الخبراء بين مطرقة الأمانة وسندان الأتعاب

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ١٨/يناير/٢٠٢١ ٠٩:٠٩ ص
الخبراء بين مطرقة الأمانة وسندان الأتعاب

بقلم: علي المطاعني..



الأهمية التي يمثلها (الخبراء) الذين عرفهم القانون بأنهم أعوان القضاة في تحقيق العدالة وفي إحقاق الحق وكما يحب ربنا ويرضى، وبذلك لابد أن يكون كالقاضي تماما محايدا ونزيها وشريفا وعادلا عبر ما يُسند عليه من أعمال متخصصة ودقيقة جدا لا يستطيع القضاة البت فيها بدون تقاريرهم المتخصصة والمفصلة.

ورغم أهميتهم وجدواهم في إرساء كرسي العدل والعدالة، إلا إنهم وللآسف يعانون ويشكون في تقدير أتعابهم المالية المستحقة نظير جهدهم وعرقهم وسهرهم في التنقيب عن الجزئيات وفي البحث في التفاصيل الدقيقة في القضايا المحالة إليهم ليقدموا القضية جاهزة للقاضي ليتخذ قراره العادل.

فمعاناتهم تكمن في تقدير أتعابهم التي ينظر إليها من طرف خفي بإعتبارها بخسة ولا تساوي حتى قيمة الحبر الذي يكتبون به تقاريرهم، يحدث ذلك في كل القضايا المحالة إليهم كل حسب إختصاصه من تجارية وهندسية وفنية وعمالية إلخ والنتيجة الحتمية في هكذا واقع هو دفعهم للزهد في هكذا مهمة وفي هكذا عمل فليس هناك مايرغمهم على بذل الجهد والعرق بغير أجر يساوي حجم الجهد ومقدار العرق، فهم على ذلك يهربون وينأون بأنفسهم من هذه المهمة عديمة الجدوى، ولنا أن نصدق بأنهم ورغم الأجر الضئيل الذي يتقاضونه والمقترن بتأخير روتيني.

الأمر الذي يتطلب من جهات الإختصاص ووزارة العدل والشؤون القانونية ومجلس الشؤون الإدارية للقضاء النظر في هذا الموضوع بعناية لما يمثله من أهمية في الإرتقاء بالأعمال القضائية ولجدواه في إرساء كرسي العدالة واجب الأحترام.

بلاشك أن القضايا المعقدة والمتشابكة الخيوط والتي تنظرها المحاكم يتعين معها وجود الخبراء لفك الطلاسم وإزاحة كوابيس الحيرة أمام القاضي، فوجوده يعد حيويا ولذلك فهو يؤدي قسم اليمين القانونية قبل البدء في مهام العمل، وجميعنا يعني ماذا يعني القسم على كتاب الله عز وجل، ثم هم يخضعون أيضا للمتابعة والتحقق، وينالون عقوبات نظير أي خطأ أو تأخير في رفع تقاريرهم، وبإعتبار أن مهامهم لا تقبل أنصاف الحلول.وبما إنه من أخذ الأجر حاسبه الله بالعمل، وأيضا فان من أخذ العمل حاسبة الله بالأجر تلك هي أصول العدالة في عرف الدين.

هنا فإن وجود الإطار القانوني الذي يحدد أتعاب الخبراء بأتت مسألة بالغة الأهمية ووفقا لتصنيف القضايا وقيمة المطالبات أو وفقا للأجر بالساعات أو اليوم، أو وفقا للألية التي يتطلبها التقرير المطلوب أو وفقا للتناقص بين المكاتب المسجلة لدى وزارة العدل والشؤون القانونية أو وفقا لكل قضية على حدة وليقدم الخبراء عروضهم في إطار مالي معين بعد تسمية الحد الأدني للأنطلاق منه تصاعديا.

فهذه الجوانب من الأهمية بمكان دراستها وتمحيصها بحيث تغدو واضحة المعالم وكمرتكز للعمل به في تقدير أتعاب الخبراء مستقبلا، وصولا للنقطة المتوهجة والتي تدفعهم للتعامل مع واجباتهم بحب وشغف إذ جهدهم يتساوى تماما مع قيمة الأجر الذي ينالونه، عندها يمكننا القول بأن العدالة قد إكتمل نصابها.

أن بعض الخبراء يرفضون إعداد التقارير، والنتيجة الحتمية لهذا الرفض هو تأخر البت في القضايــــــــا المرفوعـــــــة أمام المحاكم، وما يلــــــي ذلك من تضرر المتخاصمين وتكبدهم خسائر فادحة نتيجة لعدم الفصل في قضاياهم التي قد يعلقون عليها آمالا مستقبلية أو آنية.

بعد ذلك فإن المشهد العام في المحاكم نجده على هيئة تكدس القضايا وتراكمها وبمرور الأيام والسنين سنجد بأن الموقف بات كارثيا، تلك هي الصورة بكل قتامتها نصورها كما هي.

نأمل من وزارة العدل والشؤون القانونية وبالتعاون مع مجلس الشؤون الإدارية للقضاء دراسة تقدير أتعاب الخبراء وفق معايير محددة وواضحة وبعد تصنيف القضايا وتحديد نوعياتها.

وصولا للصيغة المرضية والتي تقول بلسان واضح بأن الخبراء ينالون الأجر العادل والمنصف والذي يستحقونه كخبراء محترمين لهم مكانهم المميز في العقد الفريد للعدالة بالسلطنة.