرجح أن يزداد معدل الفقر زيادة كبيرة. وتشير التقديرات إلى أن جائحة كورونا ستزيد من معدلات الفقر المدقع ما بين 88 مليون شخص (تقديرات أولية/خط الأساس) و 93 مليون (تقديرات ثانوية/ اتجاه سلبي) في عام 2020. وبالنظر إلى أولئك الذين لولا الجائحة لتمكنوا من الإفلات من براثن الفقر المدقع ولكنهم وقعوا في غيابات الفقر المدقع بسبها (حوالي 31 مليون شخص في عام 2020)، فإن مجموع الفقراء الجدد الناجم عن هذه الجائحة في عام 2020 يقدر بنحو 119 إلى 124 مليون شخص.

وباستخدام توقعات النمو المختلفة التي كانت متاحة في عام 2020، يُظهر الشكل 2 التغير في العدد المقدر للفقراء الجدد بسبب جائحة كورونا في عام 2020 ومساهمة كل منطقة في هذا العدد. وأدى تفاقم أثر هذه الجائحة إلى تغيير كبير في توقعاتنا على مدار هذا العام، لا سيما عند مقارنتها بمعدلات النمو في أبريل/نيسان (على الرغم من أن الزيادة بحسب تقرير الآفاق الاقتصادية العالمية عن الفترة من يونيو/حزيران إلى يناير/كانون الثاني هي أقل من هذه المعدلات). وكان السبب وراء ذلك في المقام الأول هو التوقعات التي أشارت إلى تفاقم الوضع في منطقة جنوب آسيا، وقد غيرت هذه التوقعات أيضاً الصورة الخاصة بالفقراء الجدد في هذه المنطقة بسبب الجائحة. ومن المهم الإشارة إلى أن تقديرات أوضاع الفقر في منطقة جنوب آسيا في السنوات الأخيرة، حتى قبل حدوث هذه الجائحة، لم تكن تستند إلى قدر كبير من اليقين بسبب عدم وجود بيانات استقصائية جديدة عن الأسر المعيشية في الهند منذ 2011/2012.[2]

وباستخدام توقعات معدلات النمو من شهر أبريل/نيسان 2020 في إطار خط الفقر البالغ 1.90 دولار في اليوم، تشير تقديراتنا إلى أن 62 مليون شخص سيقعون في براثن الفقر المدقع على مستوى العالم في عام 2020، مع مساهمة منطقة جنوب آسيا ومنطقة أفريقيا جنوب الصحراء بنحو 40% من هذا العدد. وقمنا بتنقيح التقديرات العالمية إلى ما بين 88 و115 مليون نسمة باستخدام توقعات معدلات النمو في يونيو/حزيران 2020، مع وجود نحو 50% من الفقراء الجدد في منطقة جنوب آسيا. وباستخدام توقعات يناير/كانون الثاني 2021، تشير تقديراتنا الآن إلى أن عدد الفقراء الجدد على مستوى العالم سيكون ما بين 119 إلى 124 مليون شخص، منهم نحو 60% يعيشون في منطقة جنوب آسيا.

وتظهر الزيادة في عدد الفقراء أيضا عند خط الفقر الذي يبلغ 3.20 دولارات. وعند خط الفقر البالغ 3.20 دولارات، زاد عدد الفقراء الجدد على مستوى العالم بناء على سيناريوهات خط الأساس حسبما ورد في تقرير الآفاق الاقتصادية العالمية من 175 مليون إلى 228 مليون شخص (من يونيو/حزيران 2020 إلى يناير/كانون الثاني 2021) ، ويرجع معدل الزيادة إلى منطقة جنوب آسيا. وعند خط الفقر البالغ 5.50 دولارات، لا تزيد التغيرات السلبية على مستوى التقديرات العالمية، حيث إن تقديراتنا الجديدة تقع في الواقع ضمن النطاق الذي قدرناه استنادا إلى تقرير الآفاق الاقتصادية العالمية لشهر يونيو/حزيران. ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى آفاق أفضل من المتوقع بالنسبة لمنطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ في مقابل الاتجاه التصاعدي لمنطقة جنوب آسيا.

ومما لا شك فيه أن عام 2020 كان عاماً صعباً على نحو استثنائي في التاريخ الحديث. وعلى الرغم من التقدم الذي تم إحرازه في تطوير اللقاحات، لا يبدو أن الزيادة في معدلات الفقر في العام الماضي ستتراجع في عام 2021. ويعرض الشكل 3 التنبؤات الآنية لأوضاع الفقر حتى عام 2021 استنادا إلى سيناريو ما قبل كورونا والسيناريو الأول الخاص بكورونا والسيناريو الثاني الخاص بكورونا باستخدام التقديرات الواردة في تقرير الآفاق الاقتصادية العالمية الصادر في يناير/كانون الثاني 2021. وكما ورد أعلاه، يُقدر عدد الفقراء الجدد في العالم بسبب جائحة كورونا بنحو 119 إلى 124 مليون شخص في عام 2020. وفي عام 2021، من المتوقع أن يرتفع عدد الفقراء بسبب هذه الجائحة إلى ما بين 143 و163 مليون شخص. وعلى الرغم من أن تقديرات عام 2021 لا تزال أولية، فإنها توضح أن هذه الأزمة لن تكون قصيرة الأجل بالنسبة لملايين الناس في جميع أنحاء العالم. وفي أعقاب الأزمة المالية الآسيوية (انظر الشكل 1)، نجا 42 مليون شخص من براثن الفقر المدقع في عام 1999، وفي المتوسط، نجا 54 مليون شخص من براثن الفقر المدقع سنويا في العقدين السابقين لجائحة كورونا. ويحدونا الأمل في أن يكون العام القادم أفضل بكثير مما نتوقعه في بداية هذا العام، عندما نراجع ما تحقق في عام 2021 في نهاية المطاف. لكن التراجع المستمر في معدلات آفاق النمو التي شهدناها العام الماضي قد تشير إلى غير ذلك. ويمثل عدم المساواة مخاطر سلبية أخرى لم نتناولها هنا (بافتراض أن معدلات عدم المساواة لم تتغير)، غير أن هذه الجانب قد نُوقش بمزيد من التفاصيل في مواضع أخرى. ولعل اليقين الوحيد في هذه الأزمة أنها لم يسبق لها مثيل حقا في التاريخ الحديث.